تتعدد جنسياته وألوانه وأشكاله وأسماؤه وحتى تفسيرات رؤيته في المنام، وهناك من يحبه لدرجة العشق، ومن يكرهه ولا يقدر على تذوقه. وقد يستخدمه البعض للجمال وقد يتسبب لآخرين في حكة وحساسية.
ذلك هو الباذنجان وهذا هو اسمه الأكثر تداولا في العالم العربي فيما تكتظ المعاجم بالكثير من أسمائه كالقهقب والكهكم والأنب والحيصل والحدق والمغد.
وحسب بعض المراجع فإن كلمة باذنجان جاءت للعربية من كلمة يونانية حورت وعدلت فأمست ميلانزاني كما يطلق عليه بصورة أو أخرى في معظم اللغات الغربية. وهناك من يسميه «التفاح المجنون»، وعن هذه التسمية يقول علماء في الزراعة إن هذا الاسم يصح على فصيل محدد من عائلة الباذنجان وليس كلها.
وتختلف أسماؤه وألوانه ومنها الأرجواني والذي يميل للسواد والأصفر والأخضر والأبيض، كما تتنوع أشكاله وأحجامه وبالطبع جنسياته، وأشهرها الهندي وهو حلو صغير الحجم وناعم وطوبي اللون، وهناك اللاوسي ويميل شكله للدائري ولونه أبيض، كما هناك الأميركي والصيني والإيطالي والماليزي والتايلاندي، وغيرها كثر خاصة بعد العولمة الزراعية.
من أشهر أنواع الباذنجان في أفريقيا سيما الاستوائية وهو ما يعرف بباذنجان غيومة والقرمزي. ويمتاز الباذنجان القرمزي بشكله الجميل ولونه المموج ما بين الأخضر والأرجواني ثم يتحول للأصفر والبرتقالي عند اكتمال نضج الثمار لما فيها من وجودٍ عالٍ لمادة الكاروتين.
وفي كثير من دول أفريقيا الاستوائية يعشقون الأوراق اليافعة كمكون أساسي لأنواع من الحساء. ومن أشهر أطباق الباذنجان الأفريقية التي انتقلت إلى بقاع مختلفة من العالم شرائح الباذنجان جيدة التتبيل التي تطهى بالفرن وتسقى بعصير الرمان ثم تزين بحبيباته.
- أقارب الطماطم
يعد الباذنجان من أقارب الطماطم والبطاطس رغم أنه عبارة عن «توت» وفق تعريف نباتي.
قبل طهيه وتعريضه لنار يكون للباذنجان في الغالب طعم مائل للمرارة، قابض، وماسك ثم يصبح طريا عند طهيه، وتتفنن المطابخ ولا تزال في كيفية طهيه وطرق تقديمه والاستفادة منه.
هناك عدة طرق لطهيه، بعضها سهل للغاية والبعض الآخر معقد قليلا، وقد يقدم كوجبة كاملة بإضافة لحم وخضراوات ليصبح وجبة كاملة، كما يقدم كطبق أولي عن طريق الشوي أو التخليل أو الحشي أو يغلف بطبقات من البيض وفتات الكعك أو الخبز المحمص ثم يحمر تحميرا غزيرا ويؤكل ساخنا.
ويمكن تقديم الباذنجان كسلطة خفيفة باردة. وأحيانا ليس بالضرورة تتبيلها بكثافة، وهناك من يكتفي بإضافة رشة ملح وقليل من عصير ليمون، فيما يفضله آخرون متبلا بالثوم، والشطة والفلفل الأسود مع كثير من الخل وزيت الزيتون.
ويتفنن كثير من المطابخ التي تشتهر بتقديمه كسلطات مع بقية الخضراوات أو تقديمه مشويا ومهروسا مع طحينة أو زبادي أو مع العسل كما يقدم في بعض المطاعم الإسبانية.
أما في الهند فالباذنجان ملك الخضراوات، ويعتبر الهنود من أوائل من عرفه وأكثر من درسه ويعملون على تطوير زراعته وحمايته من الآفات بجانب تقليل مضار استخدام المبيدات. ومن الهنود من يعتقد أن زيت الباذنجان منشط جنسي للرجال والنساء. وتستخدمه النساء الهنديات كنوع من الحناء لتحسين نوعية شعرهن ليكتسب لمعة لافتة.
وتأتي الهند والصين في مقدمة البلاد التي تزرع الباذنجان وتستخدمه بكثرة في أطباقها، كما يزرع بشكل واسع في معظم دول البحر الأبيض المتوسط ومنها مصر. ويتفنن المصريون في حشوه ويبيعونه في الأسواق حتى الشعبية ويكون جاهزا للحشو ويعشقون «المسقعة» مع كثير من شرائح الطماطم والبصل. وأخيرا انتشر الباذنجان عالميا في أطباق اللازانيا النباتية بديلا للحمة مع كثير من شرائح الطماطم والجبن.
للباذنجان فوائد غذائية بالغة لما يحتويه من معادن منها البوتاسيوم والصوديوم والمغنسيوم والفسفور والزنك بالإضافة إلى فيتامينات أهمها مركبات فيتامين «ب» وفيتامين «ج» كما يحوي أليافا يقولون إنها تساعد في التحكم في سكر الدم، كما أنه ينشط المعدة وينظفها ليس ذلك فحسب، بل يعتبر مهدئا لاحتوائه على مادة النيكوتين، وهو كذلك مضاد للأكسدة، خاصة قشرته التي تحتوي على مادة الفينول والإنثوسيانين الذي يقلل من الإصابة بالتهاب الأنسجة العصبية، ويسهل تدفق الدم إلى الدماغ مما يقوي الذاكرة. ومن يبحثون عن حمية غذائية لفقدان الوزن قد يلجأون للباذنجان لكونه يحتوي على نسبة عالية جدا من الماء تقدر نسبتها بنحو 92.3 غرام مما يزيد من الإحساس بالشبع.
- على الطريقة السودانية
رغم كثير من الإبداع في تحضير أطباق الباذنجان في كثير من مطابخ العالم، فإن المطبخ السوداني يتميز بسلطة باذنجان شهية وبسيطة وسهلة التحضير قوامها شرائح باذنجان مقشر ومحمر. تهرس جيداً مع بضعة شرائح بصل وفصوص ثوم والقليل من صلصة الطماطم وتتبل بملح وشمر «كمون» وكثير من عصير الليمون الحامض، ثم تخلط مع قليل من الفول السوداني المطحون ويسمون ذلك «دكوة»، وتقدم باردة بعد تزيينها، وكلما حفظت لمدة أطول أصبحت نكهتها ألذ خاصة مع قليل الشطة حارة المذاق.