جهود لإعادة تأهيل عبد المهدي من «البوابة الصينية»

مساعي البحث عن رئيس وزراء تصطدم بأزمة الثقة بين القوى النافذة في العراق

لافتة في ساحة التحرير وسط بغداد ضد إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي (أ.ب)
لافتة في ساحة التحرير وسط بغداد ضد إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي (أ.ب)
TT

جهود لإعادة تأهيل عبد المهدي من «البوابة الصينية»

لافتة في ساحة التحرير وسط بغداد ضد إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي (أ.ب)
لافتة في ساحة التحرير وسط بغداد ضد إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي (أ.ب)

عاد كل من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الداعم لكتلة «سائرون» البرلمانية، وهادي العامري زعيم تحالف «الفتح»، إلى الواجهة ثانية، لكن هذه المرة من بوابة قم، حيث أنهى الطرفان اجتماعاً فيها مؤخراً. الصدر والعامري كانا قد توافقا أواخر عام 2018 على المجيء بعادل عبد المهدي، مرشح تسوية، بعد فشل كل من تحالفي «البناء» و«الإصلاح» في إثبات نفسه «الكتلة البرلمانية» الأكثر عدداً بموجب الدستور.
التبرير الذي وافقت عليه الكتل السياسية الأخرى أن كلا الطرفين (الفتح وسائرون) يمثلان أغلبية برلمانية واضحة، فضلاً عن قوتهما ونفوذهما في الشارع، وهو ما أدى إلى تراجع مفهوم الكتلة الأكبر بموجب الدستور، ونحت مصطلح سياسي عاطفي، ملخصه أن «العراق أكبر من الكتلة الأكبر». الاعتراضات التي جاءت على لسان السياسيين وخبراء القانون لم تجد نفعاً. لكن بعد شهور، وبعدما عادت إلى الواجهة الخلافات العميقة بين الكتل السياسية، ومن ثم تراجع تأييد الصدر للحكومة، ورئيسها عبد المهدي، عاد الحديث ثانية عن خرق الدستور. في الوقت نفسه، فإن الحكومة التي لم تكمل كابينتها الوزارية إلا بالتقسيط، بدت أسيرة رغبة الكتل المتناقضة، فيما حاول رئيسها أن يقفز بعيداً، حين قام في الوقت بدل الضائع من الخلافات السياسية، وبدء غليان الشارع، برحلة إلى الصين لتوقيع المزيد من مذكرات التفاهم التي قيل إنها أغضبت واشنطن، فحركت الشارع الذي لا يزال ثائراً منتفضاً.
لم تنفع مع غليان الشارع، ورغم التضحيات الكبيرة (مئات الشهداء وعشرات آلاف الجرحى)، استقالة عبد المهدي. وفي مقابل ذلك لم تنجح الكتل السياسية في تسويق مرشح مقبول من ثلاثي بدأ صوته يرتفع على صوت الكتل، وهو «المتظاهرون والمرجعية الدينية في النجف ورئيس الجمهورية برهم صالح». وفيما كان متوقعاً موقف المتظاهرين والمرجعية من القوى السياسية، فإن موقف صالح الذي ينتمي إلى الطبقة السياسية نفسها بدا غريباً، وهو ما أدى إلى حصوله على مقبولية جماهيرية عالية مصحوبة بغضب زملائه من زعامات الكتل والأحزاب، بعد رفضه تسمية مرشحيهم «الجدليين» لرئاسة الحكومة.
وفيما تعجز الكتل السياسية عن مرشح مقبول، حتى بعد لقاء الصدر والعامري في مدينة قم الإيرانية، حيث يواصل الصدر دراسته الحوزوية، فإن اللقاء، طبقاً لما أعلنه النائب عن «تحالف الفتح» علي البديري لـ«الشرق الأوسط»، لم يتوصل إلى أي حلول «بشأن أزمة اختيار رئيس الوزراء الجديد بسبب استمرار الخلافات». لكن هناك جهوداً لدعم بقاء عبد المهدي للفترة المقبلة. ومع أن البديري يرى أن «هذا الأمر مستحيل، فلا يمكن القبول بذلك مع وجود رفض شعبي وسياسي كبير لبقاء عبد المهدي، واعتراض مرجعية النجف على ذلك الأمر أيضاً»، فإن هذا الحراك يبدو أنه يجيء هذه المرة من البوابة الصينية، مثلما يرى النائب في البرلمان العراقي عبد الله الخربيط، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، حيث يقول إن «إعادة تأهيل عبد المهدي من البوابة الصينية يأتي كون المؤشرات تقول إن هناك توقيعاً طبقاً لمذكرات التفاهم ببيع مستقبل العراق ونفطه إلى الصين، وهو ما لا يحتاجه العراق»، مبيناً أن «مثل هذه الصفقات توقعها الدول عديمة الموارد والإيراد، وليس العراق، فضلاً عن أنه نوع من الاحتلال عن طريق القروض والفوائد، كما أنه انعدام لأي فرصة عمل عراقية للشباب».
مساعي إعادة تأهيل عبد المهدي، مع العجز عن اختيار بديل، ترى فيه عضوة البرلمان عن ائتلاف «دولة القانون» عالية نصيف، أنه «يصطدم برفض العديد من القوى السياسية»، مبينة أن «الأزمة السياسية في العراق معقدة، وهناك عدة أطراف في الأزمة؛ أولها رئيس الجمهورية والكتل السياسية وآراء الجمهور والضغوط، وجميعها لم تتفق على أي مرشح معين». وبينت أن «زيارة عبد المهدي الأخيرة إلى إقليم كردستان تصب في اتجاه محاولات عودته، لكن بعض القوى السياسية ترفض، وبشدة، تلك المقترحات».
الكرد من جانبهم لا يمانعون في عودة عبد المهدي؛ ذلك من منطلق أن الكتل السياسية لم تتفق على مرشح معين حتى الآن، مثلما يقول النائب عن التحالف الكردستاني أحمد الصفار، الذي يرى أن «عودة عادل عبد المهدي قد تكون بمثابة أمر واقع لإكمال دورته مقابل تغيير في الكابينة الوزارية، مع منحه سقفاً زمنياً لتنفيذ برنامجه الحكومي».
إلى ذلك، أعلن زعيم ائتلاف «الوطنية»، ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، انضمامه للحراك السلمي، ودعا في رسالة للمتظاهرين والحكومة والبرلمان إلى تشكيل محاكم علنية لمحاسبة المتورطين في عمليات الاغتيال والخطف التي كثرت في الآونة الأخيرة. وقال علاوي في تغريدة على «تويتر»، إنه «يهيب بالإخوة المتظاهرين السلميين الحفاظ على سلمية المظاهرات، وعدم السماح للمندسين والمخربين الذين يسيئون إلى رجال الأمن والمؤسسات الحكومية بحرف المظاهرات عن مسارها القانوني، وتشويه صورتها البهية». ودعا علاوي ما سماه «قوى الجبهة الوطنية المدنية» للانضمام «إلى إخوتهم في الحراك السلمي القانوني». وأكد علاوي أنه «على الحكومة ومجلس النواب وضع حد لعمليات الخطف والاغتيال التي تطال المتظاهرين السلميين، والكشف في محاكم علنية عن مرتكبيها»، لافتاً إلى أنه «بخلافه سيتحملان كامل المسؤولية والملاحقة القانونية في المحاكم الدولية».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.