محللون: السيطرة على سرت تطور مهم على الأرض لصالح أنصار حفتر

عناصر من الجيش الوطني الليبي (أرشيف- رويترز)
عناصر من الجيش الوطني الليبي (أرشيف- رويترز)
TT

محللون: السيطرة على سرت تطور مهم على الأرض لصالح أنصار حفتر

عناصر من الجيش الوطني الليبي (أرشيف- رويترز)
عناصر من الجيش الوطني الليبي (أرشيف- رويترز)

حقق أنصار المشير خليفة حفتر نجاحاً مهماً في إطار صراعهم المسلح مع طرابلس بسيطرتهم على مدينة سرت وهي نقطة ارتكاز استراتيجية بين شرق وغرب ليبيا واستبقوا بذلك التدخل الموعود من أنقرة لدعم القوات المناوئة لهم، حسب محللين، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأثار إعلان أنقرة إرسال قوات إلى ليبيا وتقديم دعم عسكري لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً بغرض وقف النزاع المسلح الذي حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، من أنه قد يؤدي إلى «بلقنة ليبيا».
وفي هذا السياق، دعت سوريا وتركيا إلى وقف إطلاق نار في ليبيا اعتباراً من 12 يناير (كانون الثاني) الجاري.
ولم يعطِ الطرفان (قوات حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، والقوات الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس)، أي جواب واضح على هذه الدعوة التي جاءت بعد يومين من خسارة حكومة طرابلس لسرت.
ودخلت قوات حفتر سرت، الاثنين، من دون معارك تقريباً بعد أن نجحت في شراء ولاء مجموعة مسلحة محلية.
وبأذرع مفتوحة استقبلت سرت -مسقط رأس معمر القذافي (قُتل في أثناء الانتفاضة ضده في 2011) والتي دفعت ثمناً غالياً لسقوط النظام السابق- قوات حفتر التي أطلقت على نفسها اسم «الجيش الوطني الليبي» قبل أن تعتمد أخيراً اسماً جديداً وهو «القوات المسلحة العربية الليبية».
ولم تكن مدينة سرت مؤيدة في كل الأحوال لحكومة الوفاق التي كانت قواتها هناك مكوَّنة أساساً من متمردين سابقين مناهضين للقذافي جاءوا من مدينة مصراتة الواقعة عند منتصف الطريق بين سرت وطرابلس.
ومنذ بدء هجوم حفتر على طرابلس في أبريل (نيسان) العام الماضي، حشد هذا الأخير قوات للتصدي لهجوم محتمل ضد الهلال النفطي، رئة الاقتصاد الليبي، الواقع في شمال شرقي البلاد والذي يسيطر عليه منذ عام 2016.
وكان يخشى كذلك استخدام حكومة الوفاق الوطني لقاعدة سرت الجوية لشن هجمات على معقله في الشرق، وفق جلال حرشاوي الباحث في معهد «كلينغندايل» في لاهاي.
ويقول: «هذه التهديدات التي كانت تأتي من سرت للجيش الوطني الليبي كانت سيفاً مسلطاً على حفتر».
ويضيف حرشاوي أنه بعد خسارة سرت، تواجه قوات مصراتة التي تتصدر صفوف الجبهة في الضاحية الجنوبية للعاصمة «ضغوطاً عند جناحها الشرقي». ويوضح هاميش كينير المحلل في مركز «فيرسك مابلكروفت» أن قوات حفتر تستطيع الآن فتح جبهة جديدة ضد مصراتة الواقعة على بُعد 250 كيلومتراً غرب سرت. ويتابع أنه في هذه الحالة «سيعطي أبناء مصراتة الأولوية للدفاع عن مدينتهم ما سيمثل ضغطاً كبيراً على القدرات القتالية لحكومة الوفاق في طرابلس ذاتها».
ويعتقد عماد بادي من «ميدل إيست إنستيتيوت»، كذلك أن حفتر سيحاول إبعاد أنظار أبناء مصراتة عن طرابلس لكي يركزوا جهدهم على التصدي لهجوم محتمل على مدينتهم.
ويقول ولفرام لاشر الباحث في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن، إن «خسارة سرت تعني من الناحية الاستراتيجية أنه بات من الصعب على قوات حكومة الوفاق قطع خطوط الإمداد الخاصة بقوات حفتر في الشرق والجنوب».
وجاءت السيطرة على سرت فيما أعلنت تركيا إرسال قوات إلى ليبيا للتصدي لهجوم حفتر. ونفت سوريا إرسال مرتزقة للقتال إلى جانب قوات حفتر.
ويقول حرشاوي إنه رغم أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «يزعم أنه سينشر عدداً كبيراً من القوات سريعاً فإن المشير حفتر وداعميه يعرفون أن تركيا مضطرة، على سبيل الحذر وبسبب صعوبات تقنية، أن تتحرك ببطء».
ويعتزم الأتراك، وفقاً لهذا المحلل، أن يدافعوا في مرحلة أولى عن بعض القطاعات مثل وسط مدينة طرابلس، كما سبق أن فعلوا في سوريا.
ويشير لاشر من جهته إلى أن خسارة سرت «تجعل دعم تركيا أكثر إلحاحاً لحكومة الوفاق». ويرى أنه حتى لو كانت الطائرات المسيّرة التركية استأنفت في الأيام الأخيرة قصفها لقوات حفتر، فإن حكومة الوفاق بحاجة إلى مزيد من القدرات الجوية.
وأعلن إردوغان، أمس (الأربعاء)، إرسال 35 جندياً إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، ولكنه أوضح أن هؤلاء لن يشاركوا في المعارك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».