كارلوس غصن لن يثبت براءته من خارج اليابان

ليس جيمس بوند... وإرثه المتألق في خطر

«نيسان باترول» دشنها غصن بنفسه في الشرق الأوسط
«نيسان باترول» دشنها غصن بنفسه في الشرق الأوسط
TT

كارلوس غصن لن يثبت براءته من خارج اليابان

«نيسان باترول» دشنها غصن بنفسه في الشرق الأوسط
«نيسان باترول» دشنها غصن بنفسه في الشرق الأوسط

من المقرر أن يعقد كارلوس غصن، الرئيس السابق لتحالف «نيسان - رينو – ميتسوبيشي»، مؤتمراً صحافياً في بيروت صباح اليوم (الأربعاء)، يشرح فيه ظروف اعتقاله في اليابان والتهم الموجهة إليه ودفاعه عن نفسه. وعلى الهامش سوف يكشف ظروف خروجه من اليابان رغم توقيفه قضائياً في قضايا مخالفات مالية وضريبية، ورغم مصادرة جوازات سفره متعددة الجنسيات، وشروط احتجازه بكفالة على ذمة القضية. ولكن مهما قال غصن في مؤتمره فلن يستطيع تبرئة ذمته المالية خارج المحاكم اليابانية.
كارلوس غصن غنيٌّ عن التعريف، فهو ببساطة الرجل الذي أنقذ شركة «نيسان» من الإفلاس وأدخلها في تحالفات صعدت بها إلى مصافّ الشركة الأولى عالمياً. وقد تعاطف الرأي العام معه عند اعتقاله المفاجئ في العام الماضي وكان عنوان هذه الصفحة حينذاك «غصن: أنقذ «نيسان» من الإفلاس وجاءته الطعنة من الخلف».
وما زالت هناك شبهة تورط مساعده الياباني السابق هيروتو سايكاوا، في مؤامرة من داخل الشركة للإطاحة بغصن. وفي الفترة التي أعقبت اعتقال غصن فشل سايكاوا في إدارة الشركة وهبطت أرباح «نيسان» إلى معدلات لم تشهدها منذ عشر سنوات. واضطرت شركة «نيسان» إلى التخلص من سايكاوا الذي لم يتعرض للملاحقة رغم مخالفاته المالية. من الشبهات أيضاً أن شركة «نيسان» لم تكن ترغب في مزيد من الاندماج مع شركة «رينو» الفرنسية التي تملك الحكومة الفرنسية حصة فيها، ولذلك دبّرت مؤامرة للتخلص من غصن، رئيس التحالف الذي سعى إلى اندماج كامل.
ولكن التكهنات والشبهات شيء والواقع شيء آخر. ما يهم في نهاية المطاف هو إرث كارلوس غصن وسمعته العالمية وتراثه الإداري الذي يحترمه ويقلده معظم شركات السيارات في العالم. والواقع الآن هو أن كارلوس غصن يخاطر بهذا الإرث والتاريخ بهروبه من العدالة اليابانية، مهما كانت شروطها الصعبة في الاحتجاز التي تكاد تصل إلى افتراض الذنب حتى تثبت البراءة.
من المؤكد أن غصن سوف يكشف في مؤتمراته الصحافية التي سيعقدها من بيروت عن حقائق وربما وثائق تدل على براءته من التهم المالية، ولكنّ هذا لا يهم ولا يثبت براءته في ظل طلب الإنتربول الدولي القبض عليه وتسليمه لليابان.
حتى فرنسا التي يحمل غصن جنسيتها لا ترغب في عودته لأنها لا تريد إغضاب اليابان خصوصاً مع حساسية الوضع في الشراكة بين «رينو» و«نيسان». كذلك يواجه غصن تهم مخالفات مالية في فرنسا أيضاً لم يتم التحقيق فيها بعد. وهذا يجعل من الصعب على غصن السفر إلى فرنسا رغم أنها لا تسلّم مواطنيها للمحاكمة في دول أخرى.

