ألقى تأسيس «مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن» الضوء على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن التي تعد من أهم الممرات المائية في شرايين الاقتصاد العالمي، إذ تمر نحو 14 في المائة من حركة التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب وقناة السويس، وتحاول الكثير من الدول السيطرة على هذا الممر الملاحي المهم، أو تقليل أهميته الاقتصادية عبر فتح ممرات أخرى.
وبعد توقيع وزراء خارجية 8 دول عربية وأفريقية في الرياض، أول من أمس، ميثاق المجلس الذي يجمع الدول المطلة على الممر المائي الفاصل بين قارتي آسيا وأفريقيا لمسافة تزيد على ألفي كيلومتر، أكد خبراء الأهمية الاستراتيجية لتوقيع هذا الميثاق، رابطين ذلك بأبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية وتاريخية تلعبها هذه المنطقة والتي جذبت أنظار دول أخرى نحوها، وحاولت إيجاد موطئ قدم في ممراتها المائية.
ويهدف المجلس إلى تعزيز الجهود لتحقيق المصالح الأمنية والسياسية والاستثمارية، وتأمين حركة الملاحة البحرية في هذا الممر المائي الدولي. وربط وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان تأسيس المجلس الجديد بـ«المرحلة الحساسة التي نحن أحوج ما نكون فيها إلى تسريع وتيرة تعاون دولنا، وتعزيز قدراتنا بما يمكننا من مواجهة أي مخاطر أو تحديات تواجه منطقتنا، والعمل على حماية أمن البحر الأحمر وخليج عدن».
وقال الباحث في الدراسات الاستراتيجية اللواء الدكتور محمد الحربي إن «البحر الأحمر والخليج العربي هما قلب العالم الحديث وشرايين الحياة، والسعودية مركز الثقل الاستراتيجي لارتباطها بهما». وتابع أن «الخليج العربي والبحر الأحمر منطقتان جغرافيتان متلازمتان تشكلان عمقاً استراتيجياً لكليهما كوحدة سياسية واحدة».
وأوضح الحربي لـ«الشرق الأوسط» أن «البحر الأحمر بموانئه يشكل البديل الاستراتيجي لنقل النفط في حال تعرضت موانئ الخليج إلى أي ضرر»، مشيراً إلى أن «البحر الأحمر يمر عبره من 13 إلى 14 في المائة من حجم التجارة العالمي من كلا الاتجاهين، مضيق باب المندب جنوباً وقناة السويس شمالاً، إذ تعبره 23 ألف قطعة بحرية سنوياً».
وأكد أن «المنطقة تعد مكانا جذبا، ما يثير أطماع الكثير من الدول بها منذ عقود، إذ دخلت عبر المسار الاقتصادي للهيمنة والسيطرة على أحد أهم الممرات المائية في العالم»، مشيراً إلى «التوغل الإيراني في بعض الدول الأفريقية وموانئها، إضافة إلى وجود قواعد عسكرية ومصفاة بترول، فيما دخلت تركيا إلى بعض الدول الأفريقية بمشاريع تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار». وقال إن «الدول الثماني استشعرت الخطر، لأن لذلك تداعيات على الأمن القومي العربي خصوصاً على هذه الدول».
إلى ذلك، قال رئيس «مركز ديمومة للدراسات والبحوث» الدكتور تركي القبلان إن «أهمية البحر الأحمر تأتي من كونه يفصل بين قارتي آسيا وأفريقيا، إضافة إلى النواحي الاقتصادية إذ يعد ممراً للتجارة العالمية، وتتدفق عبره ناقلات النفط من دول المنبع إلى الدول المستهلكة»، مؤكداً «أهمية هذا الممر المائي بما فيه باب المندب وقناة السويس». وأضاف أن «المهددات الاستراتيجية في وقتنا الحاضر هي محاولة السيطرة على الممرات والمضائق المائية».
وشدد القبلان لـ«الشرق الأوسط» على «البعد والأهمية التاريخية للبحر الأحمر»، لافتاً إلى أن «التاريخ يشهد على أطماع دول عدة في هذا الممر المائي، خصوصاً إيران منذ قرون، وتركيا التي ترغب في تقليل أهمية هذا الممر عن طريق فتح قناة إسطنبول بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط حتى يكون خط الحرير البحري يمتد من الصين إلى أوروبا عبر تركيا، مع وجود مخاطر وتحديات أخرى مثل القرصنة وغيرها».
ويهدف المجلس إلى جمع الجهود والتنسيق وتحقيق تناغم أكثر بين هذه الدول الثماني المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، للحفاظ على أمنها ومكتسباتها والتعاون والتشاور والتنسيق فيما بينها بما يحقق مصالحها، إذ إن المصالح والأخطار لهذه الدول مشتركة، وتواجه هذه المنطقة الكثير من التحديات من قراصنة أو ميليشيات إرهابية، كما تعد موقعاً تتنافس الدول للسيطرة عليه.
وازدادت أهمية موقع هذا الممر المائي الذي يعد أحد أهم الشرايين الرئيسية للتجارة الدولية، بعد شق مصر قناة السويس الجديدة التي وفرت الوقت والمسافة والجهد والمصاريف، ما يعود بخفض قيمة السلع في حركة التجارة العالمية.
«مجلس البحر الأحمر وخليج عدن» مبادرة للتصدي لأطماع إيران وتركيا
14 % من حركة التجارة العالمية تمر عبر الممر المائي الاستراتيجي
«مجلس البحر الأحمر وخليج عدن» مبادرة للتصدي لأطماع إيران وتركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة