«مسار برلين» ينطلق الأحد بمشاركة ليبية ودولية

TT

«مسار برلين» ينطلق الأحد بمشاركة ليبية ودولية

نجحت ألمانيا مؤخراً بتحديد موعد لعقد مؤتمر برلين حول ليبيا، بعد أن تمكنت من تحقيق التفاهم الدولي الذي تسعى إليه منذ أشهر إلى جانب الأمم المتحدة، ما سمح لها بالإعلان رسمياً عن استضافة المؤتمر الدولي الذي كانت تأمل عقده في الخريف الماضي. وأعلن مكتب المستشارة أنجيلا ميركل، في بيان، أن المؤتمر سينعقد الأحد المقبل، وأن دعوات وجهت إلى عدد من الدول وكذلك لقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس حكومة «الوفاق» في طرابلس فايز السراج.
وسيشارك في المؤتمر إلى جانب المبعوث الأممي غسان سلامة، قادة أو ممثلون عن الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والإمارات ومصر وتركيا وإيطاليا، إضافة إلى الجزائر وجمهورية الكونغو. وكذلك سيحضر ممثلون عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.
وجاء الخرق الأخير الذي سمح بعقد مؤتمر برلين بعد زيارة للمستشارة ميركل إلى موسكو، السبت الماضي، حيث حصلت على تعهد من الرئيس فلاديمير بوتين بالعمل على وقف النار ودعم مسار برلين. ومن المفترض أن ينتج عن قمة برلين أهداف تتعهد الدول المشاركة بالسعي لتحقيقها. وستشكل لجنة متابعة بعد المؤتمر للتأكد من تنفيذ الأهداف التي سيتم الإعلان عنها. وبحسب الخارجية الألمانية، فإن أهداف «عملية برلين» تثبيت وقف النار وتطبيق الحظر على إرسال السلاح.
وتحدث المبعوث الأممي غسان سلامة في مؤتمر عُقد في روما، الشهر الماضي، عن محاولاته بناء تفاهم دولي من خلال «مسار برلين»، بدعم ألماني، يُتوَّج بمؤتمر دولي في العاصمة الألمانية، على أن يتبع هذا المؤتمر في المرحلة الثانية محادثات ليبية - ليبية تعقد في جنيف لبحث الحل السياسي. كما قال إن مؤتمر برلين سيستثني الأطراف الليبية لأن هدفه «تأمين إجماع دولي» كمرحلة أولى لحل النزاع في ليبيا. وتحدث سلامة كذلك حينها عن صعوبات تعرقل التوصل إلى هذا الإجماع الدولي، تمثلت بدخول روسيا الداعمة لـ«الجيش الوطني»، وتركيا الداعمة لحكومة السراج، على خط الأزمة الليبية.
وتتخوف أوروبا من أن «فقدان السيطرة» على الأزمة الليبية قد يؤدي إلى موجة لجوء جديدة باتجاه القارة الأوروبية، وتزايد أعداد المقاتلين المتطرفين القادمين من سوريا الذين تستقدمهم تركيا للقتال إلى جانب حكومة السراج. وقد حذّر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل من ذلك يوم الجمعة الماضي في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الذين اجتمعوا لمناقشة ليبيا والأزمة الإيرانية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».