من إيران إلى كوريا الشمالية... مخاطر الحرب النووية تزداد

ممثلو دول معاهدة الحد من انتشار السلاح الذري يجتمعون في أبريل بنيويورك لمراجعتها

الزعيم الكوري الشمالي مع مساعديه يشرف على البرنامج النووي المثير للجدل (رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي مع مساعديه يشرف على البرنامج النووي المثير للجدل (رويترز)
TT

من إيران إلى كوريا الشمالية... مخاطر الحرب النووية تزداد

الزعيم الكوري الشمالي مع مساعديه يشرف على البرنامج النووي المثير للجدل (رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي مع مساعديه يشرف على البرنامج النووي المثير للجدل (رويترز)

تبدو إيران، في مواجهتها مع الولايات المتحدة، قريبة من امتلاك السلاح النووي، وقد تتمكن من ذلك خلال عام، وهذا ما حذرت منه باريس. وإذا حدث ذلك فإنه سيؤدي إلى سباق تسلح نووي في المنطقة على أغلب الاحتمالات. وهناك إسرائيل التي تمتلك بالفعل ترسانة نووية، إضافة إلى وجود عدة قوى نووية في آسيا. وفي أسوأ السيناريوهات، يمكن أن يقع السلاح النووي في أي لحظة في يد الإرهابيين أو أي تشكيلات غير نظامية، ما يصعب الانتقام منهم في حال استخدامهم مثل هذا السلاح، وبالتالي لا يمكن ردعهم.
وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس (الجمعة)، من أن إيران يمكنها الحصول على أسلحة نووية خلال عام أو عامين إذا استمرت في انتهاك الاتفاق حول برنامجها النووي الذي أبرم عام 2015 في فيينا. وقال لودريان في تصريحات أوردتها صحيفة «لو فيجارو»: «اليوم الإيرانيون ليسوا في وضع يسمح لهم بالحصول عليها، لكن إذا استمروا في انتهاك اتفاقية فيينا، فعندئذ في خلال فترة زمنية قصيرة إلى حد ما، بين سنة وسنتين، يمكنهم الوصول إلى السلاح النووي».
مرت 75 سنة على ضرب مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بالقنبلة النووية، و50 عاماً على دخول معاهدة منع الانتشار النووي حيز التطبيق، ومع ذلك فإن مخاطر وقوع حرب نووية في العالم اليوم باتت أكبر من أي وقت مضى منذ أزمة الصواريخ الكوبية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقاً في ستينات القرن الماضي.
يقول المحلل السياسي الألماني أندرياس كلوته، إن العالم ما زال يعتمد على معاهدة منع الانتشار النووي التي وقعت عليها 191 دولة، للحد من انتشار الأسلحة النووية. ويجتمع ممثلو الدول الأعضاء في المعاهدة كل 5 سنوات لمراجعتها. ومن المقرر عقد مؤتمر مراجعة المعاهدة في أبريل (نيسان) المقبل بمدينة نيويورك.
ويضيف كلوته أن التوقعات من مؤتمر المراجعة محدودة، في حين أن المخاوف من انتشار السلاح النووي تزداد، فإذا عاد الدبلوماسيون المشاركون في مؤتمر المراجعة إلى «نظرية الألعاب» للتعامل مع الملف، فإن رعبهم سيزيد».
يذكر أن تعبير نظرية الألعاب، ظهر لأول مرة في كتاب «نظرية الألعاب والسلوك الاقتصادي» لعالم الرياضيات جون فون نيومان وعالم الاقتصاد أوسكار مورجينسترن عام 1944. ويشير إلى دراسة وتحليل النماذج الرياضية الخاصة بحالات الصراع والتعاون بين صناع القرار الذين يتسمون بالذكاء، وذلك بغرض اكتشاف أفضل الخيارات والقرارات الممكنة في ظل الظروف والمعطيات القائمة. وكان الهدف عند التفاوض على معاهدة منع الانتشار النووي، في ستينات القرن الماضي، هو التوصل إلى مقايضة كبرى، بحيث تحتفظ الدول الخمس، التي كانت تمتلك ترسانة نووية في ذلك الوقت، بترساناتها، مع التعهد بالعمل على التخلص منها، في حين يحظر على باقي دول العالم امتلاك السلاح النووي مقابل الحصول على دعم ومساعدة الدول النووية الكبرى، من أجل الاستفادة من التكنولوجيا النووية في الاستخدامات المدنية والسلمية.
وكانت الدول النووية الخمس في ذلك الوقت هي أميركا والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا والصين. في المقابل فإن إسرائيل وباكستان والهند لم توقع على المعاهدة، وانسحبت منها كوريا الشمالية.
والسؤال الذي يطرحه أندرياس كلوته، الذي عمل رئيساً لتحرير صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية في التحليل الذي نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء هو: هل نجحت المعاهدة الدولية في منع الانتشار النووي؟ يقول مؤيدوها إنه لولا وجودها لكان عدد الدول النووية في العالم أكبر من ذلك بكثير. والمشككون فيها يقولون إنها تعتمد على وجود قوة كبرى مهيمنة محبة لفعل الخير مثل الولايات المتحدة لإلزام الدول غير النووية بها، ولكن في ظل رئاسة دونالد ترمب للولايات المتحدة فإن الدور الأميركي في هذا المجال لم يعد ذا مصداقية ولا يمكن التنبؤ به. فإذا لم يعد حلفاء أميركا، في آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، يثقون بشكل مطلق في استعداد الولايات المتحدة للرد على أي هجوم نووي يمكن أن يتعرضوا له من جانب دول مثل كوريا الشمالية أو الصين، فلماذا لا تفكر هذه الدول في بناء ترساناتها النووية الخاصة؟ ولماذا لا تفكر الدول المتصارعة الأخرى في السعي إلى امتلاك السلاح النووي ولو على سبيل التحوط لمثل هذه السيناريوهات؟
وهنا يأتي تطبيق نظرية الألعاب، وهي فرع من علم الرياضيات يستخدم في السيناريوهات النووية منذ ستينات القرن الماضي. والمشكلة في نظرية الألعاب أنها حتى اللاعبين العقلانيين، قد ينتهي بهم المطاف إلى مواقف كارثية للجميع. وعند النظر إلى معاهدة حظر الانتشار النووي من منظور نظرية الألعاب، سنجد أنفسنا أمام فكرة مروعة، بحسب كلوته.
فهذه المعاهدة ما زالت تسمح لشتى الدول بالحصول على التكنولوجيا النووية الأولية من أجل الاستخدام المدني. ولكن بمجرد حصول الدولة غير النووية على هذه التكنولوجيا كما الحال في إيران، يصبح في مقدورها بناء مفاعلها النووي وتخصيب اليورانيوم بدرجة ما، وبالتالي تجد نفسها على بعد خطوة صغيرة من صناعة القنبلة النووية. وهذا يدفع الدول المتصارعة إلى السعي للنقطة نفسها، وتكون النتيجة «سباق تسلح ناعم» كما الحال في منطقة الشرق الأوسط.
كما أن نظرية الألعاب تطرح أسباباً كثيرة للقلق من تحول السباق الناعم إلى سباق تسلح خشن. وذلك لأن العالم أصبح أشد تعقيداً مما كانت عليه الحال أثناء الحرب الباردة. ففي سنوات الحرب الباردة، استخدمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي نظرية الألعاب لإيجاد استراتيجية مستقرة لتجنب السيناريو الأسوأ؛ وهو الدمار المتبادل المؤكد. وتم الوصول إلى هذه الصيغة من خلال افتراضات متنوعة.
على سبيل المثال يجب امتلاك القدرة على القيام بهجوم مضاد، وهو ما جعل الولايات المتحدة وروسيا والصين تحرص على امتلاك القدرة على شن الهجوم من الأرض والبحر والجو وربما الفضاء. ولكن المعايير اليوم تجعل من الألعاب القديمة مثيرة للضحك. ففي تلك الألعاب كان هناك لاعبان ويفترض أن كلاً منهما «عقلاني»، وهو افتراض لم يعد كثيرون يؤمنون به من جانب بعض قادة العالم اليوم. والأسوأ أن عدد اللاعبين في هذا المجال يزداد اليوم. وكذلك الحال بالنسبة للأسلحة الجديدة مثل القنابل النووية الصغيرة ذات الاستخدام التكتيكي أو الصواريخ الأسرع من الصوت التي تتيح للدول المتصارعة الرد بشكل فوري.
وهذا الوضع يفتح الباب أمام زيادة مذهلة في القرارات والردود المحتملة وأخطاء الحسابات. كما تشمل بعض الألعاب وجود لاعبين عقلانيين، لكنهم في الوقت نفسه يتبنون استراتيجيات خطرة مثل استراتيجية حافة الهاوية عندما يسمحون بشكل متعمد بـ«خروج الموقف عن السيطرة بدرجة ما»، بحيث يصبح استمراره «غير محتمل بالنسبة للطرف الآخر»، وبالتالي يتم التحرك لتسويته. المشكلة أن مثل هذه المواقف، كما حدث في العام الماضي بين الهند وباكستان وكلتاهما تمتلك ترسانة نووية، يمكن أن تخرج بسهولة عن نطاق السيطرة تماماً.

