روسيا تسعى لتوفير بدائل محلية لمعدات الطاقة البحرية

بعد تداعيات سلبية للعقوبات نتيجة الاعتماد على وحدات أجنبية

أدى الاعتماد الروسي بشكل واسع على المعدات البحرية الأجنبية لتأخير جدول عمل مشروع «سيل الشمال 2» (رويترز)
أدى الاعتماد الروسي بشكل واسع على المعدات البحرية الأجنبية لتأخير جدول عمل مشروع «سيل الشمال 2» (رويترز)
TT

روسيا تسعى لتوفير بدائل محلية لمعدات الطاقة البحرية

أدى الاعتماد الروسي بشكل واسع على المعدات البحرية الأجنبية لتأخير جدول عمل مشروع «سيل الشمال 2» (رويترز)
أدى الاعتماد الروسي بشكل واسع على المعدات البحرية الأجنبية لتأخير جدول عمل مشروع «سيل الشمال 2» (رويترز)

أعلن وزير الصناعة الروسي دينيس مانتورف عن خطة لتقليص حصة المعدات الأجنبية في قطاعي إنتاج النفط والغاز حتى أدنى مستوى ممكن خلال السنوات القادمة، وتوسيع الشراكات الأجنبية بهدف تطوير صناعة السفن محليا، لا سيما ناقلات الغاز المسال عبر المناطق المتجمدة، وسفن التنقيب وغيرها من سفن ضرورية لصناعة الطاقة الروسية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة «التعويض عن الصادرات بمنتجات محلية» التي أطلقتها روسيا منذ أن بدأ الغرب فرض عقوبات ضدها على خلفية الأزمة الأوكرانية عام 2014، حرمت مؤسساتها الصناعية والإنتاجية من آليات ومعدات وتقنيات، وقطع غيار لها، من تصنيع شركات أوروبية وأميركية.
ويربط مراقبون تركيز الحكومة الروسية حاليا على تطوير صناعة السفن، بأزمة توقف أعمال مد أنابيب شبكة «سيل الشمال - 2» للغاز، نظراً لعدم توفر سفن مناسبة لدى روسيا، تحل بسرعة بديلا عن سفن مد الأنابيب في البحار، التي قررت شركة سويسرية سحبها من منطقة الأعمال، خشية من العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على هذا المشروع.
وفي حديث له مع مجلة «سياسة الطاقة» الروسية، أكد وزير الاقتصاد دينيس مانتوروف، توجه الحكومة لدعم قطاع الهندسة الميكانيكية والإنتاج الصناعي لقطاعي النفط والغاز، وقال إن «حجم الدعم لهذا القطاع وفق التقديرات الأولية سيصل حتى 30 مليار روبل، خلال الفترة حتى عام 2024»، موضحا أن هذا الدعم سيشمل «تنفيذ خطط زيادة التنافسية، والقروض المقدمة من صندوق التنمية الصناعية، ودعم وتمويل مشروعات تصنيع معدات إنتاج الغاز المسال، ومعدات التكسير الهيدروليكي».
وأشار مانتوروف إلى أن قطاع إنتاج النفط والغاز كان حتى عام 2014 يعتمد بنسبة 60 في المائة على معدات أجنبية، وأضاف: «أما الآن، فتراجع الاعتماد على المعدات والآليات المستوردة حتى 45 في المائة بالنسبة لمعدات زيادة الإنتاج النفطي، وحتى 43 في المائة بالنسبة لمعدات تكرير النفط، وحتى 50 في المائة بالنسبة لمعدات إنتاج الغاز المسال ومشروعات الإنتاج على الجرف القاري، وحتى 30 في المائة بالنسبة لمعدات التنقيب والمسح الجيولوجي».
