استطلاعات تكشف حيرة الإسرائيليين بين محاكمة نتنياهو ورئاسته للحكومة

الانتخابات الثالثة خلال عام قد لا تحل مشكلة الأغلبية البرلمانية

TT

استطلاعات تكشف حيرة الإسرائيليين بين محاكمة نتنياهو ورئاسته للحكومة

أظهرت نتائج ثلاثة استطلاعات رأي مختلفة أن المواطنين الإسرائيليين يريدون بغالبيتهم أن يُحاكَم بنيامين نتنياهو بتهم الفساد، ويرفضون إعطاءه حصانة برلمانية، وفي الوقت نفسه لا يتنازلون عنه كرئيس حكومة ويفضلونه عن بقية المرشحين للمنصب، وعندما يُسألون كيف سيصوتون إذا جرت الانتخابات اليوم يعطون النتيجة نفسها تقريباً، التي خرجت بها انتخابات شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي قادت إلى أزمة سياسية متفاقمة جعلت «الكنيست» يحل نفسه، ويتوجه إلى انتخابات ثالثة في غضون 11 شهراً.
وقد أُجريت الاستطلاعات في القنوات التلفزيونية الثلاث العاملة في إسرائيل، وأظهرت بعض الفوارق الطفيفة، لكنها أجمعت على أن حزب الجنرالات «كحول لفان»، برئاسة بيني غانتس، سيفوز بأكبر عدد من الأصوات ويرتفع من 33 مقعداً الآن إلى 35 مقعداً، لكن بالمقابل يرتفع الليكود أيضاً، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من 32 إلى 33 مقعداً. ويرتفع معسكر اليمين بمقعد واحد أو يحافظ على قوته أو يخسر مقعداً واحداً، لكنه لن يتمكن من تشكيل حكومة. ويبقى حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، برئاسة أفيغدور ليبرمان، «لسان الميزان»، مع أنه يخسر مقعداً أو مقعدين. وتجمع الاستطلاعات على أن «القائمة المشتركة» التي تضم الأحزاب العربية ستحافظ على قوتها، 13 مقعداً.
وتعني هذه النتائج أن الأزمة ستبقى على حالها، وأن مصاعب تشكيل الحكومة ستعود من جديد. فالانتخابات الثالثة خلال عام قد لا تحل مشكلة الأغلبية البرلمانية، إذ إن أحزاب اليمين الحاكم حالياً لن تستطيع تشكيل حكومة يمين، مع هذه النتائج. وليبرمان يمنع تشكيل حكومة يشارك فيها، أو يساندها النواب العرب. ويكون المخرج الوحيد المتبقي هو التوجه إلى انتخابات رابعة. لكن ليبرمان سارع للتصريح بأنه سيمنع إجراء انتخابات برلمانية رابعة، ولم يفسر كيف سيفعل ذلك. وتلقف اليمين هذا التصريح ليتهمه بأنه سيقيم حكومة تستند إلى العرب. لكن مصادر مقربة من ليبرمان قالت إنه يدير محادثات مع عدة سياسيين من الائتلاف الحاكم «الذين ملّوا من نتنياهو الذي يجر كل أحزاب اليمين وراءه كالقطيع، في الحرب التي يخوضها من أجل نفسه، وليس من أجل الدولة، التي قد تؤدي إلى إسقاط اليمين عن الحكم لسنين طويلة».
وقد نشرت الاستطلاعات على النحو التالي:
استطلاع القناة 12: قائمة «كحول لفان» 35 مقعداً، «الليكود» على 33 مقعداً، «القائمة المشتركة» 13 مقعداً، ليبرمان على 8 مقاعد، حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين 8 مقاعد، قائمة «يهدوت هتوراه» لليهود الأشكناز المتدينين 8 مقاعد، قائمة «اليمين الجديد» برئاسة نفتالي بنيت وأييلت شاكيد على 6 مقاعد، قائمة حزبي «العمل» و«جيشر»، برئاسة عمير بيرتس 5 مقاعد، قائمة «ميرتس» 4 مقاعد. وأما قائمة «اتحاد أحزاب اليمين»، التي تضم «البيت اليهودي» الاستيطاني و«عوتسما يهوديت» مكملة طريق كهانا العنصري، فلا تتجاوز نسبة الحسم.
وبحسب هذه النتائج، سيحافظ معسكر اليمين بقيادة نتنياهو على قوته الحالية 55 مقعداً، وكذلك معسكر «اليسار - الوسط» - العرب بقيادة غانتس على 57 مقعداً، وليبرمان وسطهما مع 8 مقاعد.
استطلاع القناة 13: «كحول لفان» 36 مقعداً، «الليكود» 34 مقعداً: «القائمة المشتركة» 13 مقعداً: «اليمين الجديد» 8 مقاعد: «شاس» 7 مقاعد: «يهدوت هتوراه» 7 مقاعد، ليبرمان 6 مقاعد، «العمل - جيشر» 5 مقاعد، «ميرتس» 4 مقاعد. وهنا أيضاً تسقط قائمة «اتحاد أحزاب اليمين». وبحسب هذا الاستطلاع، يرتفع معسكر اليمين إلى 56 مقعداً، ويرتفع «معسكر اليسار - الوسط» والعرب إلى 58 مقعداً، ويبقى ليبرمان لسان الميزان، ولكن مع 6 مقاعد.
استطلاع قناة «كان»: «كحول لفان» 35 مقعداً، «الليكود» 33 مقعداً: «القائمة المشتركة»، 13 مقعداً، «يهدوت هتوراه»، 8 مقاعد، «شاس» 7 مقاعد، ليبرمان 7 مقاعد، «العمل - جيشر» 6 مقاعد، «اليمين الجديد» 6 مقاعد، «ميرتس» 5 مقاعد. ووفق هذا الاستطلاع، يهبط معسكر اليمين إلى 54 مقعداً، ويرتفع «معسكر اليسار – وسط» و«العرب» إلى 59. ويظل ليبرمان صاحب القرار الحاسم مع 7 مقاعد.
وتوجه استطلاع قناة «كان» بالسؤال إن كان الجمهور يؤيد الاستجابة لطلب نتنياهو الحصول على حصانة برلمانية، تؤجل محاكمته. فجاء الجواب: أكثرية بنسبة 52 في المائة تعارض منح نتنياهو الحصانة البرلمانية، وفقط 28 في المائة قالوا إنهم يؤيدون منحه الحصانة. وقال معدو الاستطلاع إن 33 في المائة من مؤيدي نتنياهو والمصوتين له يعارضون منحه حصانة، ويؤيدون إجراء محاكمته بتهم الفساد خلال بقائه في منصبه رئيساً للحكومة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.