العالم يترقب اليوم توقيع أكبر اقتصادين على اتفاق التجارة

انكماش الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة في 2019

العالم يترقب اليوم توقيع أكبر اقتصادين على اتفاق التجارة
TT

العالم يترقب اليوم توقيع أكبر اقتصادين على اتفاق التجارة

العالم يترقب اليوم توقيع أكبر اقتصادين على اتفاق التجارة

يوقع أكبر اقتصادين في العالم، اليوم الأربعاء، اتفاق المرحلة الأولى التجاري، مما يسهم في تهدئة كبيرة للتوترات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، لكنه لن ينهي النزاع الذي أدى لاضطراب في الأسواق المالية، وأضر بشدة بثقة الأعمال حول العالم. في وقت يترقب فيه العالم هذا الاتفاق لما له من دعم للاقتصاد العالمي.
وبينما أعلنت الصين أمس تراجع فائضها التجاري مع الولايات المتحدة، أزالت الأخيرة اسم بكين من قائمة الدول المتلاعبة في عملتها، وذلك عشية التوقيع على الاتفاق.
وأعلنت الصين أمس الثلاثاء، أن فائضها التجاري مع الولايات المتحدة الذي يشكل مصدراً لتوتر قوي في العلاقة بين الطرفين، انخفض في 2019 بنسبة 8.5 في المائة، في أجواء حرب تجارية متواصلة بين البلدين.
وجاء الإعلان كذلك عشية توقيع البلدين على اتفاق تجاري جزئي يرسي هدنة في حربهما التجارية الدائرة منذ عامين، وتبادلت خلالها القوتان الاقتصاديتان الأكبر في العالم فرض رسوم جمركية مشدّدة على مئات مليارات الدولارات من المبادلات التجارية السنوية.

وأشعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب فتيل الحرب التجارية مع بكين في العام 2018، خصوصاً بهدف إعادة التوازن إلى التجارة الثنائية، ما نتج عنه رد من الصين وقلق في الأسواق العالمية.
وعبرت الحدود إلى الولايات المتحدة في العام 2019، بضائع صينية بقيمة 418.5 مليار دولار، مقابل بضائع بقيمة 122.7 مليار دولار في الاتجاه المعاكس، وفق السلطات الجمركية الصينية،
وبعدما سجّل الميزان التجاري بين الصين والولايات المتحدة في 2018، فائضاً قياسيا لصالح بكين بلغ 323.3 مليار دولار، انخفض هذا الفائض إلى 259.8 مليار دولار في العام الماضي.
وتقول واشنطن إن بكين التزمت في الاتفاق التجاري الجزئي بشراء ما يساوي 200 مليار دولار من البضائع الأميركية، بينها ما قيمته بين 40 و50 مليار دولار من المنتجات الزراعية.
وستواصل إدارة ترمب فرض رسوم جمركية عقابية بنسبة 25 في المائة على منتجات صناعية تساوي قيمتها 250 مليار دولار من الواردات الصينية السنوية.
وأكد المسؤول الكبير في إدارة الجمارك الصينية زو جيو، أمس في مؤتمر صحافي أن الواردات الصينية من المنتجات الأميركية قد ارتفعت في 2019.
وأشار إلى أن المبيعات الصينية من الصويا ولحم الخنزير الأميركي خصوصاً «ارتفعت بشكل كبير» في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وعبر عن تأييده لفكرة أن النزاع التجاري قد «شكّل ضغطاً على التجارة الخارجية الصينية وعلى الشركات التي تتعامل بشكل كبير مع الولايات المتحدة». ورأى أن توقيع اتفاق «المرحلة الأولى» سيكون له «أثر مهم وإيجابي» على الاقتصاد العالمي، مؤكداً أن ارتفاع الواردات الأميركية لن يكون له أثر على واردات الصين من دول أخرى.
وبالإجمال، انخفض حجم السلع المتبادلة مع الصين في 2019 بشكل طفيف خلال عام، وبلغ الفائض التجاري بين العملاق الآسيوي والعالم، المستقر عادة، 421.5 مليار دولار.
وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وحده، سجلت الزيادة السنوية للصادرات الصينية نسبة 7.6 في المائة، وهذا الرقم أعلى بكثير من تقديرات المحللين الذين استطلعت آراءهم وكالة بلومبرغ المالية، والذين توقعوا أن تبلغ زيادة الصادرة نسبة 2.9 في المائة.
كما عرفت واردات الصين الشهر الماضي ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 16.35 في المائة، وهي نسبة تفوق أيضاً بكثير توقعات الخبراء.
يشير المحلل في مركز «كابيتال إيكونومكس» للأبحاث جوليان إيفانز - بريتشارد، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن هذا الارتفاع يعود «خصوصاً إلى ازدياد أسعار الواردات وليس حجمها». ويضيف «ولذلك من المبكر القول إننا أمام انتعاش كبير في الطلب الداخلي» الصيني.
وخلال مجمل العام 2019 تراجعت الواردات الإجمالية للصين بنسبة 2.8 في المائة، بينما ارتفعت الصادرات بشكل طفيف بنسبة 0.5 في المائة.
ومع انتشار مرض حمى الخنازير في الصين الذي قضى على عدد كبير من المواشي في البلاد، وصلت الواردات الصينية من اللحوم إلى ذروتها العام الماضي. واستوردت الصين بالإجمال 2.11 مليون طن من لحم الخنزير بزيادة بنسبة 75 في المائة عن العام الماضي، كما ارتفعت كذلك وارداتها من لحم البقر بنسبة 60 في المائة.
وعلى الرغم من هذه الأرقام المشجعة بالنسبة للتجارة الخارجية الصينية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، يدعو الخبراء إلى التزام الحذر.
ويشير نيك مارو من مكتب «وحدة الاستخبارات الاقتصادية» للأبحاث إلى القاعدة الضعيفة التي تنطلق منها المقارنة خصوصاً في إطار الصادرات. ويوضح «لقد بدأنا نشهد آثار الحرب التجارية في الوقت نفسه العام الماضي على أثر الحرب التجارية».
ويرى أن الأسواق الأوروبية وأسواق جنوب شرقي آسيا، التي ركزت الشركات الصينية على التعامل معها مؤخراً، لا يمكن أن تعوض تماماً عن الخسائر التي لحقت بها جراء تراجع المبادلات مع الولايات المتحدة.

- مشتريات من السيارات والطائرات والطاقة الأميركية
نقلت «رويترز» عن مصدر مطلع القول أمس، إن الصين تعهدت بشراء سلع مُصنعة بقيمة إضافية نحو 80 مليار دولار من الولايات المتحدة على مدى العامين المقبلين، علاوة على أكثر من 50 مليار دولار إضافي من إمدادات الطاقة بموجب اتفاق تجاري سيجري توقيعه مع بكين اليوم الأربعاء.
وأضاف المصدر الذي جرت إحاطته بالاتفاق التجاري، أن بكين ستزيد أيضا مشتريات الخدمات الأميركية بنحو 35 مليار دولار خلال نفس العامين، لتدعم قطاعا يتمتع بفائض تجاري نادر مع الصين.
ويدعو اتفاق هذه المرحلة إلى أن ترفع الصين مشترياتها من المنتجات الزراعية الأميركية بنحو 32 مليار دولار خلال عامين، أو قرابة 16 مليار دولار سنويا. وفي ضوء جمعها مع الرقم الأساسي للصادرات الزراعية الأميركية البالغ 24 مليار دولار في 2017 فإن الإجمالي يقترب من 40 مليار دولار وهو الهدف السنوي الذي روج له الرئيس الأميركي دونالد ترمب.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.