مصر تدشّن أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر

افتتحها السيسي بحضور خالد بن سلمان ومحمد بن زايد

مصر تدشّن أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر
TT

مصر تدشّن أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر

مصر تدشّن أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر

تزامناً مع توترات إقليمية متصاعدة، دشنت مصر أمس أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر «في زمن قياسي»، بحسب وصف المتحدث الرئاسي المصري بسام راضي، الذي اعتبرها «قوة عسكرية ضاربة في البر والبحر والجو»، رابطاً تدشينها بـ«متغيرات إقليمية ودولية».
وتقع قاعدة «برنيس» العسكرية على ساحل البحر الأحمر، بالقرب من الحدود الجنوبية شرق مدينة أسوان.
ومنذ مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، تشهد القوات المسلحة المصرية استنفاراً واسعاً، عبر مناورات عسكرية بحرية وجوية وبرية، وإعادة انتشار للقوات في مناطق مختلفة، تزامنت مع توترات متنامية مع تركيا، على صلة بالنزاع على الطاقة في منطقة شرق المتوسط، وتطورات الأوضاع في ليبيا، فضلاً عن تعثر مفاوضات مصر مع إثيوبيا بخصوص «سد النهضة».
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قاعدة «برنيس»، بحضور عربي ودولي لافت، ضم الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، وأرمين سركيسيان رئيس أرمينيا، وبويكو بوريسوف رئيس وزراء بلغاريا، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، الذي اعتبرها تعزيزا لـ«دور مصر المحوري في منظومة الأمن العربي والاستقرار الإقليمي».
وجاء الإعلان عن القاعدة بشكل مفاجئ، فسره المتحدث الرئاسي المصري بأن «إنشاءها جاء في زمن قياسي خلال أشهر معدودة، لتكون إحدى القلاع العسكرية المصرية على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي، بقوة عسكرية ضاربة في البر والبحر والجو»، كما ربطه بـ«مختلف المتغيرات الإقليمية والدولية»، ورغبة القاهرة في «تعزيز التصنيف العالمي للقوات المسلحة المصرية بين مختلف الجيوش العالمية».
ووفقا للمخطط، تسعى مصر عبر القاعدة العسكرية إلى «حماية وتأمين السواحل الجنوبية، وحماية الاستثمارات الاقتصادية والثروات الطبيعية، ومواجهة التحديات الأمنية في نطاق البحر الأحمر»، فضلاً عن «تأمين حركة الملاحة العالمية عبر محور الحركة من البحر الأحمر، وحتى قناة السويس والمناطق الاقتصادية المرتبطة بها».
وتضم «برنيس»، التي تبلغ مساحتها 150 ألف فدان، قاعدة بحرية وأخرى جوية ومستشفى عسكريا، وعددا من الوحدات القتالية والإدارية وميادين للرماية والتدريب لجميع الأسلحة، كما تضم رصيفاً تجارياً ومحطة استقبال ركاب، وأرصفة متعددة الأغراض وأرصفة لتخزين البضائع العامة، وأرصفة وساحات تخزين الحاويات، بالإضافة إلى مطار برنيس الدولي ومحطة لتحلية مياه البحر.
وجاء افتتاح القاعدة بعد أكثر من عامين على افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية (شمال مصر). وبحسب المتحدث الرئاسي فإنه «تم إنشاؤها في إطار استراتيجية التطوير والتحديث الشامل للقوات المسلحة المصرية، لتعلن جاهزيتها لكل المهام، التي توكل إليها على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي».
وقال ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في تغريدة له على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) إن «قاعدة برنيس العسكرية ومطارها المدني يعزز دور مصر المحوري في منظومة الأمن العربي والاستقرار الإقليمي».
وأضاف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن القوات المسلحة المصرية «ليست حصنا لمصر فقط، وإنما هي قوة لكل العالم العربي، لأن قوة مصر هي قوة للعرب جميعا»، مضيفا أن مصر بقواتها المسلحة القوية والمتطورة «تمثل عنصر استقرار وسلام في المنطقة».
وأكد الشيخ محمد بن زايد أن العلاقات بين الإمارات ومصر «أخوية واستراتيجية، وتتسم بعمقها وتجذرها على المستويين الرسمي والشعبي في ظل الرؤى المتسقة بين قيادتيهما، والحرص المشترك على التشاور المستمر حول القضايا والملفات والتحديات في البيئتين الإقليمية والدولية، والإيمان بوحدة الهدف والمصير».
وهنأ ولي عهد أبوظبي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بافتتاح قاعدة «برنيس» في نطاق المنطقة الجنوبية العسكرية، مشيدا بإمكاناتها وتجهيزاتها المتطورة، وما تمثله من إضافة نوعية مهمة للقدرات العسكرية المصرية، ودعم لحرية الملاحة وأمنها في منطقة البحر الأحمر، إضافة إلى أهميتها في خدمة مشروعات التنمية، بما تضمه من رصيف بحري ومطار ومحطة لتحلية المياه.
كما أوضح الشيخ محمد بن زايد أن تعزيز القدرات العسكرية المصرية والعربية «يسهم في حماية المكتسبات التنموية لشعوب المنطقة، ويوفر البيئة الآمنة للتطور الاقتصادي والحضاري، وتعزيز الأمن والسلم، ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى العالمي أيضا، وذلك بالنظر إلى ما تمثله المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط من أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة إلى أمن العالم كله ومصالحه».
وعلى هامش افتتاح القاعدة، شهد الرئيس السيسي ومرافقوه المرحلة الختامية لمناورة «قادر 2020»، التي تجري منذ أيام على كل الاتجاهات الاستراتيجية وساحلي البحرين الأحمر والمتوسط، بمشاركة حاملة المروحيات «ميسترال»، والسفن القتالية والغواصات وقوات الإنزال البرمائي، ومختلف أنواع المقاتلات متعددة المهام والمروحيات الهجومية بالقوات الجوية.
ودخلت مصر في توترات مع تركيا بعدما قامت خلال الأعوام القليلة الماضية بترسيم حدودها البحرية مع بعض دول المتوسط من أجل التنقيب عن الغاز والنفط، وهي الاتفاقيات التي رفضتها أنقرة، وردت باتفاقية مع الحكومة الليبية في طرابلس، أشعلت الأوضاع في ليبيا. وفي تطور لافت على صلة، قال وزير البترول المصري طارق الملا، في تصريحات لصحيفة «الوطن» المحلية، أمس، إن بلاده ستعلن خلال الأسابيع القليلة المقبلة عن الشركات، التي ستنقب عن النفط غرب البحر المتوسط، للمرة الأولى.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.