«مؤسسة لويس فويتون».. تحفة جديدة في باريس ثمرة زواج الفن والعمارة

فكرة برنار آرنو أغنى رجل في فرنسا وتصميم المعماري فرانك غيري

الخضرة والماء خففت من قوة ودرامية البناية التي تبدو وكأنها على أهبة الإبحار
الخضرة والماء خففت من قوة ودرامية البناية التي تبدو وكأنها على أهبة الإبحار
TT

«مؤسسة لويس فويتون».. تحفة جديدة في باريس ثمرة زواج الفن والعمارة

الخضرة والماء خففت من قوة ودرامية البناية التي تبدو وكأنها على أهبة الإبحار
الخضرة والماء خففت من قوة ودرامية البناية التي تبدو وكأنها على أهبة الإبحار

منذ زمن والحديث يدور حول تلك العلاقة الحميمة التي تربط الفن والموضة بالمعمار، إلا أن هذا الحديث وصل أوجه بعد افتتاح مؤسسة لويس فويتون بباريس في الأسبوع الماضي. المؤسسة، أو بالأحرى المتحف، الذي صممه المعماري الشهير فرانك غيري، البالغ من العمر 85 سنة، بإيعاز من أغنى رجل في فرنسا، برنار آرنو، صاحب مجموعة «إل في إم إتش» التي تنضوي تحتها العديد من بيوت الأزياء والمجوهرات العالمية مثل ديور، بولغاري، لويس فويتون وهلم جرا، يتضمن الكثير من المعاني الثقافية والأهداف الفنية. ما يحسب لهذا العمل، على الرغم من أن العديد من أثرياء صناع الموضة توجهوا لرعاية الفن في السنوات الأخيرة، إما بتمويل أعمال فنية وإما بتصميم متاحف خاصة وغيرها، إنه مختلف عن كل تلك الأعمال، حجما وتصميما وهدفا. فقد شحذ فيه غيري كل أدواته كما وظف كل فنيته في التصميم وقدراته في البناء لتأتي النتيجة عبارة عن تحفة معمارية يمكن أن تنضم بسهولة إلى مركز بومبيدو أو متحف اللوفر وغيرهما كمعلمة ثقافية تفتخر بها باريس، إن لم نقل فرنسا كلها. ما لا يختلف عليه اثنان أن شكل المتحف يتحدى الأسلوب المعماري «الهوسماني» الذي يعطي باريس نكهتها الفريدة، إلا أن هذا الاختلاف لا ينتقص منه بقدر ما يغنيه، كونه يتماهى مع محيطه وفي الوقت ذاته يتميز عنه. فالمبنى يبدو للوهلة الأولى، وكأنه مركبة فضائية تتشرنق إلى السماء، أو سفينة معلقة تتفرع عنها 12 شراعا على شكل جناح من الزجاج مركب فوق هياكل خفيفة من المعدن، كل شراع منها ينحني ويتقوس بشكل مختلف عن الآخر، يخلق إحساسا بأن المتحف سفينة مستعدة للإبحار في أي لحظة، وهو أمر مفهوم بحكم أن المعماري المخضرم يعشق السفن والإبحار. رغم أن اسمها مؤسسة لوي فويتون عوض متحف لويس فويتون، إلا أن الفكرة واحدة، وهي أن تضم أعمالا فنية معاصرة، بعضها سيكون أعمالا ثمينة اقتناها رجل الأعمال برنار آرنو، صاحب المجموعة الاستثمارية الواسعة لدور الأزياء والبضائع الفخمة، «إل في إم إتش» التي تملك، ضمن ما تملك، شركة فويتون للصناعات الجلدية والحقائب، كما سيكون بعضها الآخر ثمرة تعاونات مع فنانين من كل أنحاء العالم. لكن الأهم في كل هذا أنها ستكون امتدادا لـ«إل في إم إتش»، أو إن صح التعبير وجهها الجميل الذي سيلمع صورة مجموعة تجارية ضخمة يشبهها البعض بسمك القرش. كما أن السيد برنار آرنو، بهذه الهدية، التي يقدمها لباريس، يكشف قناع الجدية عن وجه إنساني مرهف، يعشق الفن ويدعمه بكل الوسائل. هذا الربط بين المجموعة والمبنى الفني الجديد يعززه اللوغو الضخم الذي يزين واجهتها من مدخل «افينو ماهاتما غاندي»LV، وهو لوغو صممه غيري على شكل بروش من الصلب المقاوم للصدأ يلمع مثل الماس عندما تنعكس عليه أشعة الشمس، مما يشير إلى أنه بناية مصممة على مقاس المجموعة ومتطلبات صاحبها، مما يجعلها تأخذ صفة الـ«هوت كوتير»، خصوصا وأنها كلفت أكثر من 126 مليون دولار أميركي.
