مصر تسعى للاستفادة عقارياً من ثروة «الساحل الغربي»

عبر تنفيذ مشروعات سكنية وصناعية ولوجيستية

شريط الساحل الغربي يعد ثروة عقارية وتنموية كبيرة في مصر
شريط الساحل الغربي يعد ثروة عقارية وتنموية كبيرة في مصر
TT

مصر تسعى للاستفادة عقارياً من ثروة «الساحل الغربي»

شريط الساحل الغربي يعد ثروة عقارية وتنموية كبيرة في مصر
شريط الساحل الغربي يعد ثروة عقارية وتنموية كبيرة في مصر

عبر مخطط عمراني وتنموي شامل، تسعى مصر للاستفادة من الثروة العقارية لـ«الساحل الشمالي الغربي» بالبلاد، ضمن المخطط الاستراتيجي القومي لمصر 2052، واستراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030، والتي تهدف إلى استغلال مقومات المناطق الساحلية، وتنميتها عقارياً وسياحياً، والاستفادة منها استثمارياً.
ويعمل المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة، حالياً، على حصر التصرفات بمنطقة الساحل الشمالي الغربي، وتذليل المعوقات كافة التي تواجه مشروعات التنمية وفي مقدمتها تعدد جهات الولاية. ووفق اللواء ناصر فوزي، رئيس المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة، فإن «المنطقة التي تعاملت معها (لجنة حصر التصرفات)، بلغت 2018 مليون متر مربع، بواجهة شاطئية تصل لنحو 470 كيلومتراً».
الدكتورة مها فهيم، نائب رئيس هيئة التخطيط العمراني، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تنمية الساحل الشمالي الغربي عقارياً وسياحياً كان هدفاً لهيئة التخطيط العمراني منذ فترة طويلة، لأنها منطقة بكر وبها مقومات كثيرة، وهي أرض سهلة على عكس الأرض الوعرة شرق النيل، لكن رغم هذه الإمكانيات لم يكن من السهل التعامل مع مخططات التنمية لصعوبة الوصول إلى المنطقة».
في عام 2015 تم وضع خطة لتنمية محافظة مطروح ودراسة أوجه الاستفادة من الساحل وظهيره الصحراوي عبر الأراضي التي تم وضع مخطط لاستغلالها وفقاً لطبيعة الموارد في كل منطقة، حسب فهيم، التي أضافت أنه «مع البدء في إنشاء الشبكة القومية للطرق، وإنشاء محور الضبعة، أصبح الوصول للساحل سهلاً جداً، كما أن إنشاء مدينة العلمين الجديدة بقرار جمهوري عام 2017 غيّر ملامح الساحل الشمالي الغربي»، مشيرةً إلى أن «هذه المنطقة واعدة، وأصبح الوصول إليها سهلاً، وهي منطقة مليئة بالخيرات والموارد».
ومشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي هو المشروع القومي الثالث من سلسلة المشروعات القومية للتنمية على مستوى الجمهورية التي حددها المخطط الاستراتيجي القومي للتنمية العمرانية 2052، والذي يضم إلى جانب الساحل الشمالي الغربي، كلاً من مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، والمثلث الذهبي للتعدين في الصحراء الشرقية، حسب استراتيجية التنمية العمرانية للواجهات الساحلية التي أعدتها الهيئة العامة للتخطيط العمراني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017. ويمتد نطاق الساحل الشمالي الغربي على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، بدءاً من حدود محافظة الإسكندرية، وانتهاءً بحدود محافظة مطروح، بطول 550 كيلومتراً، وبعمق يتراوح ما بين 5 كيلومترات و20 كيلومتراً، ويشغل نحو 168.8 ألف كيلومتر مربع، أي 16.7% من مساحة الجمهورية.
الدكتور شريف الدمرداش، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المفهوم الشامل للتنمية لا يرتبط بالتنمية السياحية فقط، فلا بد من تحقيق تنمية صناعية وزراعية وبنية أساسية ومياه، لتحقيق الهدف المرجوّ من الخطة»، مشيراً إلى أنه «بالنسبة إلى التنمية السياحية فلا توجد معوقات، ومدينة العلمين الجديدة، وسرعة الإنجاز فيها أكبر دليل على ذلك».
وقال الدمرداش إن «أحد المعوقات المرتبطة بخطة تنمية الشريط الساحلي الغربي تكمن في أن حجم المياه في الخزان الأرضي الذي بنيت عليه الخطة، ليس كافياً، ومن هنا واجهت شركات مثل الريف المصري معوقات في تنفيذ مشروعاتها الزراعية، أما على الجانب الصناعي، فلا بد أن تتضمن الخطة تحديداً دقيقاً لنوعية المشروعات التي تريدها الدولة، مع وجود المستثمر الذي يرغب في الاستثمار في هذه الصناعات، إضافة إلى توفير الطرق والبنية الأساسية».
ووفق فهيم فإن «الهيئة عملت على تدقيق الدراسات السابقة ودراسة صلاحية الأراضي بعد التغير الذي طرأ عليها، وأظهرت الدراسات صلاحية المنطقة لكثير من المشروعات التنموية من زراعة وتعدين وصناعة، وعمران»، مشيرة إلى أن «هناك مخططاً لإنشاء 4 أو 5 مدن أخرى على غرار العلمين الجديدة في سيدي براني والنجيلة ورأس الحكمة، حيث أصبح من السهل التعامل مع المنطقة والوصول إليها».
ويضم المخطط تنفيذ مجموعة متنوعة من المشروعات بينها مناطق صناعية، وموانئ، ومناطق خدمات لوجيستية، ومراكز للحرف والخدمات والصناعات اليدوية، ومدينة أولمبية، إلى جانب مناطق سكنية تناسب مختلف طبقات المجتمع، وتتضمن الخطة تنفيذ مجموعة متنوعة من المشروعات حسب كل منطقة، ففي العلمين تركز الخطة على إنشاء مدينة العملين الجديدة، ومركز سياحي وترفيهي في سيدي عبد الرحمن، وحديقة دولية، ومحمية طبيعية، ومشروعات صناعية تكنولوجية وبتروكيماويات، وصناعات زراعية.
أما في مطروح فتركز الخطة على مشروعات إنتاج مواد البناء، والملح، والصناعات الصغيرة، وإنشاء ميناء النجيلة، ومنطقة سياحية وصناعية، وقرى سياحية في سيوة، إضافة إلى تجمع سكني في مطروح الجديدة، بينما تعتمد الخطة على استصلاح الأراضي في منطقة سيدي براني، وإنشاء صناعات زراعية، ونظراً إلى أهمية سيوة السياحية، فإن الخطة وضعت مجموعة من المشروعات لتنميتها سياحياً، تعتمد على الحرف التقليدية، والصناعات العطرية، إضافةً إلى وضعها ضمن مخطط استصلاح المليون ونصف فدان.
ويرى الدمرداش أن «خطة تنمية الساحل الشمالي الغربي هي أحد الحلول المهمة لتحقيق التنمية الشاملة، سياحياً وصناعياً وعقارياً، فالحل الوحيد أمام مصر هو الخروج من الوادي الضيق، حيث إن المساحة المأهولة بالسكان لم تتجاوز حتى الآن الـ7% من المساحة الكلية لمصر، مما أدي إلى تكدس سكاني وانهيار في مرافق الدولة»، مشيراً إلى أن «مخططات التنمية هدفها الانتشار خارج الوادي الضيق، وتوفير فرص عمل، ومساكن وتعليم وصحة وخدمات».
وحسب الخطة الجديدة، فإن التعامل مع الأراضي الساحلية له اشتراطات حددتها الهيئة، بشأن الواجهات الساحلية للمدن، فلا يشترط أن تكون المدينة على ساحل البحر المتوسط، كما اقترحت الخطة عمل طريق ساحلي جديد في العمق، موازٍ للطريق الحالي، لتحقيق التنمية»، وفق فهيم التي أشارت إلى أن «تنمية الساحل الشمالي الغربي ستسهم في استيعاب الزيادة السكانية، وخلق فرص عمل دائمة بدلاً من فرص العمل الموسمية الموجودة حالياً».
وتستهدف مصر من مشروع تطوير الشريط الساحلي الغربي استيعاب الزيادة السكانية خلال الـ40 عاماً المقبلة، والتي تقدر بنحو 34 مليون نسمة، إضافةً إلى تنفيذ مجموعة من المشروعات التنموية توفر نحو 11 مليون فرصة عمل بحلول 2052.
لكن يبدو أن هذا المخطط الذي أُعلن عنه في نهاية عام 2017، وتمت مناقشة تفاصيله منتصف العام الماضي، ما زال يواجه عقبة رئيسية، تُعرف باسم «تسقيع الأراضي»، وهي ظاهرة متعارف عليها منذ عقود في السوق العقارية المصرية، حيث يسعى المستثمرون لشراء الأراضي بهدف الاستثمار، ويتركونها دون تنفيذ أي مشروعات عليها على أمل أن يرتفع سعرها ليتم بيعها من جديد.
وقال الدمرداش إن «مشكلة تسقيع الأراضي، هي مشكلة قديمة عانت مصر منها في كل المدن الجديدة، على مدار فترات زمنية مختلفة، بسبب خلل في أداء الجهاز الإداري للدولة فيما يختص بعقود التخصيص للأراضي، التي من المفترض أنه تم تخصيصها لإقامة مشروعات معينة لكن أصحابها لم يلتزموا بتنفيذ هذه المشروعات»، مشيراً إلى «أهمية مراجعة شروط العقود المبرمة في هذا النوع من الأراضي».
وعلى مدى سنوات حاولت الحكومة المصرية مكافحة هذه الظاهرة، بوضع إجراءات واشتراطات، والإعلان عن سحب الأراضي ممن لم يلتزم بتنفيذ مشروعه، فعلى سبيل المثال أعلنت وزارة الإسكان في عام 2008 عن سحب أكثر من 1700 فدان في المدن الجديدة لعدم قيام أصحابها بتنفيذ المشروعات المتفق عليها، لكن يبدو أن هذه المحاولات لم تسفر عن وضع حد للمشكلة، فوفقاً لتصريحات المهندس مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، الأسبوع الماضي، فإن «هناك أراضي تم بيعها منذ 40 عاماً أو أكثر في منطقة الساحل الشمالي، وغيرها من المناطق، ولم تتم تنميتها، حيث يتم (تسقيع) تلك الأراضي بهدف المتاجرة بها».
تطرُّق الحكومة المصرية لأزمة «تسقيع الأراضي» ليس جديداً، فقد سبق أن أثارها مدبولي في اجتماع مجلس الوزراء لمناقشة مخطط تطوير الساحل الشمالي الغربي منتصف العام الماضي، لكنه أصدر أخيراً توجيهات صارمة للحد منها، تقضي بتضمين جميع عقود بيع الأراضي نصاً صريحاً يحدد مدة زمنية لتنفيذ المشروعات، على أن يتم فسخ العقد في حال عدم الالتزام بالتنفيذ في المدة المتفق عليها، واسترداد الأرض بما عليها، دون تنبيه أو إنذار، أو اتخاذ أي إجراءات قضائية، مشدداً على أن «هدف الدولة الرئيس هو التنمية وليس بيع الأراضي».


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.