«العاصمة الجديدة» في مصر تنعش سوق عقارات المدن المجاورة

شهدت ارتفاعاً لافتاً في الأسعار وزيادة الإقبال

مدينة بدر شهدت ارتفاعاً لافتاً في أسعار العقارات في الآونة الأخيرة بفضل العاصمة الجديدة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدينة بدر شهدت ارتفاعاً لافتاً في أسعار العقارات في الآونة الأخيرة بفضل العاصمة الجديدة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«العاصمة الجديدة» في مصر تنعش سوق عقارات المدن المجاورة

مدينة بدر شهدت ارتفاعاً لافتاً في أسعار العقارات في الآونة الأخيرة بفضل العاصمة الجديدة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدينة بدر شهدت ارتفاعاً لافتاً في أسعار العقارات في الآونة الأخيرة بفضل العاصمة الجديدة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مع اقتراب افتتاح المرحلة الأولى من عاصمة مصر الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، المقرر نقل المقرات الحكومية إليها بحلول منتصف العام الحالي (2020). شهدت المدن المجاورة لها إقبالاً ملحوظاً، وزيادة في أسعار الوحدات السكنية والتجارية، ما أدى بحسب المراقبين إلى حالة من الانتعاش في السوق العقارية في مدينتي بدر والشروق لم تحدث منذ سنوات، أعادت رسم خريطة المنطقة عقارياً.
ففي المزاد الذي عقده جهاز مدينة بدر نهاية الشهر الماضي لبيع 23 محلاً تجارياً وصيدليتين، وصل سعر المتر المسطح بأحد المحال التجارية بنشاط «كشري وحلواني» إلى 182 ألف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 16 جنيهاً مصرياً تقريباً)، ليتم بيعه بقيمة إجمالية وصلت إلى 4 ملايين و334 ألف جنيه، بينما وصل سعر المتر في الصيدلية إلى 101 ألف جنيه وبيعت بقيمة إجمالية 4 ملايين و262 ألف جنيه.
وشهدت مدينة بدر طفرة كبيرة في الآونة الأخيرة بفضل العاصمة الإدارية الجديدة، وخطة نقل الموظفين الحكوميين للسكن بها عبر مشروعات «الإسكان الاجتماعي»، و«سكن مصر» و«دار مصر» التي يتم تنفيذها بالمدينة، وفق المهندس عمار مندور، رئيس جهاز تنمية مدينة بدر، الذي أوضح أن «القطار الكهربائي الذي سيربط العاصمة الإدارية الجديدة بوسط المدينة، والذي سيتوقف في مدينة بدر في 3 محطات، سيترتب عليه زيادة في التنمية والكثافة السكانية».
وقال مندور لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة بدر أصبحت الآن على الخريطة العقارية، حيث بلغ سعر المتر التجاري بها نحو 182 ألف جنيه، وهي المرة الأولى في تاريخ المدينة التي يصل فيها سعر المتر التجاري إلى هذا الحد، حيث لم يتجاوز سعر المتر التجاري في المدينة العام الماضي 85 ألف جنيه»، موضحاً أن «هذه الزيادة نتيجة لارتفاع الكثافة السكانية بالمدينة، وزيادة مخططات التنمية بها بعد بدء تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة».
وبحسب موقع «عقار ماب» المتخصص في دراسة السوق العقارية المصرية، فإن هناك زيادة في الطلب على الوحدات السكنية في مدينة بدر بنسبة 51 في المائة، أدت إلى ارتفاع أسعار الشقق السكنية بنسبة 2.4 في المائة لتصل إلى 3600 جنيه للمتر، خلال الشهر الحالي، مقارنة بـ3500 للشهر نفسه من العام الماضي».
الخبير العقاري حسين الحمصاني قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيادة الملحوظة في الإقبال على طلب الوحدات السكنية في مدينة بدر ليست مرتبطة فقط بالعاصمة الإدارية الجديدة، لكنها مرتبطة أيضاً بالمنطقة الصناعية التي يتم إنشاؤها في المدينة، التي بدأت كمدينة سكنية في البداية، لكنها لم تحظَ بحظ كبير، حتى تغير الوضع في الفترة الأخيرة، وهذا يبرر ارتفاع أسعار العقارات التجارية بنسبة أكبر».
ومدينة بدر هي أقرب المدن للعاصمة الإدارية الجديدة، وتم إنشاؤها عام 1982، وتبعد نحو 46 كيلومتراً عن القاهرة، ومن المقرر أن يسكن بها الموظفون المقرر نقلهم للعاصمة الإدارية الجديدة، وتضم بدر أيضاً منطقة صناعية نقل إليها أصحاب مدابغ الجلود أخيراً.
الخبير العقاري تامر ممتاز قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع الإعلان عن نقل أكثر من 50 ألف موظف للعمل في العاصمة الإدارية الجديدة، وتوفير سكن لهم في مدينة بدر، ارتفعت أسعار الوحدات السكنية في مدينة بدر من 100 ألف جنيه للوحدة الصغيرة إلى أكثر من 400 ألف جنيه، بينما تضاعفت أسعار الإيجارات لتصل إلى ألف جنيه في المتوسط بدلاً من 500 جنيه شهرياً»، مشيراً إلى أن «بدر هي أكثر المدن التي أسهمت العاصمة الإدارية الجديدة في إنعاشها عقارياً، لأنها المدينة التي كانت مستهدفة من جانب الحكومة من البداية، إضافة إلى أن أسعار العقارات في العاصمة مرتفع جداً، ما يدفع الناس للبحث عن حلول بديلة في مدن مجاورة لها».
ووفقاً لـ«عقار ماب»، فإن «أسعار الشقق السكنية زادت في العاصمة الإدارية الجديدة بنسبة 11.4 في المائة خلال الـ12 شهراً الماضية، ليصل متوسط سعر المتر إلى 12 ألفاً و950 جنيهاً خلال شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، مقارنة بـ11.2 ألف جنيه للشهر نفسه من العام الماضي، بينما ارتفعت أسعار الفيلات في العاصمة بنسبة 12.8 في المائة، ليصل سعر المتر إلى 22.850 ألف جنيه، مقارنة بـ18.150 ألف العام الماضي، وهو ما يدفع البعض للبحث عن وحدات سكنية في المدن المجاورة لها».
وتوقع ممتاز أن «تشهد الفترة المقبلة تخفيضاً في الضغط على مدينة بدر مع ظهور مدن جديدة في السوق العقارية المجاورة للعاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى احتمال ظهور مجتمعات خدمية جديدة مع بدء التشغيل الفعلي للعاصمة الإدارية».
وقال الحمصاني إن «مدينة الشروق هي واحدة من المدن التي تشهد الآن إقبالاً ملحوظاً، خصوصاً أنها قريبة من العاصمة الإدارية الجديدة، وأسعارها أقل مقارنة بالتجمع الخامس والقاهرة الجديدة»، موضحاً أن «إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة أنعش السوق العقارية في هذه المدن التي لم تكن محظوظة عقارياً، وكانت نسبة مشاركتها في السوق العقارية ضعيفة جداً».
ووصف الحمصاني السوق العقارية الآن بأنها «في حالة ترقب»، وقال إن «هناك توقفاً بالنسبة لسوق إعادة البيع، وما يتم بيعه حالياً هي الوحدات الجديدة التي يقدمها المطورون العقاريون بتسهيلات». ووفقاً لموقع «عقار ماب»، فإن أسعار العقارات ارتفعت خلال لـ12 شهراً الماضية في مدينة الشروق بنسبة 21.4 في المائة، لتصل إلى 5700 جنيه للمتر، خلال الشهر الحالي مقارنة بـ5 آلاف للشهر نفسه من العام الماضي.


