شهدت العاصمة السودانية، أمس، حركة تمرد واسعة، في أوساط وحدات من القوات الأمن التابعة لهيئة العمليات العسكرية، التي كانت تمثل القوة الضاربة لجهاز الأمن والمخابرات، أبان النظام المعزول.
واعتبرت الحكومة السودانية ما جرى تمرداً، ودعت تلك القوات إلى تسليم أنفسهم وسلاحهم، لكن نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ذهب إلى اتهام رئيس جهاز المخابرات السابق، صلاح قوش الموجود خارج البلاد، بالتخطيط لهذه الأحداث، التي وصفها بمحاولة انقلابية، مطالباً الإنتربول بالقبض عليه، قبل أن يشير إلى مصادرة «أسلحة ثقيلة» خلال العمليات التي جرت ضد هذه القوات المتمردة التي تقدر بالعشرات.
ويبلغ تعداد قوات هيئة العمليات العسكرية، بنحو 10 آلاف أنشأها النظام السابق، وهي عالية التدريب، وتمتلك أحدث الأسلحة، وقام العشرات من هذه القوات أمس بالتمرد في عدد من أحياء العاصمة الخرطوم وبعض الولايات. وقامت بإغلاق بعض الشوارع، وأطلقت الذخيرة الحية في الهواء، وسببت حالة من الذعر والهلع وسط المواطنين، وأغلقت السلطات مطار الخرطوم لخمس ساعات.
وتحاصر القوات المسلحة والقوات النظامية بالمدرعات والأسلحة الثقيلة والخفيفة المقرات التي تسيطر عليها القوات المتفلتة بأحياء الرياض وكافوري ومقر هيئة العمليات بالخرطوم، وبمدينة الأبيض عاصمة ولاية كردفان.
وأعلنت الحكومة الانتقالية في السودان، عن تمرد هذه القوات التابعة لجهاز المخابرات العامة. وقال وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح، إن بعض المناطق بالعاصمة شهدت تمرداً، بينها منطقة كافوري بالخرطوم بحري، وسوبا، ومقر هيئة العمليات شرق المطار، كما حدثت حركة احتجاج محدودة بمدينة الأبيض، وإن القوات المسلحة والقوات النظامية قامت بالتعامل مع الموقف وتعمل على تأمين الشوارع والأحياء.
وأكد فيصل تواصل الجهات المسؤولة مساعيها «لإقناع الوحدات المتمردة بتسليم أنفسهم وسلاحهم للقوات النظامية». وقال إن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى تتعامل مع تطورات الموقف عن كثب، وتعمل على تأمين الشوارع والأحياء، مشيراً إلى وجود إصابات بين المواطنين والقوات النظامية.
وأضاف بيان الحكومة الانتقالية: «في كل الأحوال فإن القوات المسلحة تطمئن المواطنين بأنها قادرة على حسم التمرد وتأمين المواطنين والمنشآت». وطالب المواطنين بالابتعاد عن المواقع المحددة وترك الأمر للقوات النظامية لتأمين الموقف. وكانت سلطة الطيران المدني أعلنت إغلاق الملاحة الجوية بمطار الخرطوم لمدة خمس ساعات أمس. وأوضح الناطق الرسمي لسلطة الطيران المدني، عبد الحافظ عبد الرحيم، أن الإغلاق يشمل هبوط وإقلاع الطائرات على أن تنتهي المدة في الثامنة مساء أمس.
وكانت اشتباكات وقعت بين القوات المسلحة السودانية ومنتسبي هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات في منطقة كافوري شرق الخرطوم. واتهم النائب الأول لرئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي الرئيس السابق للمخابرات صلاح قوش بتنفيذ مخطط تخريبي.
وأردف بالقول: «وضعنا أيادينا على أسلحة ثقيلة». وطالب حميدتي في مؤتمر صحافي بعاصمة جنوب السودان (جوبا) أمس بالقبض على (قوش) عبر الإنتربول الدولي.
وأعلنت النيابة العامة في السودان، مدير جهاز الأمن المخابرات السابق صلاح قوش، متهماً هارباً، وطالبته بتسليم نفسه، حيث يواجه 4 دعاوى جنائية. وقال حميدتي إن مدير جهاز المخابرات العامة الحالي، الفريق، أبو بكر دمبلاب يتحمل مسؤولية التقصير في حسم تفلتات أفراد قواته، رغم تحذيرنا له أول من أمس.
