كتائب الظل والأمن الشعبي... تهديد خفي يواجه الحكومة الانتقالية

TT

كتائب الظل والأمن الشعبي... تهديد خفي يواجه الحكومة الانتقالية

تناقلت وسائط إعلامية سودانية خلال أيام اندلاع الثورة ضد حكم الرئيس المعزول عمر البشير، تسجيلا صوتيا لنائب الرئيس الأسبق، علي عثمان محمد طه، الذي يقبع حالياً في السجن، بتهديده للمحتجين والثوار بما سماه في ذلك الوقت «كتائب الظل». والاسم بالطبع يشير إلى قوات غير نظامية وسرية مكونة من إسلاميين تتجمع جميعها تحت لافتة «الأمن الشعبي»، وشاركت بمختلف صنوفها وأسمائها في قمع المحتجين السلميين طوال عمر النظام، وارتكبت الكثير من الفظائع عبر الملثمين والسيارات رباعية الدفع من دون لوحات.
كتائب الظل ليست وحدها، هي القوات التي اعتمد عليها الإسلاميون في السودان في قمع المواطنين، طوال فترة حكمهم الممتدة لثلاثين عاماً، فهناك «الأمن الطلابي»، وهو جهاز غير رسمي يتبع لتنظيم الإسلاميين، يتم تسليحه وتمويله لقمع الاحتجاجات الطلابية بشكل أساسي، والمشاركة في قمع الاحتجاجات في البلاد بشكل عام، وتنسب له الكثير من الفظائع الممثلة في قتل الطلاب وإلقاء القبض عليهم وسجنهم - في بعض الأحيان - في معتقلات خاصة بهم داخل الجامعات.
وهناك قوات «الدفاع الشعبي» شبه الرسمية، وهي قوات أنشأها الرئيس المعزول عمر البشير في بدايات حكمه 1989 بموجب القانون هي محسوبة على القوات المسلحة السودانية، بيد أنها على صلة قوية بـ«الجبهة القومية الإسلامية»، وتكونت في الأصل من ميليشيات إسلامية، ودمجت فيها الكثير من الميليشيات القبلية، ويتجاوز عددها 15 ألف مجند فاعل، واحتياطي يقارب المائة ألف، تنتشر إلى جانب وحدات الجيش.
وبرغم سقوط نظام البشير وحل قوات الدفاع الشعبي ونزع سلاحها، فإن هذه القوات لا تزال تشكل هاجساً كبيراً للأمن والاستقرار في البلاد، وقد تجمع عدد من منسوبيها في غرب البلاد أخيراً وهددوا بقتال الحكومة ما لم تعد لهم الاعتبار والامتيازات التي فقدوها.
بجانب هذه القوات ذات الأسماء الرسمية فإن هناك كتائب أخرى شاركت في الحروب الأهلية التي خاضها نظام البشير، وأدت لانفصال جنوب السودان، ولاشتعال الحرب في ثماني ولايات من بين ولايات البلاد البالغة 18 ولاية، وأشهرها كتائب «الأهوال»، و«الأنفال» و«الدبابين» وغيرها.
ويربط هذه الميليشيات ببعضها البعض، ما يطلق عليه «الأمن الشعبي»، يعمل تحت ستار الأمن الرسمي، وينتشر في أوساط كثيرة، ويحتفظ بأسلحة مقدرة، وحرية واسعة في التصرف، وبصورة غير مرئية، ولا تعرف له قيادات محددة، ما يجعل منه خطرا ماثلا يهدد الحكومة الانتقالية، رغم الجهود الحثيثة التي بذلت لتقليم أظافره ونزع سلاحه.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.