مقالات ذات صلة

تحالف شركات سعودية للاستحواذ على أطول برج في العالم بمليارَي دولار

الاقتصاد توقيع اتفاقية الاستحواذ (الشركة)

تحالف شركات سعودية للاستحواذ على أطول برج في العالم بمليارَي دولار

وقّعت الأحد شركة «المملكة القابضة» و«سمو» و«جدة الاقتصادية»، اتفاقية للاستحواذ على صندوق «الإنماء - مدينة جدة» المالك لمشروع بناء أطول برج في العالم بمدينة جدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شركة صينية تتجه لبناء 20 ألف وحدة سكنية في السعودية

شركة صينية تتجه لبناء 20 ألف وحدة سكنية في السعودية

تتجه شركة «تشاينا ستيت» الصينية، التي تُعد من كبرى شركات العقارات العالمية، لبناء 20 ألف وحدة سكنية في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عُمّال في موقع بناء بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

تقييم «البناء المستدام» بالسعودية ينمو 254 % في النصف الأول من 2024

سجل برنامج «البناء المستدام» في السعودية نمواً بنسبة 254 في المائة لمساحات المشاريع المستفيدة من نظام تقييم الاستدامة خلال النصف الأول للعام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من افتتاح «ملتقى القصيم العقاري» (واس)

السجل العقاري يشهد تصحيح 1.3 مليون خريطة منذ إطلاقه في السعودية

قال الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار عبد الله الحماد إن نظام التسجيل العيني للعقار نتج عنه تصحيح نحو 1.3 مليون خريطة عقارية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد يوسف الشلاش رئيس مجلس «دار الأركان» وزياد الشعار وإريك ودونالد جون ترمب الابن وإريك ترمب

«دار غلوبال» و«مجموعة ترمب» تعلنان عن تعاون ثانٍ وإطلاق قريب لبرج في مدينة جدة السعودية

أكدتا أن الشراكة الجديدة تهدف لاستقطاب المستثمرين الدوليين إلى المملكة.

«الشرق الأوسط» (جدة)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».