تبون يشدد على بناء «الجمهورية الجزائرية الجديدة»

TT

تبون يشدد على بناء «الجمهورية الجزائرية الجديدة»

تعهّد الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون بـ«بناء الجزائر التي يطمح إليها المواطنون والمواطنات، وإعادة النظر في منظومة الحكم من خلال إجراء تعديل عميق على الدستور». ووعد بـ«تنفيذ نموذج اقتصاد قوي مبني على التنويع، متحرر من العوائق البيروقراطية، يستقطب الثروة ويمتص البطالة، لا سيما لدى الشباب».
وأكد تبون، أمس، في اجتماع لمجلس الوزراء، هو الأول منذ انتخابه في 12 من الشهر الماضي، أن الدستور الجديد المرتقب «يُعتبر حجر الزاوية لبناء الجمهورية الجديدة، كما أنه يستلزم من جهة أخرى أخلقة الحياة السياسية، عبر تكريس الفصل بين المال والسياسة ومحاربة الرداءة في التسيير، إذ إنه يتعين أن ترتكز الجمهورية الجديدة على قيام دولة القانون التي تضمن استقلالية القضاء وترقية الديمقراطية التشاركية الحقة».
وحضر اجتماع مجلس الوزراء أعضاء الحكومة الـ39 المعينون الخميس الماضي. ومما جاء في كلمة تبون التي تضمنها بيان مجلس الوزراء، ونشرتها وكالة الأنباء الرسمية، أن السلطات الجديدة تعتزم تنفيذ خطة اقتصادية كفيلة بـ«تحقيق الأمن الغذائي، بما يضع الجزائريين في منأى عن التبعية للخارج. كما تحررها من التبعية للمحروقات، خاصة عبر تشجيع الطاقات البديلة والمتجددة، والعمل على تصديرها وتعزيز الوجود الطاقوي، وإعادة إطلاق المشروعات الكبرى لتصدير الطاقة المتجددة... كل هذا دون إغفال ضرورة وضع خطط استعجالية لتطوير الزراعة، لا سيما الصحراوية والصناعة الغذائية والصيد البحري، إلى جانب النهوض بقطاع السياحة».
وتحدث تبون عن «ضرورة إطلاق إصلاحات عميقة على نظامنا الضريبي، وما يصاحبه من تقنين للتحفيزات الضريبية التي تصبّ في مصلحة المؤسسات، خاصة منها الناشئة والصغيرة والمتوسطة، مع مراعاة تخفيف الضرائب على المؤسسات التي تخلق مناصب الشغل».
ويأتي أول اجتماع لأعضاء السلطة التنفيذية، في وقت يترقب فيه الملاحظون الكشف عن خطّة تبون لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار، خصوصاً الخطة التي تعهّد بها في حملة الانتخابات، بشأن استعادة الأموال التي هرّبها إلى الخارج، مسؤولون من نظام الرئيس السابق. وطالب تبون حكومته بـ«بتوفير كل الظروف الكفيلة بتعزيز الاحترافية والمهنية، لدى وسائل الإعلام والصحافيين بتقديم كل الدعم والتحفيز اللازمين للتوصل لممارسة إعلامية مسؤولة، في كنف الحرية التي لا يحدّها سوى القانون والأخلاق والآداب العامة، إلى جانب تعزيز حرية الإعلام والإبداع ودور الصحف الإلكترونية».
وتواجه غالبية المؤسسات الإعلامية صعوبات مالية، بسبب تراجع مداخيل الإشهار الذي يعود بدوره إلى الأزمة الاقتصادية، وتعطّل أغلب شركات رجال الأعمال بعد سجنهم بتهم فساد.
ولمح تبون إلى الأوضاع المضطربة في الجارة ليبيا، والتهديدات التركية بالتدخل عسكرياً، فشدَد على «البيئة المعقدة التي تحيط بالجزائر على المستويين الجهوي والدولي، والتي تعتبر اليوم مسرحا لمناورات جيوسياسية كبيرة، وميداناً لتشابك عوامل تهديد وعدم استقرار»، داعياً إلى «استخلاص الدروس على المستوى الاستراتيجي لمواجهة انعكاسات تدهور الوضع الأمني في المنطقة على أمننا الوطني».
وأضاف بخصوص التطورات في ليبيا: «لا ينبغي للجزائر بأي حال من الأحوال، أن تحيد عن واجب التضامن وحسن الجوار، وذلك من خلال تعاون يهدف إلى تحقيق تكامل جهوي مفيد لكل الأطراف.
كما أن الجزائر، التي ترفض التدخل في شؤون الدول الأخرى، ستتصدى بكل قوة لأي محاولة للتدخل في شؤونها الوطنية، وهي المبادئ التي تبقى تشكل ركيزة التزاماتها إزاء السلم والأمن في المغرب العربي وفي أفريقيا والعالم. فضلاً عن التزامها تجاه الدعم الدائم للقضايا العادلة، لا سيما القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية».
وتابع أن الدبلوماسية «مطالَبة بأن تعطي للعالم صورة عن الجزائر الجديدة، التي تثق في نفسها وفي إمكانياتها وفي مستقبلها وفخورة بماضيها وإنجازاتها، وهي واعية بالصعوبات التي تواجهها لكنها مصممة على تجاوزها. الجزائر متمسكة بمبادئها وعازمة على استعادة المكانة التي تليق بها في المنطقة وفي العالم».



إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

كثّف الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم، هذا الأسبوع، باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة لجهة هشاشة الأوضاع المعيشية والخدمية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات.

وتشنّ الجماعة هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأربعاء، هجوماً باتجاه إسرائيل هو الخامس خلال أسبوع، إذ أعلن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب زاعماً أنه حقق هدفه، مع وعيده باستمرار الهجمات.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض.

وأوضح، في منشور على منصة «إكس»، أنه «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مع شن الإرهابيين الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً».

إلى ذلك، قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، في بيان، إنها تلقت تقارير عن إصابة نحو 9 أشخاص أثناء توجههم إلى الملاجئ.

تصاعد الهجمات

كانت الجماعة الحوثية قد تبنت، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بوسط إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من اليمن، مؤكداً اعتراضه قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

عناصر حوثيون يحملون مجسما لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ويوم الاثنين الماضي، قالت تل أبيب إن سلاح الجو اعترض طائرة مسيّرة، أُطلقت من اليمن قبل أن تخترق الأجواء الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت».

وفي حين لم تسجل أي إصابة مباشرة خلال عمليتي الاعتراض، تحدثت خدمة الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 شخصاً أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعضهم أصيب بحالة هلع، بعد دوي صفارات الإنذار.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

حفرة أحدثها صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

صورة جوية وزعها الجيش الإسرائيلي لاستهداف أحد المواقع الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ومع تجاهل الحوثيين تهديدات نتنياهو المتكررة، كان الأخير قد أبلغ أعضاء الكنيست بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال نتنياهو: «وجّهت قواتنا المسلحة بتدمير البنى التحتية للحوثيين لأننا سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. سنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً».

وعلى وقع التصعيد المستمر يترقب اليمنيون بخوف عمليات الرد الإسرائيلية الانتقامية، خاصة أن ضربات تل أبيب لا تفرق بين ما هو هدف عسكري، وبين الأهداف الأخرى المتصلة بحياة السكان الخاضعين للجماعة بالقوة.