تكليف دياب تشكيل الحكومة اللبنانية يفاقم الاستياء السنّي

الحريري مقابل باسيل معادلة مرفوضة... ومسار «الإحباط» بدأ في 2008

تكليف دياب تشكيل الحكومة اللبنانية يفاقم الاستياء السنّي
TT

تكليف دياب تشكيل الحكومة اللبنانية يفاقم الاستياء السنّي

تكليف دياب تشكيل الحكومة اللبنانية يفاقم الاستياء السنّي

يشعر المسلمون السنة في لبنان منذ عام 2008 - وهو العام الذي استخدم فيه حزب الله سلاحه في الداخل - أن تأثيرهم يتضاءل على حساب الشيعة والمسيحيين. وبعدما اعتقدوا أن التسوية السياسية التي قرّر رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري السير بها في عام 2016، والتي أسست لشراكة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«التيار الوطني الحر»، الواسع التمثيل لدى المسيحيين، من شأنها أن تعزز موقعهم في الحياة السياسية، اضطر الحريري للاستقالة. والأسوأ أن استقالته جاءت على خلفية اندلاع الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتلاها تكليف وزير التربية الأسبق حسان دياب - المقرّب من الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) وعون - لتشكيل الحكومة الجديدة بـ6 أصوات نيابية سنّية فقط. وهو ما فاقم من الاستياء السنّي الذي بات يظهر بوضوح من خلال عمليات الاعتراض المتواصلة في المناطق ذات الغالبية السنّية.