- الرأي العام
ينقسم الرأي العام العربي حول قضية غصن إلى فريقين: الصحافة اللبنانية في أغلبها تدافع عن غصن بشراسة وتصفه أحياناً بأنه جيمس بوند الذي استطاع خداع مطارات اليابان وتركيا للوصول إلى بيروت. وهناك تقدير عميق في لبنان لكارلوس غصن لأصوله اللبنانية رغم أنه من مواليد البرازيل. وأصدر لبنان في عام 2017 طابع بريد يحمل صورته واسمه، وهو تكريم نادر لأشخاص على قيد الحياة. وهناك نكته شائعة في لبنان ظهرت بعد القبض على غصن أنه تأهل للمرة الأولى لكي يكون رئيساً للبنان.
الفريق الآخر هو الإعلام العربي الرصين الذي يرى غصن هارباً من العدالة رغم إنجازاته السابقة. وليس هذا تشفياً في الرجل وإنما حفاظ على سمعته من هروبه الأخير الذي يزيد الشك في براءته. فكيف يمكن لرئيس لبناني مفترض أن يكون مطلوباً للعدالة في دولة أخرى؟ وما معنى أن يقول غصن إنه استعاد حريته بالهروب وهو ممنوع من السفر وملاحَق من الإنتربول؟
التقدير العقلاني لموقف غصن هو أنه ارتكب خطأً فادحاً بهروبه. وما لم تتم محاكمته وإثبات براءته قضائياً فسوف يظل مذنباً ومطلوباً للعدالة مهما كانت تصريحاته الإعلامية. أيضاً، لا بد أن تجري المحاكمة في اليابان وفقاً لقوانينها وليس في لبنان أو في أي بلد آخر.
العالم كله كان يتعاطف مع محنة غصن وغلظة النظام القانوني الياباني إلى درجة مطالبات بتعديل النظام القضائي الياباني لكي يتوافق مع الديمقراطيات الغربية. وحتى لو انتهى الأمر بالحكم بالغرامة وشهور في السجن قضى غصن معظمها بالفعل في الاحتجاز، فإن هذا أفضل له من البقاء طريداً للعدالة مدى الحياة. حيث يمكن أن يخرج بعد المحاكمة لطرح قضية براءته، وتكون له حرية السفر بل وإدارة الشركات التي يهمها الاستفادة من عبقريته الإدارية.
الوضع الحالي يختلف: لا يستطيع غصن إثبات البراءة خارج نطاق المحاكم اليابانية، وهو مطلوب دولياً ولا يستطيع السفر إلا إلى دول معدودة ولا يمكن لأي شركة أن تستخدمه إدارياً. وعلاوة على كل ذلك فإن إرثه الإداري المرموق أصابته شبهة تهم مالية رخيصة سوف تلازمه أبداً.
من يعرف غصن شخصياً والتقاه في مناسبات عديدة وتحدث إليه في شؤون الصناعة وأسلوب إدارته الفذّ لن يجد سوى كلمات التعاطف مع تاريخ الرجل وتوجيه نصيحة واحدة له لا بديل لها: عدْ إلى اليابان واعتذر عن الهروب، وقفْ ثابتاً في محاكمتك لإثبات براءتك، واستأنف الحكم إذا لزم الأمر. فحتى إذا صدر حكم بحقك ودفعت الثمن، غرامة أو سجناً، فهذا أفضل لك من البقاء طريداً دولياً بقية سنوات عمرك.
كان لقائي المطول قبل سنوات مع كارلوس غصن، على مدى عدة أيام، في سلطنة عمان بمناسبة طرح سيارات «نيسان باترول» للإعلام العربي. الاقتراب من غصن يكشف مدة عبقريته. فهو الذي قدم للأسواق سيارة «قشقاي» الرباعية المدمجة في عام 2006، قبل أن تكتشف هذا القطاع أي شركة أخرى. وهو الذي تحول مبكراً إلى الدفع الكهربائي رغم تشكيك الشركات الأخرى، ونجح في تقديم السيارة الكهربائية «ليف» في عام 2010 التي باعت منها الشركة 400 ألف سيارة حتى مارس (آذار) 2019، هذا في الوقت التي تعلن شركات الآن أنها ستقدم سيارات كهربائية في حدود عام 2025، أي أن غصن سبقها بنحو 15 عاماً.
لم يسبق لرئيس شركة بحجم «نيسان» أن دشن سيارة جديدة في الشرق الأوسط أولاً، ولا أن حضر مديرها التنفيذي بنفسه للقاء إعلاميين عرب ويجرب معهم السيارة عملياً.
غصن يتحدث أربع لغات على الأقل هي: البرتغالية والإنجليزية والفرنسية والعربية. أطلق عليه الإعلام الفرنسي اسم «قاتل تكاليف الإنتاج» واختارته مؤسسة «فورتشن» كأحد أكبر 10 مؤثرين في الصناعة، ثم رجل العام في عام 2002، واختير في عامي 2004 و2005 كأحد أكثر ثلاثة قادة أعمال احتراماً في العالم. هذا التراث يحتاج إلى من يحافظ عليه، وبأي ثمن.


