القضاء يستجوب غصن بشأن الاتهامات اليابانية ودخول إسرائيل

الأفعال المنسوبة له في مذكرة «الإنتربول» لا يعاقب عليها القانون اللبناني

TT

القضاء يستجوب غصن بشأن الاتهامات اليابانية ودخول إسرائيل

من المقرر أن يمثل كارلوس غصن، اليوم (الخميس)، أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، للاستماع إلى إفادته حول «النشرة الحمراء» التي بعثتها منظمة الإنتربول بطلب من القضاء الياباني، وتتهم غصن بارتكاب جرائم على الأراضي اليابانية وتطالب بتوقيفه، كما يجري الاستماع إليه حول الأخبار المقدم بحقه عن دخول إسرائيل، ولقائه قيادات فيها.
وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «الأفعال المنسوبة إلى غصن ضمن مذكرة الإنتربول، لا تستدعي التوقيف والملاحقة»، مشيراً إلى أن «التهمة ضدّه تتحدث عن سوء إدارته لأموال الشركات التي تولى رئاستها لسنوات طويلة، وهذا لا يعاقب عليه القانون اللبناني»، مشدداً على أن «المستندات الرسمية التي وصلت أمس (الأول) من طوكيو إلى بيروت، تخلو من تهمة التهرّب الضريبي في اليابان، وهذه الجريمة أصلاً لا يعاقب عليها في لبنان؛ لأنها وقعت خارج الأراضي اللبنانية، كما أنها تخلو من اتهامات تتعلّق بإساءة الأمانة والاحتيال».
وبعد ساعات على إصدار القضاء الياباني مذكرة توقيف بحق كارول، زوجة كارلوس غصن، بتهمة تقديم شهادة كاذبة وتسهيل فرار زوجها، وما إذا كان القضاء اللبناني سيستمع إلى إفادتها، أكد المصدر القضائي، أن «النيابة العامة التمييزية لم تتسلّم أي طلب ياباني بخصوص زوجة غصن الموجودة في لبنان»، وأوضح أن «لا معلومات لدى لبنان عن خلفية صدور مذكرة الاعتقال بحقها في اليابان».
الحيّز الأكبر والأهم من إفادة كارلوس غصن، سيتركز على الأخبار المقدمة بحقه من عدد من المحامين اللبنانيين، عن دخوله إسرائيل والاجتماع مع عدد من القيادات فيها، بينهم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، والرئيس شمعون بيريز، وإبرام صفقات تجارية مع الجانب الإسرائيلي. ولفت المصدر القضائي إلى أن «مسألة دخول إسرائيل تنقسم إلى شقين». وقال: «إذا كان دخل إسرائيل بوصفه رئيساً لشركتي (رينو) و(نيسان) العملاقتين، وتعاقد مع هذه الدولة شخصياً أو بالواسطة، فينطبق عليه قانون مقاطعة إسرائيل، وهذه جناية تتراوح عقوبتها بين الأشغال الشاقة ثلاث سنوات و10 سنوات».
أما إذا كان دخل إسرائيل للتعاقد مع الشركات الإسرائيلية كموظّف (وفق المصدر القضائي) فينطبق عليه «منطوق المادة 285 من قانون العقوبات، التي تنص على أنه (يعاقب بالحبس سنة على الأقل وبغرامة لا تقل عن 200 ألف ليرة لبنانية «100 دولار أميركي»، كل لبناني أو شخص مقيم في لبنان، أقدم أو حاول أن يقدم مباشرة أو بواسطة شخص مستعار، على إبرام أي صفقة تجارية، أو شراء أو بيع أو مقايضة مع أحد رعايا إسرائيل)».
ووفق المعطيات المتوفرة للقضاء اللبناني، فإن آخر زيارة قام بها غصن إلى إسرائيل كانت في عام 2008، وبقي في مجال التفاوض مع إسرائيل حتى عام 2013، حتى انتهى مشروع إنشاء فرع لشركتي «رينو» و«نيسان» في إسرائيل. وشدد المصدر القضائي على أن «الأمر يستدعي التدقيق بما إذا كانت الجنحة المنصوص عليها في قانون العقوبات قد سقطت بمرور الزمن (يقتضي مرور عشر سنوات على ارتكاب الجنحة لتسقط بمرور الزمن)»، لافتاً إلى أن غصن كان «زار لبنان في السنوات الأخيرة مرّات عدّة وحظي بحفاوة واستقبالات من القيادة السياسية»، مذكراً بأن «الحكومة اللبنانية أصدرت طابعاً بريدياً باسم غصن؛ تكريماً لعطاءاته ونجاحاته على مستوى العالم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.