فكرتها لم تكن صدفة أو وليدة نزوة، بل تعود إلى 2001 عندما رأى جون بول كلافيري، «الذي عمل سابقا مع جاك لانغ في وزارة الثقافة الفرنسية، ويعمل حاليا مع مجموعة «إل في إم إتش»، متحف غونغهايم الذي صممه فرانك غيري في بيلباو. أعجب به إلى حد أنه شجع برنار آرنو أن يزور إسبانيا خصيصا لرؤيته. وكما توقع كالفيري، فقد انبهر آرنو بالعمل وطلب مقابلة مصممه، وهو ما حصل في نيويورك بعد عدة أسابيع. جرى الحديث عن رغبة آرنو في تصميم متحف باريسي يختزل رؤيته للمجموعة التي يملكها، وفي الوقت ذاته يجسد هدفه لدعم الفنون بأسلوب قوي ومؤثر وكأنه «هوت كوتير»، وهو ما لباه غيري بحماس وحب. فهذا أول عمل له في باريس منذ عام 1994، عندما صمم المركز الأميركي، الذي يعرف اليوم بـ«سينماتيك فرانسيز». ونظرا للإمكانيات التي وضعت بين يديه، فإنه أدرك مسبقا بأن هذا العمل سيكون أقوى وسيأتي على شكل قصيدة حب لباريس التي سحرته منذ أن زارها لأول مرة في شبابه، قبل 50 عاما.
وبالفعل روض فيه الذوق البورجوازي من دون أن ينسى مغازلة الجانب الوظيفي والشاعري الذي تتميز به غابة بولونيا، «بوا دو بولون»، المؤثثة بالأشجار والبحيرات التي يسبح فيها البط ويتفرع منها متنزه للعب الأطفال، «غاردان داكليماتاسيون» Jardin d›Acclimatation حيث كان يلعب مارسيل بروست في طفولته. وشرح فرانك غيري في يوم الافتتاح أن المشروع مفتوح على كل الاحتمالات «أعتقد بأنه عندما يعمل أي واحد منا بطريقة عفوية معتمدا على حدسه، فإنه يكون متجاوبا إلى حد ما مع المكان والزمان».
ما يشد الانتباه في مبنى «مؤسسة لويس فويتون» من اللحظة الأولى، الاستعمال السخي للزجاج، إلى حد يستحضر «لوغران باليه» الواقع بالقرب من الشانزليزيه، وأيضا الأعمدة المصنوعة من الصلب المكشوف. هذه التفاصيل المكشوفة تعكس أسلوب غيري من جهة، ورغبته في إبراز ما يطلق عليه «العظام» أو هيكل البناء، من جهة ثانية، وكأنه يريد أن يحتفل بما تتضمنه هذه المباني من جماليات وقوة داخلية. وهو اتجاه تبناه منذ عقود عندما كان يترك الإطارات الخشبية واضحة في حيطان البيوت التي كان يصممها، وتطور في هذه البناية الضخمة إلى أعمدة من الصلب وعوارض خشبية تذكر ببرج إيفل على مستوى مصغر. وفيما تمنح هذه العوارض والأعمدة المبنى عضلات قوية، فإن الاستعمال السخي للزجاج والماء يمنحه انسيابية ونعومة، لتتحول صورة السفينة أو المركبة الفضائية المستقبلية في بعض الأحيان إلى راقصة باليه أو «قصيدة شعرية» حسب قول فرانك غيري. فمن بين العناصر التي أخذها بعين الاعتبار أنه جزء من غابة بولونيا، وبالتالي من الضروري أن يضفي عليه الشفافية والانسيابية حتى يتماهى مع هذه الأجواء، عدا أن المصمم يحب أن يدفع بحدود الإبداع إلى أبعد حدود كأي فنان. والجميل فيه أيضا أنه كلما تقدم في العمر زاد جرأة وشجاعة، وكأنه يرى كل عمل ينتهي منه بداية لمغامرة جديدة يجب أن تكون بنكهة مختلفة تماما. فقد أتقن فيه ترويض الزجاج بمنحه انحناءات تخدم أعماله، إلى حد أنها تجلت هنا وكأنها أشكال متراقصة أو أشرعة سفينة تتهادى فوق المياه يمنة ويسرة.
لم ينس أن يشير في يوم الافتتاح بأن الغرض من المبنى هو أن يكون حاضنا للفن، لهذا «ترجمت الفكرة في بناية بحركة، أو بالأحرى بأشرعة»، متعمدا أن تكون الصورة من الداخل بسيطة مثل الكنفس الأبيض، بجعلها شبه عارية من الـ«فذلكات» والألوان حتى يتيح المجال لأعمال فنانين آخرين أن تأخذ مكانها فيه بكل أريحية. وشرح «أحب أن تكون أعمالي غير مكتملة حتى تشجع الناس على اللعب بها والإضافة إليها». والطريف أن المعماري المخضرم كرر أن المبنى ليس «ثمينا» عدة مرات، قاصدا بأنه ليس مقدسا أو غير قابل للتغيير بل يجب الإضافة إليه والاستمتاع باللعب بمساحاته.
