واشنطن تلوّح بمزايا اقتصادية لحل أزمة «سد النهضة»

ترمب يلتقي وزراء الخارجية والموارد المائية لدول مصر والسودان وإثيوبيا بهدف دفعهم لتجاوز الخلافات

جانب من اجتماع ترمب بوزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة في واشنطن أول من أمس (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية)
جانب من اجتماع ترمب بوزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة في واشنطن أول من أمس (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية)
TT

واشنطن تلوّح بمزايا اقتصادية لحل أزمة «سد النهضة»

جانب من اجتماع ترمب بوزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة في واشنطن أول من أمس (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية)
جانب من اجتماع ترمب بوزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة في واشنطن أول من أمس (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية)

التقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزراء الخارجية والموارد المائية لدول مصر وإثيوبيا والسودان، مساء أول من أمس، في محاولة لرأب الصدع، والضغط لحل الخلافات بين الدول الثلاث حيال «سد النهضة»، بعد ماراثون مفاوضات شاقة، دام يومين وامتد أمس ليوم ثالث، وسط تكتم شديد بين كل الأطراف.
وقال البيت الأبيض في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إن «ترمب أمد دعم الولايات المتحدة لاتفاق تعاون مستدام ومفيد لكل الأطراف، والولايات المتحدة ترغب في أن تحقق الدول الثلاث ازدهارا»، معربا عن أمله في أن تغتنم كل دولة هذه الفرصة للعمل معا «حتى تنجح الأجيال القادمة، وتستفيد من موارد المياه الحيوية».
وأعنت وزارة الخزانة الأميركية تمديد المحادثات ليوم ثالث (أمس الأربعاء)، وذلك في محاولة يائسة لحلحلة المواقف المتصلبة بين المطالب المصرية والعناد الإثيوبي. وقالت مصادر بالخزانة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخزانة ستيفن منوشين ومدير البنك الدولي ديفيد مليباس اجتمعا مع وزراء الخارجية، ووزراء الموارد المائية في الدول، أول من أمس، مبرزا أن «النقاشات كانت إيجابية، ولا يزال التقدم مستمرا».
وبدا أن دخول ترمب على خط المحادثات محاولة أخيرة للضغط على كل من مصر وإثيوبيا للتوصل إلى حل حول النقاط الخلافية، المتعلقة بسنوات ملء الخزان أمام السد، وإدارة السد خلال سنوات الجفاف، وسنوات الفيضان، وإصرار الجانب المصري على حصته العادلة في مياه النيل، ومحاولة خافتة من البيت الأبيض للتلويح بمزايا اقتصادية تحقق الازدهار للدول الثلاث، في حال توصلها لحل تفاوضي، والتشديد على أن «تغتنم وتستغل» الدول الثلاث هذه الفرصة للتوصل إلى حلول.
وكان وزراء الدول الثلاث قد عقدوا اجتماعات متواصلة يومي الاثنين والثلاثاء، شهدت كثيرا من الخلافات، وسط عرض مفصل للجوانب الفنية والاتفاقات، التي تحاول إثيوبيا التملص منها بادعاء أنها اتفاقات تم توقيعها أثناء فترة الحقبة الاستعمارية، ولم تكن فيها دولة مستقلة. وقد حاول الجانب الإثيوبي التمسك بحقة في ملكية وإدارة مياه النيل الأزرق، باعتبارها موردا طبيعيا تتعامل معه كحق سيادي، كما يتم التعامل مع حقول النفط والغاز.
وعرض الجانب المصري كثيرا من الخرائط والتقارير، التي تشير إلى عيوب في السد، ومخاطر تعنت الموقف الإثيوبي على حصة مصر من المياه، ومخاطر بوار الأراضي الزراعية المصرية، إلى جانب التأثيرات على الاقتصاد المصري، الذي يعتمد بصورة أساسية على قطاع الزراعة. وطالب الجانب المصري بوضع التزامات ملزمة، يتم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، وترتبط بجدول زمني ورقابة من الوسيط الأميركي والبنك الدولي، فيما يتعلق بفترات الجفاف والفيضان وفترة ملء الخزان، وإلزام الجانب الإثيوبي بإلزامات تؤكد عدم تعرض حصة مصر من المياه لانتكاسات فور استكمال بناء السد. فيما بدا الجانب السوداني أكثر اتزانا، ومحاولة لتحقيق التوافق بين مصالحه مع إثيوبيا ومصالحه مع مصر.