وأشار مانتوروف إلى تعقيدات في «التعويض عن الصادرات» في مجال تكنولوجيا المسح الجيولوجي البحرية، ومنظومات الإنتاج تحت مياه البحار، وقال إن روسيا يفترض أن تحصل بحلول العام القادم على مجمع تقنيات تنافسي متطور تقنياً، لأعمال المسح عند الرف القاري في المنطقة القطبية»، لافتاً إلى «حاجة مشتركة عبرت عنها شركات الطاقة الروسية الكبرى، مثل (غاز بروم) و(روسنفت) و(لوك أويل)، بتوفير معدات يتم تصنيعها ضمن البرنامج الحكومي لتطوير صناعة السفن وتقنيات الإنتاج البحري»، وأوضح أن الحديث يدور حول 300 تقنية لمجمعات الإنتاج تحت مياه البحر، سيتم تصنيعها حتى عام 2035، وأكد أن الحكومة خصصت مبلغ 3.5 مليار روبل لتمويل 12 نموذجا من تقنيات مجمعات الإنتاج تحت البحر.
في غضون ذلك يبقى التعاون مع شركات عالمية عاملا رئيسيا في تطوير الصناعة المحلية لمختلف المعدات الضرورية لقطاع الطاقة الروسي. وقال مانتوروف بهذا الصدد إن روسيا تستفيد من التعاون الدولي في «تسريع تطوير قدرات مكاتب التصميم والمصانع العاملة في بناء ناقلات الغاز الضخمة من النوعيات المؤهلة للعمل في ظروف الجليد». وأشار إلى تعاون مع «سامسونغ للصناعات الثقيلة»، التي تُعد واحدة من أكبر شركات صناعة السفن عالميا، وقال إن هذه الشركة ستصبح شريكا تكنولوجيا لمشروعات مجمع «زفيزدا» الروسي؛ حيث يتم بناء كاسحات جليد وناقلات غاز مسال، وسفن ومعدات أخرى لإنتاج النفط والغاز في البحار.
وسيحصل المصنع الروسي من «سامسونغ» على «مواصفات تقنية» والحقوق في مشروعات مشتركة. ويرى وزير الصناعة الروسي أن «الأمر المهم هنا، هو أن السفن (التي سيجري تصنيعها بالتعاون مع سامسونغ) ستكون تحت إدارة الشركات الروسية، وسيتم تسجيلها تحت العلم الروسي، وهذا يتناسب مع متطلبات قوانين النقل البحري، ويلبي مصالح روسيا».
وعبر سعيها لتوفير بدائل تقنية محلية عن المعدات والآليات المستوردة التي يعتمد قطاع الطاقة عليها، تحاول روسيا الحد من تأثير العقوبات على هذا القطاع الرئيسي بالنسبة للاقتصاد الروسي، وكذلك الحد من التأثير على مشروعات الطاقة الروسية. وتبرز أهمية مثل هذا التوجه الروسي في هذه المرحلة، على خلفية تعثر أعمال مد الجزء الأخير من أنابيب شبكة «سيل الشمال - 2» لنقل الغاز الروسي، عبر قعر بحر البلطيق، إلى الأسواق الأوروبية. وفي الوقت الذي استكمل فيه مد 2300 كم من شبكة الأنابيب التي يبلغ طولها 2460 كلم، أعلنت الولايات المتحدة نهاية العام الماضي عن عقوبات تطال أي شركات تساهم في مشروع «سيل الشمال - 2». إثر ذلك قررت الشركة السويسرية مالكة سفن مد الأنابيب عبر قعر البحر سحب سفنها من منطقة أعمال المشروع، وأعلنت عمليا توقفها عن استكمال مد أنابيبه. للخروج من هذا الموقف اقترح البعض في روسيا بناء سفن لمد الأنابيب، وقالت وسائل إعلام إن الخيار الأفضل حاليا الاعتماد على سفينة مد الأنابيب الروسية الوحيدة «الأكاديمي تشيرسكي».
وبكل الأحوال واضح حتى الآن أن العقوبات الأميركية أدت إلى تأخير بدء عمل «السيل» حتى النصف الثاني من العام الحالي على أقل تقدير، ذلك أن السفينة «تشيرسكي» راسية في أقصى شرق روسيا، وتستغرق رحلتها نحو بحر البلطيق، لمواصلة مد الأنابيب نحو شهر ونصف إلى شهرين، فضلا عن أنها بطيئة في العمل مقارنة بالسفن السويسرية.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».