مقالات ذات صلة

حتى ماسك انتقده... إعلان ترويجي لسيارات «جاغوار» يثير غضباً

يوميات الشرق شعار العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» (أ.ب)

حتى ماسك انتقده... إعلان ترويجي لسيارات «جاغوار» يثير غضباً

أثار مقطع فيديو ترويجي لتغيير العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» انتقادات واسعة بظهور فتيات دعاية يرتدين ملابس زاهية الألوان دون وجود سيارة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ حادث تصادم وقع نتيجة عاصفة ترابية بكاليفورنيا (أ.ب)

عاصفة ترابية شديدة تتسبب بتصادم سيارات جماعي في كاليفورنيا

كشفت السلطات في ولاية كاليفورنيا الأميركية عن أن عاصفة ترابية شديدة تعرف باسم الهبوب تسببت في تصادم عدة مركبات على طريق سريع بوسط كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)

أوروبا تستعد لوصول ترمب... أسوأ كابوس اقتصادي بات حقيقة

كانت التوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو مصدر قلق لبعض الوقت، ولكن منذ فوز ترمب بالرئاسة ساء الوضع بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية غابرييل بورتوليتو (رويترز)

ساوبر يكمل تشكيلته لموسم 2025 بالبرازيلي بورتوليتو

أعلن فريق ساوبر المنافس في بطولة العالم لسباقات «فورمولا 1» للسيارات، اليوم الأربعاء، تعاقده مع السائق البرازيلي غابرييل بورتوليتو ليكمل تشكيلته لموسم 2025.

«الشرق الأوسط» (بيرن)
رياضة عالمية تستضيف مدينة ساو باولو البرازيلية السباق الأول في شهر ديسمبر ومن بعدها المكسيك في شهر يناير (فورمولا إي)

فورمولا إي تعلن انطلاق اختبارات ما قبل الموسم في مدريد

تنطلق اختبارات بطولة العالم للفورمولا إي هذا الأسبوع في العاصمة الإسبانية مدريد على مدار أربعة أيام، وذلك استعداداً لانطلاق الموسم الحادي عشر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

إشارات سريعة

إشارات سريعة
TT

إشارات سريعة

إشارات سريعة

> السيارات الكهربائية: قررت الحكومة البريطانية خفض الدعم على شراء السيارات الكهربائية الجديدة من 3500 جنيه إسترليني إلى 3000 جنيه فقط (3750 دولاراً). جاء ذلك في بيان الميزانية الجديدة التي شملت أيضاً رفع الدعم عن السيارات الكهربائية التي يزيد ثمنها على 50 ألف إسترليني، بما في ذلك سيارات تيسلا «موديل إس وإكس». وعلق خبراء على القرار بأنه يأتي عكس توجهات تشجيع الحكومة للتحول إلى السيارات الكهربائية، خصوصاً أن تجارب الدول الأخرى تؤكد أن خفض الدعم يتبعه دوماً تراجع الطلب.
> فورد: أوقفت شركة فورد الإنتاج من مصانعها الأوروبية في ألمانيا ورومانيا، بالإضافة إلى مصنع إسباني في فالينسيا. وتتبع فورد بهذا القرار الكثير من الشركات الأوروبية الأخرى التي أوقفت إنتاجها لتجنب انتشار فيروس كورونا. وتأثرت الشركات في أوروبا بقرارات الحجر الإلزامي الحكومية وضعف إمدادات قطع الغيار وتراجع الطلب على السيارات، وأحياناً ضغوط نقابات العمال التي طالبت بحماية العمال من الاختلاط أثناء فترة انتشار الفيروس.
> هوندا: أعلنت شركة هوندا عن نفاد مجموعة خاصة من طراز سيفيك «تايب آر» من الأسواق الأوروبية التي رصدت لها الشركة 100 سيارة فقط من هذا النوع، منها 20 فقط في بريطانيا.
وتتميز المجموعة الخاصة بقدرات سباق إضافية وخفض في الوزن يبلغ 47 كيلوغراماً. وهي موجهة إلى فئات تمارس السباقات مع الاستعمال العملي للسيارة التي تحتفظ بمقاعدها الخلفية.
> الصين: تدرس السلطات الصينية تخفيف الشروط على شركات السيارات من حيث حدود بث العادم كنوع من الدعم المرحلي للصناعة حتى تخرج من أزمة «كورونا» الحالية. ويعتقد خبراء «غولدمان ساكس»، أن الاقتصاد الصيني سوف ينكمش بنسبة 9 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي (2020). ويعتبر قطاع السيارات الصيني هو الأكثر تأثراً بتراجع الطلب وإغلاق المصانع.