يعدّ القسم الأكبر من المسلمين السنة في لبنان اليوم، أن المطالب التي رفعتها الانتفاضة والتي نادت بإسقاط كل زعماء الطوائف دون استثناء، أتت على حسابهم وحدهم، وذلك لأن سعد الحريري، الزعيم السني الأول في البلاد، هو وحده بين الرؤساء الثلاثة الذي استقال، بينما ظل رئيس الجمهورية الماروني ورئيس مجلس النواب الشيعي في منصبيهما.
ثم إن تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة، بعد امتناع رئيس الجمهورية عن الدعوة لاستشارات مُلزمة فور استقالة الحريري، أثار الاستياء السنّي لسببين؛ الأول: بدء رئيس الجمهورية وحلفائه إجراء مشاورات التشكيل قبل التكليف. والثاني: لأن قسماً كبيراً من السنة يعتبر أن تكليف دياب تولاه «الثنائي الشيعي» والوزير جبران باسيل، رئيس تيار رئيس الجمهورية، وهو ما يعني برأيهم فرض إرادة طوائف أخرى على الطائفة السنّية. والسبب الثاني عبّر عنه بوضوح رئيس الحكومة السابق تمام سلام الذي اعتبر أن «الإتيان برئيس الحكومة المكلف حسان دياب لتشكيل الحكومة وملابسات تسميته يقابَل بما هو أكثر من اعتراضٍ سنّي، فهناك غضب عند السنة بفعل ما تم اعتماده من تكليفٍ مُعَلَّبٍ لدياب وبالرغم عنهم».
دياب، الأستاذ الجامعي في هندسة الاتصالات والكومبيوتر ونائب رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، حصل على 69 صوتاً لتشكيل الحكومة الجديدة، بينهم فقط 6 أصوات سنّية؛ وهي أصوات نواب «اللقاء التشاوري» الذي يضم النواب السنة المتحالفين مع حزب الله: عدنان طرابلسي، وعبد الرحيم مراد، والوليد سكّرية، وجهاد الصمد وفيصل كرامي، إضافة إلى النائب قاسم هاشم عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي. وفي المقابل، أحجم 21 نائباً سنّياً من أصل 27 عن تسميته من ضمنهم كتلتا «المستقبل» و«الوسط المستقل» التي يرأسها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي.
النائب في تيار المستقبل عاصم عراجي قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه إن «الشارع السنّي يعيش نوعاً من الإحباط نتيجة تكليف دياب، وهذا ليس خافياً على أحد. أضف أن طريقة التشكيل الحاصلة وتوزيع الحصص يفاقمان هذا الإحباط». ولفت إلى أن «الاعتراض السنّي الأساسي هو كيف أن ما أعطي لحسان دياب لم يُعطَ لسعد الحريري، ما يظهر وجود نية واضحة لإقصاء الزعامات السنية». وأضاف عراجي: «لا يقتصر الإحباط السني الحالي على تكليف دياب، بل سبقه الاستياء من محاولة جبران باسيل فرض نفسه بإطار معادلة (سعد مقابل جبران)، وهي معادلة مرفوضة تماماً، باعتبار أن باسيل رئيس تيار، أما الحريري فرئيس حكومة. وبالتالي، لا يصح وضع الحريري إلا في معادلة مع عون وبرّي، وليس ربط ترؤسه الحكومة بوجود باسيل فيها». ثم تساءل: «أليس جبران باسيل نفسه مَن سبق أن تحدث عن وجوب أن يكون رئيس الجمهورية الأقوى في طائفته؟ فلماذا ما يصحّ في رئاسة الجمهورية لا يصح في رئاسة الحكومة؟».
إلا أن الجو الذي ينقله عراجي عن الشارع السني، لا يوافق عليه تماماً النائب السني في كتلة برّي، قاسم هاشم (وهو عضو في حزب البعث - جناح سوريا -) الذي يستبعد أن يكون الإحباط تسلل إلى سنة لبنان على خلفية تكليف دياب، ويقول: «ذلك لم يحصل إلا بعد اعتذار صاحب أكبر كتلة ممثلة للسنة، ألا وهو الرئيس الحريري، علماً بأن القاصي والداني يعلم بأن (الثنائي الشيعي) أصرّ حتى ربع الساعة الأخيرة على أن يتولى رئيس (المستقبل) رئاسة الحكومة». وتابع قاسم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» كلامه: «قرار الحريري الاعتذار عن التشكيل استدعى التعاطي وفق الأصول الدستورية التي أدت لتكليف الدكتور دياب». ومن ثم شدّد على أن «الإشكالية الأساسية تتخطى الخلاف الحالي - وتكمن في الروحية الطائفية والمذهبية المتحكمة بالبلد من خلال هذا النظام الطائفي البغيض الذي نعتبر أنه آن أوان التخلص منه».

- مسار طويل من الإحباط
في هذه الأثناء، يرى وزير ونائب سابق من تيار «المستقبل» - فضل إغفال الإشارة إلى هويته - أن تكليف دياب «ليس إلا نتيجة طبيعية للمسار الذي تسلكه الأمور منذ عام 2008 عندما أخذ السنة في لبنان يشعرون من وقتها حينها بالإحباط لوجود انطباع سائد بسيطرة حزب الله على كل شيء وضمناً مقدرات الطائفة». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بعد اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري في عام 2005، كان هناك نوع من استنهاض سنّي ما لبث أن تلاشى بعد 3 سنوات. وأردف المسؤول «المستقبلي» السابق: «توالت الانتكاسات سواءً في عام 2011 بعد إقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة وفرض نجيب ميقاتي رئيساً جديداً ووصولاً إلى إقرار قانون انتخاب في عام 2017 جاء على حساب تيار المستقبل». وعدّ النائب السابق أن «أزمة السنة ليست محصورة في لبنان، إنما تمتد إلى سنة سوريا والعراق الذين حُمّلوا مسؤوليات كبيرة بموضوع الإرهاب وسواه من المواضيع... أضف إلى أن الهجمة الإيرانية على منطقتنا لعبت دوراً كبيراً في الإحباط السنّي، من دون أن ننكر أن الطائفة لم تتمكن، وبالتحديد في لبنان، من أن تفرز قيادات تكون على مستوى الأحداث أو أنه لم يُسمح لها بذلك».
«مركز كارنيغي للشرق الأوسط» يعتبر من جهته أن رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري - وهو أحد الزعماء السنة ذوي الشعبية - كان في النتيجة ركناً أساسياً في إعادة بناء وتعزيز المؤسّسات التي دمرتها الحرب الأهلية في البلاد بين عامي 1975 و1990. غير أن اغتياله في عام 2005 غيّر هذه المعادلة بصورة كبيرة. ويشير المركز في دراسة سابقة له إلى أنه مع اغتيال الحريري، ظلّ السنة من دون زعيم «كاريزمي» ذي نفوذ في هرم الدولة.
عودة إلى النائب عراجي، الذي يتحدث عن «تحوّل» في طريقة تعاطي السنة في لبنان مع المسار العام للأمور، «فهم لم يفكروا يوماً خلال الحرب الأهلية بتشكيل ميليشيات على غرار باقي الطوائف، فكان الفلسطينيون هم من يقودون الجبهة». ويضيف: «هم لطالما شعروا أنهم طائفة كبيرة على مستوى العالم العربي، وبالتالي لا مكان للوهن والضعف في نفوسهم، بل على العكس كانوا يعتبرون أنهم من المفترض أن يحتضنوا كل الطوائف. غير أن ما حصل في سوريا، بشكل أساسي، كما الدور الإيراني المتعاظم في المنطقة، كانا من العوامل التي زرعت القلق في نفوسهم وجعلت الإحباط يتسلل إليها».
وفي هذا السياق، كتبت الدكتورة منى فياض، الأستاذة في الجامعة اللبنانية ببيروت، في أحد مقالاتها أنه «من الظلم حصر مظلومية الطائفة السنيّة، التي حوصرت بتهم (التكفير) و(التخوين) و(الدعشنة)، حتى طرابلس - عروس الثورة - وُسمت بأنها (قندهار لبنان)، بكيفية تعيين الرئيس المكلف». وأشارت إلى أن «الإحباطات تتراكم منذ اغتيل رفيق الحريري عام 2005 مروراً بغزوة 7 مايو (أيار) التي تسببت في مقتل أكثر من 100 ضحية. وتوالت المحطات المشابهة، فوصل الأمر إبّان حصار السراي الحكومية إلى الاعتداء على رجال دين سنة من صبية حي اللجاه والخندق الغميق نفسه فحلقوا ذقونهم. ناهيك بشيطنة (الرئيس فؤاد) السنيورة الذي أصبح الممثل الحصري للفساد الذي يغرقون به جميعهم». وأضافت: «وليس إسقاط الحريري، في سابقة لا مثيل لها، من الرابية في لحظة دخوله البيت الأبيض هو الذي سيرفع معنويات السنة، كما اللبنانيين، ولا وضع البلد في الثلاجة لعامين ونصف العام من أجل الإتيان بالرئيس الذي فرضته الثنائية الشيعية».
ورأت الدكتورة فياض (وهي شيعية) أنه «تم إضعاف الطائفة السنّيّة عندما وافق الحريري على التسوية التي جعلته الغطاء (الميثاقي) لفرض قانون انتخاب (أرثوذكسي) على الطريقة الفرزلية (اقترحه نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، حليف الرئيس عون) سمح لحزب الله بالحفاظ على دولته وسلاحه وعلى احتكاره للتمثيل الشيعي، بصورة دستورية هذه المرة». ثم لفتت إلى أن «الحريري وحلفاءه برّروا التسوية - الصفقة تحت شعار تجنب الفراغ؛ فوقعنا في الهاوية». وأيضاً، رأت فياض أنه «من الطبيعي أن يورث تراكم هذه الجروح الشارع السني، المرارة والإحباط الشديدين حتى الغليان. ليس لأنه يريد استعادة الحريري (سوى بجزء ضئيل منه)، بل لأن الثورة لم تعنِ إسقاطه وحده لتعويم أركان السلطة الباقين».

