القلق يساور كندا في ظل استقطاب الشباب نحو التطرف

100 أصولي سافروا إلى سوريا.. و«ذئب وحيد» مصدر قلق كبير بالنسبة لأجهزة الأمن الغربية

باقة من الزهور في المكان الذي قتل فيه الجندي قرب نصب الجندي المجهول في أوتاوا أمس (رويترز)
باقة من الزهور في المكان الذي قتل فيه الجندي قرب نصب الجندي المجهول في أوتاوا أمس (رويترز)
TT

القلق يساور كندا في ظل استقطاب الشباب نحو التطرف

باقة من الزهور في المكان الذي قتل فيه الجندي قرب نصب الجندي المجهول في أوتاوا أمس (رويترز)
باقة من الزهور في المكان الذي قتل فيه الجندي قرب نصب الجندي المجهول في أوتاوا أمس (رويترز)

في يناير (كانون الثاني) 2013 كانت البقايا المتناثرة وسط الركام والحطام بعد إحدى الهجمات الإرهابية على محطة الغاز في الصحراء الجزائرية هي أشلاء لجثث رجلين غادرا بلادهما لشن ما عداه حربا مقدسة.
وكان الرجلان صديقين في المدرسة الثانوية في أونتاريو بكندا، قبل أن يسافرا عام 2011 إلى المغرب وموريتانيا ومعسكر تدريب الإرهابيين في مالي، إلى أن لقيا حتفهما - في نهاية المطاف - في صحراء الجزائر.
ومنذ ذلك الحين اكتسبت القوى التي دفعت كلا من اكريس كاتسيروبس وعلي مدلج ليسلكا ذلك المنحنى زخما داخل كندا وفي الدول الغربية الأخرى على حد سواء.
ووفقا لتقرير صادر عن الحكومة الكندية، فقد سعى أكثر من 100 أصولي كندي، على مدى الأشهر الأخيرة، للانضمام إلى الصراعات في الأراضي الأجنبية إلى سوريا.
وبدأ يشهد الكنديون تهديدا لأول مرة يوم الاثنين، عندما استخدم رجل متأثرا بأفكار المتطرفين الإسلاميين ويقيم بالخارج، سيارته لملاحقة أحد الجنود وقتله في كيبيك. وبعد ذلك قُتل الرجل على أيدي رجال الشرطة.
وفي يوم الأربعاء، أغلقت أوتاوا، عاصمة البلاد، إثر إطلاق النار على رجل مسلح ومقتل أحد الجنود عند النصب التذكاري لضحايا الحرب، ثم وقع بعد ذلك هجوم على مبنى البرلمان الكندي. وحددت السلطات الرجل المسلح، الذي أردته الشرطة قتيلا، بأنه شاب اعتنق الإسلام أخيرا.
ومن جهته، قال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، في كلمة إلى الأمة ألقاها من مكان مجهول مساء يوم الأربعاء، إنه بينما يجري التحقيق في الدافع وراء هذا الهجوم، إلا أن هذا الأمر يهدف بشكل واضح إلى الترويع. وأوضح أن هذا الهجوم كان بمثابة «تذكرة مروعة» للتهديدات التي تواجهها الدولة.
وتناضل كندا - مثلها مثل الدول الغربية الأخرى - من أجل فهم هذه الظاهرة وضمان ألا يتسبب المتطرفون في إلحاق أضرار بالبلاد عند عودتهم.
وقد كثفت السلطات الكندية من جهودها عقب شن الغارات الجوية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش المتطرف في العراق وسوريا.
ويُذكر أن السيد هاربر كان من أشد المؤيدين لبذل جهود ترمي إلى تدمير «داعش». وفي الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) صوّت المشرعون الكنديون لصالح مشاركة الجيش الكندي في الغارات ضد «داعش» في العراق.
وعند تمرير القرار، قال السيد هاربر: «لو لم يجر دحر هذا التنظيم، فإنه سينمو وينمو بشكل سريع»، وأضاف: «لقد أعربوا بالفعل عن نواياهم الإرهابية على الصعيدين المحلي والدولي، وحددوا كندا من بين الأهداف المحتملة».
وأشار هاربر إلى التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم «داعش» أبو محمد العدناني؛ حيث كان يسعى لحشد مقاتلين لنصرة التنظيم وحث المسلمين على شن هجمات ضد المدنيين. وفي سبيل هذا الهدف، حثهم السيد عدناني على «قتل الأميركي والأوروبي الكافر - وبالأخص الفرنسي الحاقد والقذر - أو الأسترالي أو أي كافر آخر من الكافرين الذين يشنون الحرب ضدهم، بمن فيهم مواطنو الدول التي شاركت في التحالف ضد (داعش)».
يشكل التهديد بشن هجوم إرهابي ينفذه «ذئب وحيد» مصدر قلق كبير بالنسبة لأجهزة الأمن الغربية، بما فيها كندا. وفي سياق متصل، كتب ستيفن بلاني، وزير السلامة العامة والاستعداد للطوارئ، في تقرير صدر في شهر سبتمبر (أيلول) حول التهديد الإرهابي الذي يواجه البلاد: «الإرهاب لا يزال يشكل تهديدا رئيسا للأمن القومي الكندي».
وذكر التقرير: «منذ بداية عام 2014 والحكومة على دراية بعلاقة أكثر من 130 كنديا، سافروا بالخارج، بأنشطة إرهابية».
وفي حين تعد فكرة مغادرة كنديين لبلادهم لحمل السلاح والمشاركة في صراع أجنبي ليست بالأمر الجديد أو الفريد من نوعه بالنسبة لكندا، إلا أن التقرير أشار إلى تزايد عدد الأفراد الذين لجأوا لذلك في الأشهر الأخيرة.
وبحسب التقرير، فقد شارك الكنديون في أعمال «التدريب وجمع الأموال وتعزيز وجهات النظر المتطرفة وحتى التخطيط لأعمال العنف الإرهابية». وأضاف: «لا يزال بعض المتطرفين المسافرين يقبعون بالخارج... عاد آخرون إلى كندا، بينما لا يزال يفترض أن البعض الآخر لقي حتفه». كما أفاد بأن ما لا يقل عن 30 «شخصا كنديا» متورطون في أنشطة إرهابية في سوريا.
ومن جانبه، أخبر ميشال كولومبي، مدير جهاز المخابرات الأمنية الكندية، المشرعين أن السلطات تجري - هذا الشهر - تحقيقات حول أنشطة 80 شخصا أصبحوا متطرفين، وسافروا إلى الخارج وعادوا مجددا إلى البلاد، موضحا أن الحكومة تمكنت من تحديد هؤلاء الأفراد وأين كانوا، ولكنه لفت أيضا إلى عدم وجود معلومات استخباراتية تشير إلى وقوع تهديد وشيك.
وبعد ذلك بنحو أسبوعين، حوّل رجل في كيبيك سيارته إلى سلاح قاتل من خلال دهس ضابط صف وقتله وإصابة جندي آخر بجروح.
وسرعان ما تبين أن سائق السيارة الذي يدعى مارتن كوتور رولو، كان يخضع للمراقبة من قبل الشرطة، وجرت مصادرة جواز سفره بعد أن حاول السفر إلى تركيا للانضمام إلى «داعش».
وأوضح بوب بولسون، مفوض شرطة الخيالة الملكية الكندية، أن رولو كان واحدا من بين 90 شخصا يجري رصد تحركاتهم بوصفها جزءا من تحقيقات الأمن القومي الجارية، والبالغ عددها 63 تحقيقا.

* خدمة «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».