رئيس الوزراء اليمني: تنفيذ اتفاق الرياض يحتاج حكمة وصبراً ومهارة

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الدور السعودي هو الضامن

د. معين عبد الملك
د. معين عبد الملك
TT

رئيس الوزراء اليمني: تنفيذ اتفاق الرياض يحتاج حكمة وصبراً ومهارة

د. معين عبد الملك
د. معين عبد الملك

كانت الساعة تشير إلى الواحدة والنصف من مطلع يناير (كانون الثاني) 2020. اتجهت «الشرق الأوسط» إلى قصر المعاشيق الرئاسي في العاصمة المؤقتة عدن لإجراء حوار مع الدكتور معين عبد الملك رئيس الوزراء اليمني، الذي عاد إلى عدن تنفيذاً لاتفاق الرياض، الذي جرى التوقيع عليه مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.
قبل الوصول لأعلى جبل المعاشيق المحصن جيداً يجب المرور ببوابات أمنية عدة تنتشر من الأسفل حتى القمة، وتنتهي الطريق بالمقر الرئاسي الذي يستقبل فيه رئيس الوزراء ضيوفه وزواره من داخل اليمن وخارجه، وهو مبنى يطل على البحر مباشرة.
الدكتور معين أكد أن تنفيذ اتفاق الرياض يتطلب كثيراً من الحكمة والصبر والمهارة، كاشفاً عن تقدم في عمل اللجان المشتركة، مسنودة بإرادة كبيرة ودعم من الرئيس اليمني والقيادة السعودية لتجاوز الصعوبات وضمان نجاح تطبيق الاتفاق.
وأشار إلى جهود الحكومة لتطبيع الأوضاع في عدن والمناطق المحررة، وتحدث عن الملاحظات المرصودة على بعض المنظمات الأممية في اليمن، مبيناً أنه من المبكر الحديث عن مشاورات جديدة مع الحوثيين وسط التعطيل الكبير من ميليشيات الحوثي لتطبيق مخرجات استوكهولم.
وتطرق عبد الملك إلى أن حملة تشكيك تستهدف الحكومة ورئيسها بسبب القرارات الأخيرة التي اتخذها لمكافحة الفساد وضبط إيرادات الدولة، مؤكداً أن هذه القرارات تحظى بدعم كبير من الرئيس ولا تراجع عنها. وفيما يلي نص الحوار...

> كيف تصفون الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن منذ عودتكم بعد توقيع اتفاق الرياض في العاصمة السعودية؟
- تأثرت عدن كثيراً بالأحداث الأخيرة؛ خصوصاً أنها لم تتعافَ تماماً من آثار الانقلاب والحرب المدمرة التي شنتها ميليشيا الحوثي، وبسبب الطبيعة الحادة للتجاذبات السياسية في السنوات الماضية لم تتمكن الحكومة من إجراء إصلاحات واسعة وترسيخ وضع المؤسسات وأدائها، فتأثرت الوزارات والمؤسسات بشكل كبير وانعكس ذلك على قدرتها على تقديم الخدمات، كما تأثرت الحالة الأمنية وفقدت المدينة بعض استقرارها.
ومع ذلك، نحن من موقع المسؤولية العامة وإدارة السياسة الحكومية اليومية لا نتوقف عند هذه العوامل لنكرر الشكوى منها أو نسلم لها مصير الأداء التنفيذي والسياسي، بل علينا إدارتها وتطويعها لتهيئة ما هو أفضل منها، وهذا ممكن إذا وضعنا تحقيق المصالح الوطنية العليا هدفاً تدور حوله حواراتنا وتدابيرنا التي نتخذها للتقدم إلى الأمام وعدم إنفاق الوقت في أحداث جانبية.
> لكن عودتكم كانت أحد بنود اتفاق الرياض، ماذا عن تطبيق بقية البنود؟
- توجد لجان مشكلة من المملكة والحكومة والمجلس الانتقالي تعمل بشكل يومي على بنود الاتفاق. من الواضح، طبعا، أن هناك تغييرا في الجدول الزمني لتطبيق بنود الاتفاق، بسبب حساسية وأهمية الترتيبات الأمنية والعسكرية، ووجود تصورات ورؤى متباينة وقضايا متراكمة وتفاصيل معقدة، وكل هذا يتطلب الكثير من الحكمة والصبر والمهارة في التعاطي معها ومعالجتها، سواء من خلال اللجان أو بالعودة للقيادات لتجاوز كثير من التعقيدات. اللجان قطعت شوطا كبيرا، وتوقيعها لمصفوفة الإجراءات التنفيذية قبل دقائق يمثل خطوة كبيرة في وضع البنود على سكة السير والتطبيق باتجاه التنفيذ الكامل للاتفاق.
عمل اللجان مستمر، ومسنود بإرادة كبيرة ودعم من فخامة الرئيس وقيادة المملكة لتجاوز الصعوبات وضمان نجاح تطبيق الاتفاق.
> ماذا عن أهم الخطوات التي نفذتها الحكومة لتطبيع الأوضاع وتفعيل المؤسسات الحكومية في عدن؟
- منذ عودة الحكومة إلى عدن بعد توقيع اتفاق الرياض ووفقاً لبنود الاتفاق انطلقنا من خطة شاملة لتطبيع الأوضاع، والتقينا بالسلطات المحلية في محافظات عدن والضالع وأبين وتعز ولحج والحديدة، وبالمؤسسات الحيوية الخدمية كالكهرباء والمياه والأشغال العامة والتربية والتعليم والجامعات، وناقشنا التحديات والمشكلات التي تواجهها، وأصدرنا قرارات مهمة لدعم هذه الجهات، ووفرنا احتياجات السلطات المحلية لـ5 محافظات في قطاعات النظافة والصرف الصحي والإصحاح البيئي وبعض متطلبات قطاع الصحة.
كما عملنا على تفعيل المالية وأنجزنا الجزء الأكبر من دفع الرواتب المتأخرة لعام 2019، وأجرينا إصلاحات جذرية على آليات شراء وقود الكهرباء، ونتوقع أن تكون آثار هذا القرار كبيرة في توفير المال العام، وبطريقة سيكون لها أثر كبير في تمويل مشروعات حيوية في قطاعات مختلفة، كما دعمنا سياسات وأداء البنك المركزي، وأصدرنا قراراً بإعادة تشكيل وتفعيل عمل اللجنة الوطنية لمحاربة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وهي خطوة مهمة لحماية اقتصاد اليمن وأمنه القومي وتعزز شراكتنا مع المجتمع الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية في محاربة هذه الجرائم التي تهدد السلم والأمن الدوليين.
هناك أثر ملموس لهذه الجهود في مستوى الخدمات وأداء المؤسسات.
> هل تعتقدون أن المجلس الانتقالي جاد في تطبيق بنود اتفاق الرياض، ولا سيما أن أياً من بنود تسليم السلاح أو نقل المعسكرات خارج عدن لم تنفذ حتى الآن؟
- آمل أن يدرك الجميع أن تنفيذ اتفاق الرياض مصلحة وطنية، تحفظ الدولة وتستوعب المصالح المشروعة للقوى السياسية، وتحقق آمال الشعب، هذه هي قناعتنا في الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس، وجديتنا والتزامنا في تطبيق اتفاق الرياض كاملان، ووجود السعودية وجهودها ضامن لتطبيق هذا الاتفاق. وننطلق في جهودنا لتطبيق اتفاق الرياض مع المجلس الانتقالي من نوايا حسنة ومخلصة ومن حرص حقيقي على نجاح الاتفاق.
> هل لديكم مخاوف من تجدد الاشتباكات وربما المعارك بين قوات الشرعية و«الانتقالي»، خصوصاً في محافظتي أبين وشبوة؟
- الحقيقة أن المخاوف تبقى قائمة حتى التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، وهذه المخاوف من الانزلاق مجدداً إلى الصراع ينبغي أن تُوظف باتجاه مزيد من الجهد لتجاوز التعقيدات ونقاط الاختلاف. القيادة السياسية الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي لديها من الحكمة والصبر ما يكفي لتسوية ما هو أكبر من الإشكالات الأمنية والانفعالات العنيفة التي تبرز هنا أو هناك، ونعول كثيراً على حكمة الجميع وتمسكهم بالمصلحة الوطنية لتجاوز هذه المخاوف، ونرى في وجود السعودية وجهودها ودورها الكبيرين في الإشراف على تنفيذ الاتفاق ومساهمتها الفعّالة في آليات التنفيذ صمام آمن يحول دون حدوث أي انفجار في الأوضاع.
> كيف هي الأوضاع الإنسانية حالياً في اليمن؟ وكيف تقيمون أداء المنظمات الإقليمية والدولية في تخفيف معاناة الشعب اليمني؟
- طالما تواصلت الحرب الإجرامية التي شنها الانقلابيون الحوثيون على الشعب واستمر تقويضهم للنظام السياسي والمؤسسات الخدمية وسرقة عائدات الموارد الوطنية، سيظل الوضع الإنساني مأساوياً.
ورغم الجهود الواسعة والعمل الإنساني القيّم الذي يقوم به الأشقاء والمجتمع الدولي في اليمن، بدءاً بدعم خطط الاستجابة الإنسانية ووصولاً إلى النشاط الكبير للمنظمات الدولية والإقليمية في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية، فإن جذر الأزمة يبقى بلا حل، وجذر الأزمة الإنسانية يكمن في حرب الانقلابيين وتقويضهم النظام السياسي وتجيير الموارد لتمويل حربهم وإثراء قادتهم في مقابل حرمان الشعب من حقوقه وقطع رواتب الموظفين، ولم يكتف الانقلابيون بذلك بل امتدت أيديهم لتخطف المساعدات الغذائية والإنسانية من أيدي وأفواه المحتاجين، وهو ما ألقى بالمجموع الأكبر من المواطنين في وضع إنساني مأساوي، وقلنا مراراً ونكرر هنا إن مجابهة الأزمة الإنسانية بالمساعدات والتدخلات الإغاثية مهما كان حجمها، ورغم أثره الكبير والعظيم، ليس حلاً حقيقياً أو كافياً لهذه الأزمة.
هناك ملاحظات على أداء بعض المنظمات الدولية والإقليمية، ونناقش هذه الملاحظات عبر الأجهزة المعنية مع المنظمات والمانحين، ونسعى لإيجاد الحلول المناسبة.
> المبعوث الأممي مارتن غريفيث يتحدث عن تحضيره لجولة مشاورات جديدة بين الشرعية والحوثيين، هل الحكومة مستعدة للمضي قدماً في هكذا مشاورات قبل تنفيذ اتفاق السويد؟
- من المبكر الحديث عن مشاورات جديدة وسط التعطيل الكبير من ميليشيات الحوثي لتطبيق مخرجات استوكهولم، ووسط سعي الانقلابيين الحثيث لإلحاق أضرار فادحة بالاقتصاد الوطني، ومن ذلك إجراءاتهم غير القانونية التي تكشف عن انعدام أي حس بالمسؤولية في منع تداول العملة في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشياتهم. وعموماً لكل حدث حديث، وهذا الشأن تقرره القيادة السياسية بكل مستوياتها من مؤسسة الرئاسة بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة والسلطة التشريعية.
وحين يكون الأمر جدياً بهذا الخصوص، سيكون لنا موقف بالتأكيد، إنما الثابت في هذا الجانب وما نذكر به في كل المناسبات هو أن السلام الحقيقي والمستدام آخر ما يمكن أن يفكر به الانقلابيون الحوثيون، إذ لا وجود له في قائمة أجندتهم في الوقت الحالي.
> اتخذت الميليشيات الحوثية أخيراً إجراءات عدة وصفت بالعقابية للشعب اليمني، منها سحب وعدم تداول العملة الجديدة، كيف يمكنكم إيقاف هذه التصرفات؟
- ما اتخذته الميليشيات من حظر تداول العملة الوطنية إجراء إجرامي خطير، وهذا القرار يمثل فصلاً جديداً من فصول إفقار المواطنين وسرقة أملاكهم، ومحاولة ضرب قيمة العملة الوطنية والاقتصاد الوطني ومفاقمة حدة الأزمة الإنسانية. وأحد تداعيات هذا القرار كان اعتذار البنوك وشركات الصرافة التي تعاقدت معها الحكومة لدفع رواتب المتقاعدين وموظفي القطاع العام في مناطق سيطرة الحوثيين عن تحويل الرواتب بسبب هذه الإجراءات، مع العلم أن الحكومة تدفع معاشات المتعاقدين في مناطق اليمن كافة، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، كما أنها تدفع رواتب 83 ألفاً من موظفي بالقطاع العام منذ شهر يناير 2019 في تلك المناطق، ويمثل هذا العدد موظفي قطاع الصحة بالكامل والجامعات الحكومية وموظفي القطاع المدني كافة في الحديدة، تخيل أن هؤلاء جميعاً لم يتسلموا رواتبهم لشهري نوفمبر وديسمبر (كانون الأول)، وهذا سيكون له أثر إنساني بالغ، أنا شخصياً متألم أنه بعد أن عالجنا أوضاع هذا العدد من موظفي الدولة، وكانت لدينا خطط لتوسعة رقعة تسليم الرواتب، أن يُحرموا هم وعائلاتهم من أبسط الحقوق ويُقذف بهم مجدداً للعوز والحاجة، والحكومة مستعدة لدفع الرواتب فور تهيئة الظروف الملائمة لذلك.
في المجمل، هناك سياسات اقتصادية أخذها البنك المركزي لاحتواء آثار القرار، وسياسات أخرى لحماية الاقتصاد الوطني ومنع انقسامه، ويقوم البنك المركزي بدور كبير ومهم والحكومة تدعمه بقوة في ذلك، والمجتمع الدولي ينبغي أن يقوم بدور لإيقاف هذه الإجراءات التي تعمق الأزمة الإنسانية وتهدد الاقتصاد والعملة الوطنية.
> كيف تنظرون للدور السعودي في اليمن، خصوصاً بعد اتفاق الرياض وأعمال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن الذي يزور عدن حالياً؟
- دور الأشقاء في السعودية هو الأكثر اكتمالاً واستمرارية ويقف على أرضية صلبة تمنحه الكفاءة والتميز، وذلك لأنه يرتكز على دعائم تاريخية وجيوسياسية وروابط متينة بين شعبي اليمن والسعودية، وكل ذلك يمنحه القبول والثقة في الداخل اليمني وهذا أمر مهم جداً.
هذا الدور اكتسب مزيداً من الأهمية مع تشكيل السعودية للتحالف العربي لدعم الشرعية وقيادته في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني في اليمن الذي تنفذه الميليشيا الحوثية ثم رعاية المملكة اتفاق الرياض وضمانتها لتطبيقه. أعتقد أن هذا يوجز كثيراً مما يمكن لنا قوله حول دور أشقائنا السعوديين.
أما الحديث عن أعمال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن فهو بعض من الحديث عن دور الأشقاء في القيادة السعودية في دعم الاقتصاد اليمني ومده بعوامل مقاومة الانهيار الذي بدا أنه يتجه نحوه بفعل حرب الانقلابيين وسرقتهم الإيرادات العامة أو تعطيل وتخريب مصادرها، والتقيت مسؤولي البرنامج السعودي على هامش زيارتهم إلى عدن، وتشكل زيارتهم من حيث الحجم والتوقيت والأجندة فاتحة لإطلاق وتنفيذ عدد كبير من المشروعات في البنية التحتية والخدمية في العاصمة المؤقتة وغيرها من المدن المحررة، إضافة إلى المشروعات التي سبق للبرنامج تنفيذها أو إعادة تأهيلها.
> اتخذتم قرارات بضبط إيرادات الدولة ومناقصات المشتقات النفطية، لكن البعض يشكك في إمكانية تطبيق مثل هذه القرارات، ما ردكم؟
- ربما دافع البعض في التشكيك بإمكانية تطبيق هذه القرارات هو معرفتهم بحجم وأهمية القرار وحجم الصعوبات. هناك تشكيك وهناك حملات تشويه تستهدف الحكومة ورئيسها بسبب هذه القرارات، ورغم تأثيرها على الرأي العام فإنها لا تقارن بالمخاطر والصعوبات الأخرى التي نواجهها ونتعامل معها أثناء تنفيذ سياسات وإجراءات إصلاحية جوهرية تكافح الفساد وتحفظ إيرادات الدولة وتحسنها. الأضرار التي طالت جهاز الدولة بسبب الانقلاب الحوثي أتاحت للفساد بناء نفوذ كبير، وصراعنا الحقيقي يجري في هذه المساحة بالضبط، مساحة استعادة موارد الدولة للدولة واستخدامها لمصلحة المواطنين، وهو صراع نخوضه بعزيمة وإرادة واضحتين وبدعم كبير من الرئيس وبصبر وحكمة ولا تراجع عن ذلك.
الحكومة اتخذت القرار الذي يحقق المصلحة الوطنية، وبدعم من الرئيس، وهي مستعدة لمواجهة تلك الصعوبات والتحديات، ونعرف أن الشعب والخيّرين في كل القوى يقفون معها في جهود إصلاح المؤسسات وتحسين الموارد ومكافحة الفساد.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.