وفاة عبد القادر الشيبي كبير سدنة بيت الله الحرام

يخلفه الأكبر سنا بعد الاجتماع مع ورثته في ثالث أيام العزاء

الشيخ السديس يسلم الشيبي كيس مفتاح الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)
الشيخ السديس يسلم الشيبي كيس مفتاح الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)
TT

وفاة عبد القادر الشيبي كبير سدنة بيت الله الحرام

الشيخ السديس يسلم الشيبي كيس مفتاح الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)
الشيخ السديس يسلم الشيبي كيس مفتاح الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)

انتقل إلى رحمة الله تعالى، في الثالثة من فجر أمس الخميس، الشيخ عبد القادر الشيبي كبير سدنة بيت الله الحرام، وذلك في مستشفى الملك خالد بالحرس الوطني في جدة، عن عمر يناهز الـ74 عاما، بعد صراع مع مرض سرطان الكبد دام 5 أشهر. ودُفن الشيخ عبد القادر في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة، بعد أن صُلي عليه عصر أمس في المسجد الحرام بمكة المكرمة.
يُذكر أن «آل شيبة» توارثوا حمل مفاتيح الكعبة المشرفة منذ أكثر من 16 قرنا، وحسب التقاليد القرشية فإن السدانة يتولاها الأكبر سنا في العائلة. وتولى الشيخ عبد القادر بن طه الشيبي سدانة الكعبة عقب وفاة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الشيبي منذ عام 2010.
وتتأهب أسرة آل الشيبي للاجتماع العائلي الموسع الذي سيعقد عقب اليوم الثالث للعزاء، لتسليم مهمة كبير السدنة، لأكبر الأحياء من الذكور من أفراد أسرة آل الشيبي، وتبدأ مراسم الاجتماع بحضور ورثة كبير السدنة السابق، حيث يقومون بتسليم عهدة الكعبة المشرفة لكبير السدنة الجديد. ومن ضمن العهدة التي تقدم لكبير السدنة الجديد مفتاح الكعبة المشرفة، قبل أن يقوم جميع أفراد الأسرة بتهنئة عميدهم الجديد بشرف الريادة، ويقتصر الاجتماع ومراسمه على أفراد أسرة آل الشيبي.
الشيخ عبد الملك الشيبي، شقيق الراحل الشيخ عبد القادر، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس «بعد إجراء مراسم تسلم عهدة الكعبة المشرفة، لكبير سدنة بيت الله الحرام الجديد، يُرفع بذلك لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ للتشرف بسماع توجيهاته وتعليماته».
واستنادا لتشريعات أسرة آل الشيبي، في ما يتعلق بترتيب الولاية في ما بينهم، سيكون كبير سدنة بيت الله الحرام الجديد هو الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي، كونه الأكبر سنا بين أفراد الأسرة الحاليين، ليحتل المرتبة العاشرة في سلم ترتيب كبار سدنة بيت الله الحرام في عهد الدولة السعودية. وأكد الدكتور صالح، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس، أنه لا يشترط أن يكون خليفة كبير بيت السدنة من فرع معين من أبناء الشيبة، مبينا أن الشرط يقتصر فقط على أن يكون «الأكبر سنا في أفراد العائلة بشكل عام». ويفصل «آلية اختيار كبير سدنة بيت الله الحرام أنه يجري اختيار الذي يليه في السن، وكما هو الحال في هذا الوضع الذي نعيشه يكون الاختيار لي كوني الأكبر سنا في الأحياء من بيت الشيبي».
وعن المهمة التي سيقبل عليها يقول الشيخ صالح «شرفنا الله سبحانه بأن نكون خداما لبيته الحرام والكعبة المشرفة، منذ عهد ما قبل الإسلام وحتى وقتنا الحالي، ومنذ يوم فتح مكة أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم سدانة الكعبة لآل شيبة وثبتها لهم، وقال الرسول الكريم: (خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم)، وأيضا أجمع المفسرون على أن سبب نزول قول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)، هو أداء مفتاح الكعبة لآل الشيبي»، ويختتم بالقول «ونرجو الله أن يعيننا على هذه الأمانة الكبيرة».
وسدانة الكعبة المشرفة هي خدمتها والقيام بشؤونها وفتح بابها وإغلاقه. ويعرف الذين يقومون بذلك بالسدنة. وتعرف السدانة كذلك بالحجابة، ومن يقوم بها يسمون بالحجبة؛ لأنه يحجبون الكعبة عن العامة.
وتذكر كتب السير والتاريخ أن السدانة انتقلت إلى أبناء إسماعيل عليه السلام لمدة طويلة، ثم اغتصبها منهم جيرانهم وأخوالهم جرهم، ثم اغتصبتها خزاعة من جرهم، ثم استردها منهم قصي بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل، وهو الجد الرابع للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت في بني عبد الدار جاهلية وإسلاما، ولم تزل السدانة في ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. وقد مات عثمان ولم يعقب، فصارت إلى ابن عمه شيبة بن عثمان، ولا تزال في يد ولده إلى الآن.
ولما أشرقت شمس الإسلام يوم فتح مكة المكرمة، أخذ نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) من عثمان بن طلحة بن أبي طلحة الحجبي سادن الكعبة المفتاح، وفتح بابها، ودخلها بعد تطهيرها من الأصنام. فقد «روى ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها، فأخرجت، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما من الأزلام، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط، ثم دخل البيت، فكبر في نواحي البيت، وخرج ولم يصل فيه» رواه البخاري.
وعن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال «أقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الفتح على ناقة لأسامة بن زيد، حتى أناخ بفناء الكعبة، ثم دعا عثمان بن طلحة، فقال: ائتني بالمفتاح، فذهب إلى أمه، فأبت أن تعطيه، فقال: والله لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي، قال: فأعطته إياه، فجاء به إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فدفعه إليه، ففتح الباب، قال: ثم دخل النبي (صلى الله عليه وسلم) وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، وأمر بالباب فأغلق، فلبثوا فيه مليا، ثم فتح الباب» رواه البخاري.
ثم إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطى المفتاح لعثمان بن طلحة بعد أن خرج من الكعبة المشرفة، وقال: «خذوها يا بني أبي طلحة (أي السدانة) خالدة تالدة لا يظلمكموها إلا كافر».
ومن الجدير بالذكر أنه قد جرت العادة على أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة سنًّا، وهو السادن الأول، وعند فتح الكعبة يشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم، بوقت كاف، ليتمكنوا من الحضور جميعًا إن أمكن ذلك أو بعضهم؛ وذلك ليقوموا بغسلها بمعية ولي الأمر والأمراء وضيوفه الكرام، وفي الوقت الحاضر تغسل الكعبة من الداخل مرتين، وذلك بمعية السدنة بعد القيام بفتح باب الكعبة، كما مر مفصلا في مناسبات فتح الكعبة وما بعدها. ويتم في الوقت الحاضر تسليم كسوة الكعبة المشرفة الخارجية لكبير سدنة بيت الله الحرام ليتم تركيبها على الكعبة المشرفة في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام. ويقام سنويا حفل خطابي بهذه المناسبة يتم خلاله التوقيع على إجراءات التسليم والتسلم من قبل الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وكبير سدنة الكعبة.



دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
TT

دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)

يجري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي محادثات في دمشق اليوم (الخميس)، في اليوم الثاني من زيارته البارزة التي أكد خلالها دعم بلاده المتجدد لسوريا وتخللها توقيع مذكرة تفاهم لتعاون استراتيجي طويل المدى في مجالات عدّة بين البلدين.
وزيارة رئيسي إلى دمشق على رأس وفد وزاري رفيع هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً، رغم الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الكبير، الذي قدّمته طهران لدمشق وساعد في تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية. وتأتي هذه الزيارة في خضمّ تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في مارس (آذار) استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة، بينما يسجَّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ عام 2011.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1654027328727711744
وبعدما أجرى محادثات سياسية موسّعة مع نظيره السوري بشار الأسد الأربعاء، يلتقي رئيسي في اليوم الثاني من زيارته وفداً من ممثلي الفصائل الفلسطينية، ويزور المسجد الأموي في دمشق، على أن يشارك بعد الظهر في منتدى لرجال أعمال من البلدين.
وأشاد رئيسي الأربعاء بـ«الانتصار»، الذي حقّقته سوريا بعد 12 عاماً من نزاع مدمر، «رغم التهديدات والعقوبات» المفروضة عليها، مؤكّداً أنّ العلاقة بين البلدين «ليست فقط علاقة سياسية ودبلوماسية، بل هي أيضاً علاقة عميقة واستراتيجية».
ووقّع الرئيسان، وفق الإعلام الرسمي، مذكرة تفاهم لـ«خطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد»، التي تشمل مجالات عدة بينها الزراعة والسكك الحديد والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة. وقال رئيسي إنه «كما وقفت إيران إلى جانب سوريا حكومة وشعباً في مكافحة الإرهاب، فإنها ستقف إلى جانب أشقائها السوريين في مجال التنمية والتقدم في مرحلة إعادة الإعمار».
ومنذ سنوات النزاع الأولى أرسلت طهران إلى سوريا مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ التنظيمات «المتطرفة» والمعارضة، التي تصنّفها دمشق «إرهابية». وساهمت طهران في دفع مجموعات موالية لها، على رأسها «حزب الله» اللبناني، للقتال في سوريا إلى جانب القوات الحكومية.
وهدأت الجبهات في سوريا نسبياً منذ 2019. وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حالياً على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في فبراير (شباط) 2019 والثانية في مايو (أيار) 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في 18 سبتمبر (أيلول) 2010. قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع، الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري، وتسبب في نزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.