ارتفاع درجات الحرارة يزيد من تأجيج الحرائق المستعرة في أستراليا

إندونيسيا تضرب السحاب بزخات الملح لإسقاط المطر قبل وصوله إلى جاكرتا

رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون يزور منطقة الحرائق في فيكتوريا أمس ويواجه غضب السكان والانتقادات (أ.ب)
رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون يزور منطقة الحرائق في فيكتوريا أمس ويواجه غضب السكان والانتقادات (أ.ب)
TT

ارتفاع درجات الحرارة يزيد من تأجيج الحرائق المستعرة في أستراليا

رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون يزور منطقة الحرائق في فيكتوريا أمس ويواجه غضب السكان والانتقادات (أ.ب)
رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون يزور منطقة الحرائق في فيكتوريا أمس ويواجه غضب السكان والانتقادات (أ.ب)

تتوقع الأرصاد الجوية الأسترالية هبوب رياح قوية، وارتفاعاً في درجات الحرارة، اليوم (السبت)، إلى ما فوق 40 درجة مئوية، مما يزيد من تأجيج الحرائق المستعرة أصلاً. وأعلنت السلطات حالة الطوارئ في جنوب شرقي البلاد، الأكثر اكتظاظاً بالسكان في أستراليا. وبدأت البحرية الأسترالية، أمس (الجمعة)، إجلاء الأشخاص من مدينة جنوب شرقي البلاد محاصرة بالنيران، عشية عطلة نهاية الأسبوع التي تخشى البلاد من تفاقم حرائق الغابات خلالها. وأثرت حرائق الغابات، التي كانت عنيفة جداً هذه السنة، على المدن الأسترالية الكبرى. وما زالت ملبورن وسيدني تحت تأثير دخان النار الخامدة الجمعة، بينما انتقلت مباريات بطولة كانبيرا الدولية للتنس إلى بينديجو (فيكتوريا). ومنذ بدء موسم الحرائق، في سبتمبر (أيلول)، قتل 20 شخصاً على الأقل، وفقد العشرات، كما أتت النيران على 1300 منزل، واحترقت مساحة تعادل ضعف مساحة بلجيكا. وغادر آلاف السياح والسكان المناطق الأكثر عرضة للحرائق على الساحل الشرقي الممتد على طول 300 كيلومتر، وأدى ذلك إلى اختناقات مرورية في الطرق المؤدية إلى سيدني وكانيبرا.
وعد أندرو كونستانس، وزير النقل في نيو ساوث ويلز، أنّ عملية إخلاء المنطقة السياحية هي «الأكبر على الإطلاق في المنطقة». وفي شمال بلدة ناورا، تنتظر العائلات في سيارات عالقة في الزحام محملة بالدراجات أو ألواح التزلج.
وأعلنت رئيسة وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، غلاديس بيريكليان، كما نقلت عنها الصحافة الفرنسية: «لا تزال هناك نافذة للمغادرة»، مضيفة: «إذا لم تكن هناك حاجة لبقائكم في المنطقة، ارحلوا! إن النافذة ستغلق».
وقام زورق تابع للبحرية الأسترالية برحلات ذهاب وإياب إلى السفينة الحربية وبلدة مالاكوتا، ليقل عائلات يصطحبون معهم، أحياناً، حيواناتهم الأليفة وبعض الحاجيات الشخصية. ولجأ بعض سكان هذه المدينة الواقعة في ولاية فيكتوريا، منذ ليلة رأس السنة، إلى الشاطئ لحماية أنفسهم. وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون: «يجب إجلاء ألف شخص من المنطقة مع حلول ظهر اليوم». وأصدرت السلطات أوامرها لعشرات آلاف الأشخاص بالإجلاء في 3 ولايات. وتعرض رئيس الوزراء (من يمين الوسط) للانتقادات لقضاء عطلة عائلية في هاواي في ديسمبر (كانون الأول)، فيما كانت بلاده تشهد حرائق غير مسبوقة، وللنتائج المتواضعة حول المناخ بسبب إدارته للأزمة. وفي بلدة كوبارغو، واجه موريسون موجة من الاستهجان، لا سيما عندما رفضت ربة منزل شابة تبكي ورجل إطفاء متطوع مصافحته، قبل أن يعود ليستقل موكبه وسط عاصفة من الشتائم. وصاح أحد السكان: «لن نصوت لصالحك، يا صديقي»، مضيفاً: «إنه أمر غير عادل؛ إننا منسيون».
