«كنت في المنزل جنوب العاصمة الفلبينية مانيلا في الثاني عشر من يناير (كانون الثاني) عندما تلقيت رسالة من صديقتي تخبرني أن بركان تال قد ثار للتو. وكان رد فعلي الأول هو عدم التصديق» بهذه الكلمات يبدأ المصور الصحافي إيزرا أكايان تقريره الذي يصف فيه تجربته في تصوير ثوران بركان «تال» بالفلبين منذ بضعة أيام.
وقال أكايان بالتقرير الذي نشرته مجلة «تايم»: «على الرغم من أن هذا البركان يعتبر نشطاً، إلا أنه لم يسبق لي أن رأيته أو تخيلت أنه سينفجر. كان آخر ثوران كبير للبركان في عام 1977، أي قبل مولدي». وتابع: «لقد نشأت في قضاء الكثير من عطلات نهاية الأسبوع مع العائلة والأصدقاء في رحلات إلى تاجايتاي القريبة للاستمتاع بمنظر البركان. وسماع خبر ثورانه كان أمراً سريالياً للغاية».
وأوضح أكايان أنه قام حينها بالاتصال بمديره، وألقى أجهزته في السيارة وبدأ رحلة مدتها 90 دقيقة إلى مدينة تاليساي المطلة على بحيرة قريبة من البركان. وأضاف «بمجرد وصولي، اختلط سقوط الرماد مع المطر، وتحول إلى طين. وفي غضون ثوان، اختفت الرؤية وانكسرت مساحات زجاج سيارتي. فتركت السيارة وركضت إلى البحيرة، حيث كان السكان يشاهدون إطلاق البركان لعمود رماد عملاق». وتابع: «قبل حلول المساء بقليل، اتخذت قراراً بالسفر إلى أرض مرتفعة في أسرع وقت ممكن. في تلك الليلة بعد مغادرتي، تُرك الكثير من السكان عالقين في تاليساي بلا طعام أو ماء. كما ودمرت المنازل والمباني بسبب سقوط الرماد الغزير، وكان رجال الإنقاذ يواجهون صعوبة في إجلاء السكان، حيث أصبحت الطرق غير سالكة».
وأشار أكايان إلى أنه مع مرور الوقت، أصبح الدمار الناجم عن ثوران البركان أكثر وضوحاً، وقال: «كنت سأكون واحداً من الذين تقطعت بهم السبل لو أنني لم أغادر عاجلاً».
وغادر المصور المنطقة قبل حلول الظلام، وقطع مسافة 30 دقيقة بالسيارة على الطريق السريع المغطى بالطين. وكان الظلام كاملاً بحلول الوقت الذي وصل فيه إلى تاجايتاي. وقال: «حتى المصابيح الأمامية للسيارات كانت تواجه صعوبة في إضاءة الشوارع حيث كانت مغطاة بالرماد أيضاً. عندما وصلت إلى فندق، كان السياح يحاولون المغادرة. لقد كان الوضع فوضوياً ويائساً».
وبعد تقديم مجموعته الأولى من الصور، حاولت أكايان البحث عن مكان لشراء المواد الغذائية والإمدادات، لكن جميع المتاجر أغلقت أبوابها بالفعل. وتابع: «كانت حركة المرور التي تغادر المدينة كثيفة، لذا اخترت البقاء. اضطررت إلى الاستقرار ومحاولة الاكتفاء بقطعة الشوكولاته التي امتلكتها حينها».
وفي اليوم التالي، استأجر أكايان قارب صيد وسافر إلى الجزيرة التي حددتها السلطات كمنطقة خطر دائمة. وقال: «ما استقبلني كان التالي: جثث لا تعد ولا تحصى للأبقار والخيول». وأضاف «كانت الجزيرة مدينة أشباح، مثل مشهد من فيلم. الكثير من المنازل كانت مدمرة بالكامل. كان هناك أشجار محترقة في كل مكان. والخيول التي كانت تنقل السياح في جميع أنحاء الجزيرة نفقت، ودفنت في قبور الرماد».
وبدأ بركان «تال» في إقليم باتانجاس الذي يقع 66 كيلومترا جنوب مانيلا في منتصف بحيرة تحمل الاسم نفسه، في نفث الرماد بشكل متقطع يوم الأحد الماضي، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وسمحت الشرطة الفلبينية للسكان الذين تم إجلاؤهم بالعودة إلى منازلهم للاطمئنان على ممتلكاتهم اليوم (الخميس)، كنوع من «تخفيف التوتر» وسط استمرار التهديد من خطر بركان «تال».
وأفادت السلطات أمس (الأربعاء) بأن أكثر من 82 ألف شخص نزحوا بسبب النشاط البركاني. وبقيت أربع مدن حول البركان مغلقة، حيث تم إغلاق الطرق المؤدية إليها.
وأفاد المعهد الفلبيني لعلوم البراكين والزلازل بأن نشاط البركان «تراجع بشكل عام» إلى انبعاث ضعيف لغبار بركاني محمل بالبخار، مما قد يعني فترة هدوء طويلة.
«مشهد من فيلم»... مصور يصف ثورة بركان «تال» بالفلبين (صور)
«مشهد من فيلم»... مصور يصف ثورة بركان «تال» بالفلبين (صور)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة