«بنات ثانوي» فيلم من دون «نجوم بارزين» يخطف الأنظار في مصر

يكرر تجربة «أوقات فراغ» المميزة

ملصق فيلم «بنات ثانوي»
ملصق فيلم «بنات ثانوي»
TT

«بنات ثانوي» فيلم من دون «نجوم بارزين» يخطف الأنظار في مصر

ملصق فيلم «بنات ثانوي»
ملصق فيلم «بنات ثانوي»

استطاع الفيلم المصري «بنات ثانوي» خطف الأنظار عقب طرحه أخيراً بدور العرض المصرية، ضمن أفلام موسم «إجازة نصف العام الدراسي»، رغم عدم مشاركة نجوم الصف الأول به. ويناقش الفيلم قضايا الفتيات المراهقات بالمرحلة الثانوية، وتدور قصته حول 5 صديقات (طالبات ثانوية) بإحدى المدارس الحكومية المصرية تتعرض كل منهن لمشكلات وأزمات اجتماعية، ويشارك في بطولته عدد من الفنانات الشابات «جميلة عوض، هدى المفتي، هنادي مهنى، مي الغيطي، مايان السيد»، بالإضافة إلى الفنان الشاب محمد الشرنوبي، ومن تأليف أيمن سلامة، وإخراج محمود كامل، وإنتاج أحمد السبكي.
«بنات ثانوي» تمكن من حصد إيرادات بلغت 572 ألف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 16 جنيهاً مصرياً تقريباً)، خلال يومين فقط، متفوقاً على فيلم «يوم وليلة»، بطولة خالد النبوي، ودرة، وحنان مطاوع، بعدما حقق في يومين إيرادات بلغت 396 ألف جنيه. ويتوقع أن تزيد أرباح الأفلام المشاركة في الموسم السينمائي الحالي بعد انتهاء امتحانات الفصل الدراسي الأول بالمدارس والجامعات في النصف الثاني من الشهر الحالي.
وأشاد بعض النقاد المصريين بالفيلم، من بينهم محمود عبد الشكور، الذي وصفه بأنه «بداية جيدة للموسم»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الإطار العام والخاص لشخصياته منضبط جداً؛ إذ نجحت الممثلات في إتقان تفاصيل أدوارهن، كما نجح المؤلف في كتابة حوار مميز يتماهى مع طبيعة الفيلم والمرحلة العمرية التي يروي تفاصيلها الشائكة، بالإضافة إلى إدارة المخرج الجيدة للعمل بشكل عام».
واعتبر عبد الشكور، أن «من أهم مميزات الفيلم تخليه عن سطوة النجم الأوحد، وخلوه من (السوبر ستار)»، مشيراً إلى أنه «من الضروري أن ينتبه المنتجون إلى أن أغلب جمهور السينما يتشكل من فئة المراهقين، ويتوجب عليهم طرح قضاياهم ومشكلاتهم، فالفيلم يدور في إطار غير مألوف، ولا يلعب على عنصر المضمون، وفي العالم كله هناك أفلام يلعب بطولتها شباب ليسوا نجوماً يحققون نجاحاً لافتاً».
ورغم إشادة عبد الشكور بمستوى الفيلم من الناحية الفنية، فإنه يتحفظ على مشاهد نهايته؛ إذ إنه يرى «أن الفن ليس مهمته الوعظ، لكن مهمته الأساسية طرح المشكلات»، قائلاً: «فضّل المؤلف أن ينهي الفيلم بوعظ أخلاقي، وطرح حلاً لمشكلة هي أعمق بكثير، وتحتاج إلى تحليل وحلول أقوى، من الحل المطروح في النهاية، والمتمثل في ضرورة الرقابة على الفتيات والتمسك بالعادات والتقاليد الأصيلة، فهذه النوعية من القضايا يفضل فيها الاكتفاء بعرض المشكلة فقط». موضحاً «تمنيت أن يكون المؤلف والمخرج أكثر جرأة في عرض المشكلات، لكن طبيعة المجتمع المتحفظ الذي يعرض فيه الفيلم هي السبب في عدم تحليهم بمزيد من الجرأة بالطبع».
ويعيد فيلم «بنات ثانوي» بما يحتويه من مشاهد وأفكار إلى الأذهان فيلم «أوقات فراغ»، الذي حقق نجاحاً لافتاً قبل نحو 12 عاماً بعد تطرقه لمشكلات المراهقين في مصر، رغم مشاركة ممثلين مغمورين فيه من الشباب وقتئذ أيضاً، مثل عمرو عابد، وأحمد حاتم، وكريم قاسم، وراندا البحيري.
بدوره، كشف المؤلف أيمن سلامة، عن أنه عرض الفيلم على أكثر من منتج، لكنهم لم يتحمسوا له بسبب عدم وجود فنانين من الصف الأول به، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الفكرة لدي منذ عام 2015، وقد عرضتها على المخرج محمود كامل عام 2018 وتحمس لها، وذهبنا إلى منتجين عدة، لكنهم ترددوا كثيراً؛ لأن عمر الفتيات في الفيلم صغير ولا يوجد أي نجم سوبر ستار في السوق المصرية يتناسب معه هذه الأدوار، ثم عرضناه على المنتج أحمد السبكي الذي تحمس لقصته، لكنه لم يتدخل إطلاقاً في مجريات العمل».
وأضاف سلامة، أن «أكثر ما شغله بقصة الفيلم هو القنبلة الموقوتة التي تمتلكها كل فتاة، ألا وهي الهاتف المحمول بما يحويه من مواقع تواصل اجتماعي قد يستخدمها كثيرون بشكل خاطئ، فأنا لدي ابنة في المرحلة الثانوية، وكثيراً ما أسمع منها قصصاً تجعلني خائفاً عليها وعلى زميلاتها، فضلاً عن متابعتي الصحف المصرية ونشرها الكثير من الحوادث الناجمة عن الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي، ومن هنا فكّرت في تقديم عمل فني ينبه العائلات المصرية لمثل هذه الكارثة الحقيقية، خصوصاً لو تعلق الأمر بالفتيات، لأنهن سيصبحن أمهات ومربيات في المستقبل».
ووفق سلامة، فإن «تجهيز الممثلات لتصوير الفيلم استغرق شهرين تقريباً، حيث تم الدفع بهن إلى دخول مدرسة ثانوية حكومية لكي يعايشن الأوضاع على الحقيقة، وأثناء البروفات كان المخرج يحرص على أن ترتدي الممثلات الزي المدرسي لمحاكاة الأدوار».
وعن جرأة الفيلم والصدمة التي قد يسببها لبعض الأسر، قال سلامة: «الصدمة مطلوبة لكي تتنبه الأسر وتحافظ على بناتهن»، مؤكداً أن «منافسة فيلم (بنات ثانوي) في الموسم السينمائي الحالي لن تكون سهلة أبداً مع غيره من الأفلام الأخرى، لكنه في النهاية يراهن على الممثلين الشباب والشابات».


مقالات ذات صلة

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».