ما أكده فرانك غيري في هذا العمل أن تراكم السنوات تمنح أي فنان خبرة وقدرة عالية لا تتوفر في الشباب، بل واعترف بأن هناك بعض الأشياء التي لو كان بيده اليوم لغيرها في هذا العمل رغم رضاه عن نتيجته النهائية، والسبب أنه «على الرغم من أن تنفيذه اكتمل الآن فإني صممته منذ نحو 6 سنوات تقريبا والإنسان يتطور في كل سنة، فما البال بـ6 سنوات».
يمتد المتحف، على مساحة 126 ألف قدم مربع ويحتضن 11 قاعة مترامية على 4 مستويات إضافة إلى صالة عرض كبيرة ستحتضن عدة فعاليات عندما يفتتح في آخر هذا الشهر. لكن يبقى الطابق الأعلى المفتوح على سماء باريس بمدرجاته المتعددة التي تطل على حدائق «بوا دو بولون» وعلى ناطحات «لا ديفونس» من أجمل ما تقع عليه العين، إذ لا يفوتك هنا ملاحظة اهتمام غيري بأدق التفاصيل، مثل الإضاءة الخفية، والانحناءات التي تشير إلى تأثره بالكنيسة التي صممها لوكوربيزييه في رونشون، وهي كنيسة تقع على بعد 250 ميل جنوب شرقي باريس، فضلا عن ربطه مختلف الفضاءات ببعض، وإدخال الدفء عليها رغم ألوانها الهادئة والوظيفية، إلى حد ما.
الاهتمام بالتفاصيل وخض الحواس بالمفاجآت ظهر في كل طابق وفي كل جزئية تقريبا. ففي الطابق السفلي مثلا، يشدك شلال من الماء وما يشبه المسابح الصغيرة المتناثرة على شكل مغارات، توقظ بداخل الزائر الرغبة في الاستكشاف، كما تعكس الضوء على أعمدة بزوايا مثلثة مصنوعة من زجاج مورانو للفنان أولافور إلياسون باسم «إنسايد ذي هورايزون».
وعندما تخرج من هذه الرحلة الاستكشافية متشبعا بالشروحات التي تبرع بها المسؤولون عن هذه التحفة، تشعر بأن فرانك غيري نجح في تطويع البناية وجعلها تتماهى مع المحيط المجاور لها، وبأن السيد برنار آرنو نجح بدوره في تطويع الصعوبات اللوجيستية والبيروقراطية، لاقتناعه بالفكرة وأهدافها البعيدة المدى. فالأرض التي يقع عليها المتحف تخص مدينة باريس، وبالتالي تطلب الحصول على حق البناء فوقها الكثير من التفاوض، وبقيود عديدة تتعلق بالمساحة والارتفاع وشروط تدعو لمراعاة الحديقة المجاورة الخاصة بالأطفال. من هذه الشروط أيضا أنه في عام 2062، أي بعد 50 عاما تقريبا، ستتحول ملكية المتحف إلى باريس وتصبح ملكية عامة. وهذا تحديدا ما يحسب للسيد آرنو، الذي تعامل مع كل هذا بإيجابية، تشير إلى أن المبنى يعني له أكثر من مجرد متحف يحمل اسم واحدة من بيوت الأزياء التي يعتبرها الملياردير جوهرة في تاج مجموعة «إل في إم إتش»، فهو هدية قيمة لمدينة باريس من جهة، وبيت ثان للأعمال التي اقتناها عبر السنوات من جهة ثانية، لهذا كان لا بد أن يكون سخيا من كل الجوانب، بحيث يمكن التفاعل معه بسهولة على المستويين الجمالي والثقافي، حتى يترك بصمة قوية على باريس. هذا ما جعل كل الصعوبات تهون في سبيل تعبيد الطريق لإنجاز هذه التحفة، فضلا أن السيد برنار آرنو تعود على ترويض المصاعب. فعندما قرر ترميم محلات «لاساماريتان» المطل على نهر السين منذ سنوات قوبل قراره بالرفض، لكن الكلمة الأخيرة كانت له وحصل على ما أراد واكتشف الكل كم كان مصيبا في قراره ونظرته، نفس الأمر يمكن أن يقال على هذا المتحف. فهو الآخر واجهته عراقيل بيروقراطية وسخط جماعات تنادي بالحفاظ على شخصية «بوا دو بولون»، لكن في آخر المطاف، تم الاقتناع بفكرة الملياردير بأن المتحف في الصالح الوطني، وسيتضمن أعمالا فنية يمكن للكل الاستمتاع بها. والأهم من هذا، يمكن اعتباره خطوة استراتيجية مهمة لاسترجاع باريس مكانتها الفنية التي تراجعت في العقود الأخيرة لصالح عواصم أخرى مثل نيويورك في زمن أصبحت فيه كل عواصم العالم تستعين بمعماريين لتصميم معالم ثقافية تجذب إليها أنظار العالم، من باكو في أذربيجان إلى بيلباو في إسبانيا.

* يفتتح المتحف للعامة في 27 من شهر أكتوبر الحالي.



إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

مطلع العام الحالي، بدأت القصة تنسج خيوطها في لندن، وفي الرياض اكتملت في ليلة استثنائية بعنوان «1001 موسم من إيلي صعب»، تحتفل بمسيرة مصمم أصبح فخر العرب، كما بالثقافة والموسيقى والترفيه.

في حفل ضخم حضره نجوم السينما والموسيقى من كل أنحاء العالم، وأحياه نجوم مثل سيلين ديون وجينفر لوبيز وكاميلا كابيلو ونانسي عجرم وعمرو دياب، عاش أكثر من 1000 ضيف ساعات ستبقى محفورة في الأذهان؛ لما فيها من إبداع وإبهار تعمّده مصمم الأزياء اللبناني، وكأنه يتحدى به العالم.

ففي بريقها تكمن قوته، وفي أنوثتها الرومانسية أساس مدرسة أرساها منذ 45 عاماً في بيروت، ونشرها في كل أنحاء العالم.

وقال صعب لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما قُدم في (موسم الرياض) جسّد حلمنا جميعاً، ونستحقه بوصفنا عرباً». وأضاف أن سعادته بهذا الحدث تنبع من نجاحه في إثبات أن منطقة الشرق الأوسط معطاءة وقادرة على الإبداع.

أما عرضه الذي ضم نحو 300 قطعة جديدة وأرشيفية، فكان يحمل رسالة حب للمرأة في كل زمان ومكان، وهو ما أكده الفستان الأيقوني الذي تسلمت به هالي بيري جائزة الأوسكار في عام 2002.