فرنسا تدعو جميع الأطراف لاحترام وقف إطلاق النار في ليبيا

ألمانيا حددت أهدافا «واسعة» لمؤتمر برلين

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يتحدث خلال جلسة للبرلمان (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يتحدث خلال جلسة للبرلمان (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تدعو جميع الأطراف لاحترام وقف إطلاق النار في ليبيا

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يتحدث خلال جلسة للبرلمان (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يتحدث خلال جلسة للبرلمان (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان اليوم (الأربعاء) إن الجهود التي تبذلها روسيا للتوسط في وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في ليبيا لم تكن حاسمة وحث جميع الأطراف، بمن فيهم الداعمون الأجانب، إلى دعم وقف لإطلاق النار قبيل محادثات رئيسية يوم الأحد المقبل.
وقال لو دريان أمام جلسة برلمانية اليوم «لا يمكن الخروج من هذا المأزق سوى بعملية سياسية. لن يكون هناك حل عسكري... أُعلن وقف لإطلاق النار. ساد الهدوء، لكن المناقشات في موسكو لم تكن حاسمة وعلى كل طرف احترام الهدنة لأن ذلك ضروري لمؤتمر برلين يوم الأحد».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية راينر برويل، إن بلاده تأمل أن تجعل كل اللاعبين الدوليين يستخدمون نفوذهم للدفع من أجل إحراز تقدم في محادثات السلام الليبية، واضعاً طموحات لمؤتمر السلام الذي تستضيفه برلين، الأحد المقبل.
وأضاف المتحدث أن الهدف «أوسع» من مؤتمر موسكو، الذي كان يهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.
وأحجم المتحدث الألماني عن تقديم قائمة محددة بالمشاركين في مؤتمر برلين، ولم يستطع تأكيد ما إذا كان فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، سيحضران القمة يوم الأحد بعد توجيه الدعوة إليهما، لكنه قال إن الدعوات وجدت أصداء جيدة لدى المدعوين.
من جانبه، أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، اليوم، عن أمله تحقيق «حد أدنى من التوافق الدولي»، الأحد، خلال مؤتمر برلين.
وصرح سلامة لإذاعة فرنسا الدولية: «آمل أن ندخل مطلع عام 2020 بمنطق جديد يقضي بأن يؤمّن مؤتمر برلين الحد الأدنى من التوافق الدولي حول المسار الذي يجب اتباعه».
وتشارك في المؤتمر الذي ينظَّم برعاية الأمم المتحدة، الدول التي تدعم أحد طرفي النزاع أو ذات الصلة بشكل أو بآخر بعملية السلام، وبينها روسيا وتركيا والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
ويهدف المؤتمر إلى الحد من التدخلات الخارجية التي تؤجج النزاع، وتوفير ظروف مواتية لاستئناف الحوار الليبي الداخلي مع الإعلان مسبقاً عن وقف دائم لإطلاق النار.
وتساءل سلامة: «هل هناك ازدواجية لدى الدول المعنية بليبيا؟ بالتأكيد، لكن من يُخدع بذلك؟»، مشيراً إلى انتهاكات حظر الأمم المتحدة تسليم أسلحة لليبيا من «12 دولة» عام 2019.
وقال المبعوث الأممي: «لا مؤشر على نشر قوات تركية عادية، لكن يمكن أن يكون هناك خبراء عسكريون أتراك»، مضيفاً: «وبالتأكيد أرسلت عناصر من المعارضة السورية إلى ليبيا».
وعدّت تركيا، اليوم، أنه «من المبكر» الحديث عن فشل وقف إطلاق النار في ليبيا رغم رفض حفتر توقيع اتفاق رسمي خلال المفاوضات التي جرت، أول من أمس، في موسكو.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، رداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي في أنقرة: «من المبكر جداً قول ذلك». وأضاف: «لا شيء على الأرض يثبت ذلك».
وتدعم تركيا حكومة السراج وأعلنت نشرها عسكريين أتراكاً من أجل مساعدة الأخيرة في التصدي لهجمات الجيش الوطني الليبي. كما جرى الحديث عن إرسال قوات من المعارضة السورية الموالية لتركيا إلى البلاد.
وأُعلنت هدنة هشة، الأحد، بموجب اتفاق بين أنقرة وموسكو. وجرت مفاوضات لتحديد شروط الهدنة، الاثنين، في موسكو، لكن حفتر غادر العاصمة الروسية من دون توقيع الوثيقة.
ورغم ذلك أكدت روسيا، الثلاثاء، أن الهدنة مُددت «من دون تحديد مهلة لها».
وباتت الآمال معلّقة على مؤتمر دولي يُعقد، الأحد، في برلين. وتكشف الهدنة برعاية روسيا وتركيا أهمية هذين البلدين في الأزمة الليبية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.