وعد رئيس الوزراء أن «الناس غاضبون؛ لقد فقدوا الكثير، وهم على حافة الهاوية»، مضيفاً: «أنا أتفهم تماماً ما يشعر الناس به؛ أنا لا أخذ الأمر على محمل شخصي».
وتمكنت إيلويز جيفني (26 عاماً) من الفرار تحت حراسة الشرطة، بعد أن قضت هي وآخرون 4 أيام من دون كهرباء أو هاتف أو إنترنت. وذكرت لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد اقتربت النيران منا على مسافة تصل إلى 50 متراً. كان علينا القيادة من خلالهم، لأن ذلك كان السبيل الوحيد للمغادرة»، متحدثة عن ألسنة من النار يبلغ ارتفاعها 15 متراً على طرفي الطريق. وأضافت: «لقد تقطعت بنا السبل من دون كهرباء لمدة 4 أيام، وكان بصحبتنا 5 أطفال، ولكن لم يعد لدينا طعام منذ يوم».
وعمدت طائرات عسكرية إلى إلقاء الطعام في المناطق المعزولة. وأشار رئيس وزراء ولاية فيكتوريا الأسترالية، دانييل أندروز، إلى أنه تم إلقاء أجهزة هاتف فضائية، بالإضافة إلى إمدادات بالماء ومعدات الطوارئ.
ومن جانب آخر متعلق بالتغيرات المناخية، بذرت القوات الجوية الإندونيسية الملح في السحاب، أمس (الجمعة)، في محاولة لمنع الأمطار من الوصول إلى العاصمة التي تغرق ببطء في أعقاب سيول وانهيارات أرضية تسبب فيها بعض من أشد الأمطار غزارة التي يتم تسجيلها على الإطلاق. وقالت وكالة الحد من آثار الكوارث إن إجمالي القتلى في جاكرتا والمناطق المحيطة بها قفز إلى 43 حتى أمس (الجمعة)، فيما تُقدر أعداد النازحين بعشرات الآلاف. وقال مسؤول بوكالة التكنولوجيا الإندونيسية (بي بي بي تي) إن الوكالة وسلاح الجو نفذا عمليات البذر على 3 جولات، مع توقعات بالمزيد منها إذا اقتضت الحاجة. وتهدف عمليات البذر، التي تتم بإطلاق زخات الملح في محاولة لاستثارة هطول الأمطار، إلى تفكيك السحب قبل وصولها إلى جاكرتا. وقال همام رضا، رئيس الوكالة، للصحافيين: «سننفذ (عمليات) بذر (الملح) في السحاب كل يوم، حسب الحاجة». وتستخدم هذه العمليات كثيراً في إندونيسيا لإخماد حرائق الغابات خلال موسم الجفاف.


مقالات ذات صلة

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

أوروبا ثوران بركاني بالقرب من جريندافيك بآيسلندا (إ.ب.أ)

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

ثار بركان ليل الأربعاء - الخميس، في شبه جزيرة ريكيانيس، جنوب غربي آيسلندا، في سابع ثوران تشهده البلاد منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (ريكيافيك)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس منطقة فالنسيا كارلوس مازون بعد حديثه في البرلمان الإقليمي حول ما حدث في فيضانات 29 أكتوبر 2024 في فالنسيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية يقر بحدوث «أخطاء» في إدارته للفيضانات

برر رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية كارلوس مازون، اليوم (الجمعة)، بشكل مسهب إدارته للفيضانات القاتلة في 29 أكتوبر، واعترف بحدوث «أخطاء».

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الناس ينظفون بين السيارات المتراكمة في ألفافار بعد عاصفة دانا في فالنسيا 5 نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

إسبانيا تعلن خطة مساعدات بعد فيضانات خلّفت 219 قتيلاً

أعلنت الحكومة الإسبانية، الثلاثاء، عن خطة مساعدات بقيمة 10.6 مليار يورو لدعم آلاف المواطنين والشركات المنكوبة في جنوب شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».