وأضاف أن مدير المخابرات العامة، تأخر في تنفيذ توجيهات القيادة بجمع الأسلحة من وحدات هيئة العمليات بالأمن، رغم تسليمه 23 مليون دولار استحقاقات القوات المسرحة من القوات.
واتهم حميدتي حزب المؤتمر الوطني المنحل، بإثارة الفتنة من خلال مسيرات «الزحف الأخضر» التي سيرها بالخرطوم والولايات، وتابع: «نحن في انتظار التوجيهات العليا لحسم هذه الفوضى».
في غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في تغريدة على «تويتر» أن الأوضاع تحت السيطرة، وأنها لن توقف مسيرة الثورة عن تحقيق أهدافها.
وقال: نجدد الثقة في القوات المسلحة والنظامية وقدرتها السيطرة على الموقف الراهن، الذي يؤكد حاجتنا إلى الشراكة بين المدنيين والعسكريين والدفع بها إلى الأمام لتحقيق الأهداف العليا.
إلى ذلك، قال عضو المجلس السيادة الانتقالي، شمس الدين الكباشي، إن هناك جهات تسعى إلى إجهاض الحكومة الانتقالية، بإثارة مثل هذه الأحداث.
وأشار إلى أن أي تجمع عسكري ومطالبات جماعية في القوات النظامية تعتبر تمردا عسكريا وفقاً للقانون، وأن هذه الطريقة التي تعاملت بها تلك القوات مرفوضة.
من جهته، أصدر تجمع المهنيين السودانيين بيانا تحذيريا جاء فيه: «إن تمرد وحدة العمليات بجهاز أمن النظام البائد نهارا والنشر المتوقع لهذه العصابات مساء يأتي مرتبطاً بتحركات فلول النظام البائد وعصاباته في الأيام والأسابيع السابقة، وهي محاولة لجر البلاد لدائرة العنف، وتقويض مكتسبات ثورة الشعب السوداني المجيدة، ونحن ندعو لجان الأحياء وقوى الثورة كافة لرفع درجة التنظيم والاستعداد لمجابهة كل السيناريوهات التي تسعى للنكوص عن مستحقات شعبنا التي بذل من أجلها دماء الشهداء وغالي التضحيات».
كما ناشد لجان المقاومة وقوى الثورة بعدم التدخل ومراقبة الأوضاع إلى حين استقرارها.
وكان جهاز المخابرات العامة السوداني قد أفاد بأن إطلاق النار الذي وقع في العاصمة الخرطوم أمس، قامت به مجموعة من منتسبي «هيئة العمليات» التابعة للجهاز اعتراضاً على مكافأة ما بعد الخدمة. وذكرت مصادر أن السلطات الأمنية أغلقت المجال الجوي لمطار الخرطوم، ومنع إقلاع أو هبوط أي طائرة، وذلك عقب إطلاق كثيف للنيران بجهاز المخابرات السوداني بمنطقة كافوري، أدى إلى سقوط رصاص على مدرج الطائرات. وقالت المصادر، التي لم تتم تسميتها، إن إغلاق السلطات لمطار الخرطوم جاء احترازياً، خشية أن تقع حوادث جوية نتيجة إطلاق النار الكثيف بالهواء، بحسب صحيفة «المشهد» السودانية.
يذكر أن القوات التي خرجت في بعض الأحياء بالخرطوم والولايات، رفضت المقابل المادي الذي قرره جهاز المخابرات العامة مقابل التسريح، واعتبرته أقل ما يجب أن يتقاضوه. ونصت الوثيقة الدستورية على تحويل جهاز الأمن والمخابرات السابق، إلى جهاز المخابرات العامة، وحصرت مهامه في جمع المعلومات. وتشير أنباء إلى أن مجموعات كبيرة من قوات هيئة العمليات العسكرية بجهاز الأمن التي تم تسريحها على صلة وثيقة بمديرها السابق صلاح قوش.
تمرد قوات تابعة للمخابرات السودانية... واتهام قوش بالتخطيط لعمليات تخريب
إغلاق مطار الخرطوم لساعات وحميدتي يحمّل رئيس المخابرات {مسؤولية التقصير}
تمرد قوات تابعة للمخابرات السودانية... واتهام قوش بالتخطيط لعمليات تخريب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة