الكتل العراقية تتجاوز صدمة سليماني... وتعاود البحث عن رئيس وزراء

زيارة عبد المهدي إلى إقليم كردستان تثير تكهنات بشأن إعادة تكليفه

TT

الكتل العراقية تتجاوز صدمة سليماني... وتعاود البحث عن رئيس وزراء

بعد نحو أكثر من أسبوع حبست فيه أنفاسها بعد مقتل قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي والرد الإيراني بقصف قاعدة «عين الأسد» التي توجد فيها قوات أميركية، تنفست الكتل السياسية العراقية الصعداء. فالمشهد الذي انفتح بعد مقتل الجنرال وقصف القاعدة على كل الاحتمالات في المقدمة منها الحرب الشاملة أغلق على وقع هدنة فرضها الأمر الواقع بين واشنطن وطهران.
وفيما تنهمك الكتل السياسية العراقية خلف الغرف المغلقة بمحاولة البحث عن مرشح مناسب لها لمنصب رئيس الوزراء بعد استقالة عادل عبد المهدي الإجبارية من المنصب أعلن الشريف علي بن الحسين رغبته الترشح للمنصب. الشريف علي، وهو آخر من تبقى من العائلة الملكية في العراق التي قضى عليها انقلاب عسكري في الرابع عشر من يوليو (تموز) عام 1958 لأنه وأسرته الذين كانوا خارج قصر الرحاب، أعلن في مقطع فيديو له مساء أول من أمس أنه «تماشيا مع مطالب المتظاهرين الشبان، وإكراما للذين قدموا دماءهم قرابين لاستعادة الوطن وكرامتهم المهدورة وما اشترطوه من مواصفات محددة وما طرحته المرجعية الرشيدة، وما أكدته من ضرورة اختيار شخصية غير جدلية، ونزولا لرغبة الكثيرين، أضع اسمي بين يديكم كمرشح لرئاسة الوزراء». وأضاف «لي الشرف أن أعاهد الشعب والشباب بتلبية المطالب التي حددوها، ولن ندخر جهدا في سبيل تنفيذ مطالب المتظاهرين والسير بالبلد إلى بر الأمان».
ويأتي إعلان الشريف علي رغبته في تولي هذا المنصب بعد يوم من إعلان مرجع شيعي عن إمكانية أن يدرس ترشيحه للمنصب الشاغر.
في غضون ذلك أعلن رئيس تحالف الوطنية إياد علاوي عدم رغبته في تولي المنصب، معلنا في الوقت نفسه استقالته من عضوية البرلمان العراقي. وقال علاوي في تغريدة له على موقع «تويتر» إنه «‫أوضحت استقالتي للبرلمان وأعلنتها للرأي العام بصراحة»، مبينا «إنني ‫لا أسعى لرئاسة الوزراء ولن أتسابق مع الطامعين بالحصول عليها». وأضاف علاوي الذي كان أول رئيس وزراء انتقالي للعراق (2003 ـ 2004) «‫لم أرشح نفسي سابقاً للمنصب - أجمع الإخوة في مجلس الحكم على ترشيحي ولن أرشح نفسي له اليوم»، مشيرا إلى أن «الأمر متروك لإرادة الشعب وليس لرغبات الطامعين أو التدخلات الأجنبية والطائفية».
معاودة البحث عن رئيس الوزراء امتدت طبقا للأخبار والتوقعات بين بغداد وأربيل والسليمانية، حيث زيارة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي إلى إقليم كردستان، من جهة، ومن بغداد إلى قم في إيران حيث الزيارة التي قيل حسب المصادر الإعلامية يقوم بها زعيم تحالف الفتح هادي العامري إلى هناك للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من جهة أخرى.
الهدف من زيارة عبد المهدي والعامري إلى كردستان وقم هو، حسب مصادر وتسريبات إعلامية، إمكانية إعادة تكليف عادل عبد المهدي. كردستانيا، فإن زيارة عبد المهدي إلى السليمانية هي التي لفتت الأنظار لأن زيارة أربيل طبيعية كونها عاصمة الإقليم وفيها مقرات الحكومة والبرلمان الكردي لكن زيارة السليمانية تبدو حزبية في سياق البحث عن دعم، خصوصا أن الرئيس برهم صالح الذي لا يزال متمسكا بخيار المرشح المستقل ينتمي إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والسليمانية هي معقله الرئيسي.
من جهتهم سارع المتظاهرون إلى ضم عبد المهدي إلى قائمة المرفوضين من سلسلة طويلة من المرشحين الذين ما أن تصل أسماؤهم إلى ساحات التظاهر حتى تنتشر صورة المرشح وعليها علامة الرفض. وفيما لم تتوضح بعد طبيعة المباحثات التي أجراها العامري مع الصدر على صعيد إمكانية إعادة تكليف عبد المهدي فإن البحث جار بين الكتل السياسية عن مرشح مقبول لا سيما أن المهلة طالت كثيرا.
وبين رغبة مرجع ديني (آية الله قاسم الطائي) وسليل أسرة مالكة سابقة (الشريف علي بن الحسين) بالترشح للمنصب ورفض رئيس وزراء أسبق (إياد علاوي) بهذا المنصب تبقى ملامح المشهد العراقي غير واضحة المعالم.
النائب كاظم الشمري رئيس كتلة ائتلاف الوطنية التي يتزعمها إياد علاوي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف الكتلة من قرار الدكتور إياد علاوي حيال الانتخابات ليس جديدا لأن علاوي كان أوضح في اليوم التالي لظهور نتائج الانتخابات التي جرت عام 2018 أن هذه الانتخابات شابها الكثير من التزوير، وإن مخرجاتها لن تصمد وهذا بالفعل ما حصل، حيث إن الحكومة التي نتجت عنها لم تستمر أكثر من سنة»، مبينا أن «الأمر لا يتعلق بأداء البرلمان، وإنما بشكل عام بدأ منذ خرق الدستور من قبل الجميع وإحلال الاتفاقات السياسية محل الدستور، وهو ما دفع الدكتور علاوي إلى الاستقالة بعد أن شعر بخيبة أمل حيال ما يجري».
وردا على سؤال بشأن اختيار رئيس وزراء جديد، يقول الشمري إنه «فيما يتعلق باختيار رئيس وزراء جديد، فإنه أمر مخجل، وقد وضعنا في وضع لا نحسد عليه، بدءا من قيام رئيس الجمهورية بخرق الدستور، فضلا عن أن القوى السياسية كلها اتفقت في بداية تشكيل الحكومة على خرق الدستور من خلال إهدار مبدأ الكتلة الأكبر وتفسيرها العجيب الغريب من قبل المحكمة الاتحادية، وبالتالي تشكلت حكومة هي هجينة في الواقع، ولم تتمكن من الصمود»، مشيرا إلى أن «تأخير حسم ملف رئيس الوزراء بات يشكل معضلة حقيقية، بينما لا توجد في الواقع أسباب حقيقية تحول دون ذلك، خصوصا أن المدة هي أمدها سنة، لأن مهمتها هي إجراء انتخابات مبكرة، وبالتالي فإن بعض القوى السياسية لا تزال تصر على أن تأتي بشخص قريب منها، فضلا عن تفاقم أزمة الثقة بين رئيس الجمهورية وبعض الكتل السياسية والتي باتت أزمة كبيرة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.