هل ينقذ الشعر العالم؟

هل ينقذ الشعر العالم؟
TT

هل ينقذ الشعر العالم؟

هل ينقذ الشعر العالم؟

كان دوستويفسكي لا يكف، مباشرة أو تضميناً في أغلب أعماله الكبرى كالإخوة كرامازوف أو الأبله أو الجريمة والعقاب، عن طرح السؤال الذي لم تجد البشرية له جواباً لحد الآن: هل ينقذ الجمال العالم؟ لكن دوستويفسكي كان يطرح هذا السؤال الممض على نفسه أولاً، وكان مصدر عذابه الأليم، كالأسئلة الوجودية الكبرى التي قادته إلى أن يصرخ يوماً في وجه العالم بأن مشروعه القادم هو الجنون. السؤال لا يزال مطروحاً أمام البشرية، وربما أكثر إلحاحاً مما مضى في زمن الرأسمالية المتوحشة، التي شكلت «مجتمعات تقيس الناس بالأرقام والموازين، وتحدد العلاقات الإنسانية فيها بدرجة نفعها».
في روايته «هيا نشتر شاعراً»، يبدو البرتغالي أفونسو كروش واثقاً بأن الجمال، وتجسيده الأعلى الشعر، سينقذ العالم، أو على الأقل يخفف قبحه. لكنه يدرك، في الوقت نفسه، أن لا مكان للشعراء في مجتمعات كهذه، وأن زمن الشعر قد انتهى بالنسبة لها، وأنه آن الأوان لكي نشيع القصيدة إلى مثواها الأخير. بل إن هذه المجتمعات حولت الشعراء إلى بضاعة يمكن شراؤها من الأسواق.
عبر فانتازيا ليس مقنعة فنياً كثيراً، لكنها عميقة الدلالات، تطلب طفلة مراهقة من عائلتها أن تشتري لها شاعراً من السوق، كما تشتري عائلات أخرى قططاً وكلاباً. وسيكون له مكان تحت السلم، لا يشكل أكثر من مترين ونصف متر مربع. الشعراء لا يحتاجون أكبر من هذه المساحة في هذا العالم الفسيح. لا يحتاجون سوى طاولة صغيرة وأوراق وكتب. إذن، لماذا يطردهم العالم؟ البيت - العالم مهووس بالأرقام، حتى الدمع يقاس بالأرقام: تقول الطفلة المراهقة: «دمعت عيناي بمقدار مليلترين»، والابن يعشق «بنسبة سبعين في المائة»، والأب، الذي يستهلك كيلو غرامين أو ثلاثة من الضغط على الطاولة، بعد خسارة مصنعه، وبدء سياسة الشد على البطون، والأكل على المائدة «مائة غرام من عجين الكبد، و15 قطعة متنوعة بنحو 30 غراماً لكل قطعة، وشوربة قرنبيط، نحو مائتي مليلتر في كل صحن...».
من هذه النقطة، ينقل لنا كروش رسالته. من ركن الشاعر الصغير، المنزوي تحت، ستصل الكلمات إلى سكان البيت، إلى الأب المثقل الرأس بالربح والخسارة، وإلى الأم التي بدأت تتمرد على سجنها بين جدران المطبخ، وعلى الأخ «البليد» الذي دخل أخيراً قلب محبوبته بفضل قصائد الشاعر، التي نسبها لنفسه.
بدأت اللغة تمارس سحرها. ستفتح نافذة في الجدران. ستصل إلى المدرسة من خلال تلك الطفلة المراهقة، التي بدأت تبني عالمها المختلف. لم يكن على أهل البيت سوى أن يرهفوا الحواس، ويفتحوا عيونهم على سعتها ليجدوا الشعر الذي سيغيرهم، إذ «يمكننا أن نجد قصيدة في أي شيء بل يمكن أن نجدها منشورة على الأرض، أو مستلقية على زجاج النافذة. القصائد في كل مكان، وفي أغلب الأحيان تفضل الاختفاء في الأماكن الأكثر بساطة».
الشعر هنا هو نافذة على البحر، وعلى الحديقة، ولمسة يد حنونة، ونظرة ثاقبة للأشياء تخترق سطوحها الباردة إلى العمق، فنحن «حين ندرك شاعرية الحجر فإننا نحرره من تحجره». ننقذ كل شيء بالشعر. ننقذ كل شيء بالجمال كما تمنى دوستويفسكي.



اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.