التجاهل الإسرائيلي يبعد احتمال إجراء الانتخابات الفلسطينية هذا العام

السلطة تنتظر منذ أسابيع موافقة على اقتراع المقدسيين... لكن لا رد

TT

التجاهل الإسرائيلي يبعد احتمال إجراء الانتخابات الفلسطينية هذا العام

قال مسؤول فلسطيني إن القيادة الفلسطينية ستجتمع قريباً لحسم مسألة الانتخابات بعد أن قررت إسرائيل عدم الرد على طلب السلطة إجراءها في القدس على غرار الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأوضح عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جمال محيسن، أمس، إن إسرائيل «أرسلت رسالة بأنها لن ترد على رسالتنا حول إجراء الانتخابات في مدينة القدس». وأضاف: «في حال أصرّت إسرائيل على عدم الرد على الرسالة الفلسطينية بالموافقة على إجراء الانتخابات حسب الاتفاقات الموقعة، فإن القيادة ستجتمع وتتخذ القرار المناسب في هذا الموضوع».
وكانت السلطة طلبت من إسرائيل قبل أسابيع الموافقة على إجراء الانتخابات في القدس كشرط لإجرائها في بقية الأراضي الفلسطينية، لكن إسرائيل تجاهلت المطلب الفلسطيني.
وأعلن الرئيس محمود عباس، مطلع سبتمبر (أيلول) 2019 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه سيدعو إلى إجراء انتخابات عامة فور عودته إلى الأراضي الفلسطينية؛ حيث كلّف رئيس لجنة الانتخابات، حنا ناصر، ببدء مشاورات في الموضوع حتى أثمرت عن موافقة كافة الفصائل على إجراء الاقتراع.
وأبلغت حركة «حماس» الرئيس عباس، الشهر الماضي، موافقتها المكتوبة على دعوته لإجراء الانتخابات، ثم سلمته لجنة الانتخابات تقريراً يتضمن موافقة كل الفصائل على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وفق الأسس التي وضعها هو (أي الرئيس الفلسطيني) في رسالته الموجهة للجنة الانتخابات بتاريخ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ويشمل التقرير موافقة «حماس» تحديداً على رسالة عباس التي نصت على إصدار مرسوم رئاسي واحد لإجراء انتخابات تشريعية تتبعها انتخابات رئاسية ضمن تواريخ محددة في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وأن تكون الانتخابات التشريعية على أساس قانون النسبية الكاملة، ودعوة هيئات عربية ودولية ومؤسسات تشريعية للمراقبة والإشراف الدولي على عملية الانتخابات، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية، وأن تجرى الانتخابات استناداً إلى القانون الأساسي واحترام نتائج الاقتراع والالتزام بها.
لكن عباس لم يصدر أي مرسوم بانتظار الموافقة الإسرائيلية، وهو الموقف الذي أغضب «حماس». وتقول الحركة إن على عباس عدم انتظار موافقة إسرائيلية وإصدار المرسوم بمعزل عن موقفها من اقتراع الفلسطينيين في القدس في الانتخابات.
لكن عباس أكد لاحقاً أنه لن يجري انتخابات دون أن تكون القدس في داخل هذه الانتخابات، قائلاً إن على «المقدسي أن يصوّت في قلب القدس الشرقية».
وفي اجتماع داخلي لحركة «فتح» عقد مؤخراً، قال عباس: «هناك من يقول: أصدروا المرسوم وانتظروا ضغوطاً كثيرة. لماذا لا نصدر المرسوم؟ من الذي يضمن لنا أن تكون القدس من ضمن المناطق التي ستجري فيها الانتخابات؟ هذا السؤال لجميع الذين ضغطوا علينا، ولا يستطيع أحد أن يعطي ضمانة، ولا نقبل ضمانات في الهواء. إذا لم نحصل على موافقة رسمية على أن نجري هذه الانتخابات في قلب القدس لأهل القدس، أقول لكم بصراحة: لا نستطيع أن نجري انتخابات».
وكان عباس يرد على اتهامات له من قبل «حماس» بأنه رفض الإجماع الوطني، من خلال قبوله تأجيل المرسوم الرئاسي انتظاراً للموقف الإسرائيلي من الانتخابات في القدس.
ولا يتوقع أن توافق إسرائيل على طلب السلطة فيما تشن حملة ضد أي مظاهر سيادية فلسطينية في المدينة التي تقول إنها عاصمتها الأبدية.
ويبعد هذا الأمر إلى حد كبير احتمال إجراء الانتخابات هذا العام. كما أن الخلافات بين السلطة و«حماس» حول التهدئة في غزة تلقي بظلالها على الأمر. وفي هذا الإطار، قال جمال محيسن، عضو مركزية «فتح»، أمس: «إن ما تقوم به حماس على الأرض من تفاهمات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وما يطرح من تهدئة طويلة الأمد وميناء ومطار، يثبت أن حماس ليست جادة في الذهاب إلى الانتخابات سواء تشريعية أو رئاسية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».