وعرض البنك الدولي اقتراحات تتعلق بتنظيم زيارات لخبراء من البنك الدولي لمتابعة بناء السد، وتقديم مقترحات حول النقاط الخلافية. كما عرض مدير البنك ديفيد مليباس فرص مشروعات لإدارة الهادر في المياه، ومشروعات أخرى لتحلية مياه البحر، ومشروعات تنموية في كل بلد على حدة، علاوة على مشروعات جماعية للدول الثلاث ودول حوض النيل. وأوضح البنك الدولي أنه لا بد من توافر الاتفاق السياسي، والموافقة بين الدول الثلاث ليتم طرح أي مشروع قيد التنفيذ.
وتحاول إثيوبيا حشد بقية الدول الأفريقية المجاورة لها في محاولة للضغط على مصر، حيث طلب رئيس وزراء إثيوبيا من رئيس جنوب أفريقيا التدخل لحل النزاع مع مصر، فيما تتواصل مع دول مثل كينيا والصومال. كما تروج إثيوبيا داخل الدوائر الأميركية لحاجتها الشديدة إلى توليد الكهرباء من السد، الذي يعد أكبر هيدروليكي في أفريقيا، وتنفيذ عدد من المشروعات التنموية، وترغب في استغلال السد كوسيلة اقتصادية لبيع المياه إلى الدول الأخرى.
ويقام السد الإثيوبي على النيل الأزرق، وقد اكتمل بناء نحو 70 في المائة منه. ويعد النيل الأزرق، الذي يتدفق من إثيوبيا إلى السودان، أحد أهم الروافد الرئيسية، حيث ينضم إلى النيل الأبيض بالقرب من العاصمة السودانية الخرطوم ليشكل نهر النيل. كما يشكل النيل الأزرق 85 في المائة من مياه النيل.
وتقول مصادر مقربة من المحادثات إن هناك مسارين يمكن لمصر أن تحقق بهما تأثيراً كبيراً من خلال حملة دعائية كبيرة. تشير إلى التأثيرات السلبية التي وقعت بالفعل جراء بناء سد النهضة الإثيوبي، من بوار الأراضي المصرية (هناك بالفعل تأثير كبير على الأراضي في مناطق مثل كفر الشيخ والبحيرة)، وهذه الحملة سيكون لها تأثير على القارة الأوروبية من خلال التلويح بعدم القدرة على الوفاء بالعقود المتعلقة بتصدير المنتجات الزراعية المصرية إلى أوروبا، لكن العنصر الأهم والأكثر تأثيرا على أوروبا هو المخاوف من حدوث موجة من الهجرة غير الشرعية من الفلاحين المصريين عبر القوارب في البحر الأبيض إلى شواطئ أوروبا.
أما المسار الأكثر احتمالا فهو محاولة الجانب المصري حث الإدارة الأميركية على التدخل بشكل سريع، بحيث يقوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدعوة رؤساء الدول الثلاث إلى اجتماع في البيت الأبيض لتوقيع اتفاق برعاية أميركية. ومن المتوقع أن يتم ذلك في شهر أبريل (نيسان) المقبل، بحيث تستفيد الإدارة الأميركية والرئيس ترمب بشكل خاص من الظهور بمظهر صانع السلام، والقادر على تحقيق انفراجة، وتجنب الحرب، ودفع الدول الثلاث إلى إنهاء حالة التشاحن والوصول لاتفاق، يساعده خلال عام الانتخابات الرئاسية الأميركية، ويتفاخر بفضله بأنه رجل الصفقات.
وتعول مصر على اهتمام الرئيس الأميركي بحلحلة الأزمة، حيث أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري، في بيان أمس، عن تقدير بلاده لاهتمام ترمب بـ«هذا الملف الحيوي، وللجهد البناء الذي يضطلع به وزير الخزانة الأميركي وفريقه المعاون».
ومع تمديد مفاوضات واشنطن ليوم ثالث، أبدت الخارجية المصرية مرونة لمواصلة التفاوض لأكثر من ذلك، مشيرة إلى «استعدادها لمواصلة التفاوض في غضون الأيام المقبلة، وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، يحقق مصالح الدول الثلاث، ويحفظ حقوقها، ويؤمن مصالح مصر المائية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.