- الرئيس الأميركي يهنئ زعيم كوريا الشمالية في عيد ميلاده
قال تشونج إيوي يونج مستشار الأمن القومي لكوريا الجنوبية أمس (الجمعة)، إن الرئيس دونالد ترمب بعث برسالة تهنئة إلى كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية بمناسبة عيد ميلاده. وذكر تشونج، الذي اجتمع مع ترمب في واشنطن هذا الأسبوع، للصحافيين أن الرئيس الأميركي أعطاه رسالة ليرسلها إلى كوريا الشمالية، مضيفاً أنه سلمها أول من أمس (الخميس). وقال بعد عودته إلى كوريا الجنوبية: «اليوم الذي اجتمعنا به كان يوافق عيد ميلاد كيم جونج أون، وتذكر الرئيس ترمب ذلك وطلب مني أن أسلم الرسالة». مولد كيم هو 8 يناير (كانون الثاني)، رغم أن نظامه الكتوم لم يؤكد هذا الموعد أبداً. وعمر زعيم كوريا الشمالية 36 عاماً، وفقاً لسجلات الحكومة الأميركية. ولم يذكر تشونج إن كانت الرسالة مكتوبة أو إن كانت تحوي أي شيء آخر بخلاف تهنئة عيد الميلاد.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.