- اختلال ميزان القوى
في أي حال، تتعرض القوى والأحزاب السنّية للانتقاد بسبب تقصيرها الكبير تجاه المجتمع السنّي، ما يجعل المناطق ذات الغالبية السنية، خصوصاً في عكار وطرابلس بشمال لبنان، ومناطق في البقاع بشرق لبنان، ترزح تحت فقر مدقع كان وراء دفع عدد كبير من أبنائها للانضواء في صفوف «الانتفاضة الشعبية» أخيراً.
ووفق مركز «كارنيغي»، فإن «عدداً متزايداً من السنة يشعرون بخيبة أمل بسبب ما يعدّه البعض تخلّي تيار (المستقبل) عن نضاله ضد النفوذ السوري والإيراني في لبنان، الذي يشكّل أحد البرامج التي قام على أساسها». إلا أن الوزير والنائب «المستقبلي» السابق يردّ السبب الرئيسي لتراجع دور السنة في لبنان وتيار «المستقبل» إلى «كون البلد من دون سيادة، ولتحكم لعبة توازن القوى به واختلال الميزان بميله بوضوح لمصلحة حزب الله، بدل أن نكون في كنف قوة التوازن». ويصف الإحباط السنّي بـ«المخيف» مشدداً على أنه لا يمكن تبيان إلى أين يمكن أن يؤدي، ومضيفاً: «هناك عنصر أساسي لا يجري كثيراً التوقف عنده، وهو يشكل تحولاً جذرياً بالطائفة السنّية في لبنان التي لطالما كانت (مدينية)، أي تتمركز في مدن بيروت وطرابلس وصيدا، فإذا بها اليوم وبنسبة تفوق 50 في المائة تتحول ريفية... بحيث بات سنة لبنان يتمركزون بشكل لافت في مناطق عكار والبقاع الغربي والبقاع الشمالي وزحلة وشبعا وغيرها من المناطق الريفية، ما يعني نظرة مختلفة للأمور ولكيفية مقاربتها».
على صعيد متصل، لاحظت دراسة لـ«معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» أن الطائفة السنّية اللبنانية، والتي تشهر صفات الانفتاح والعصرية، قد تمكنت بالفعل من مقاومة الضغوط المتعددة باتجاه التطرف والتشدد، وذلك نتيجة بناها الذاتية الداخلية وتواصلاتها الاجتماعية الاقتصادية مع الطوائف الأخرى. إلا أنها ترى أن الزعامات السنّية، التي تعرضّت لقدر جديد من التشظّي بعد اغتيال رفيق الحريري، لم تواكب الجهد الأهلي في مقاومة هذه الضغوط. وترد الدراسة السبب لكون هؤلاء الزعماء يواجهون صعوبات مشهودة وتحديات متواصلة لمواقعهم، وتعتبر أن «التعويل على الدفاعات الداخلية للطائفة السنّية لن يكون كافياً لمواجهة السعي القائم من جانب محور المقاومة (أي حزب الله وخلفه نظام إيران) لوسم الطائفة بالتطرف ولدفعها إليه».

- الصراع السني ـ الماروني على الصلاحيات
لا يرتبط «الإحباط السنّي» المستجد حصراً بتكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، إذ لطالما شهدنا في الآونة الأخيرة صراعاً بين القوى السنّية في لبنان من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون وصهره الوزير جبران باسيل من جهة ثانية. وهذان الأخيران تتهمهما القوى السنّية بمحاولة استعادة صلاحيات أخذها «اتفاق الطائف» من موقع رئيس الجمهورية وأعطاها لمجلس الوزراء مجتمعاً.
ويركز رؤساء الحكومات السابقون في الفترة الأخيرة على ما يرون أنها «خروقات متكررة للطائف»، كان آخرها برأيهم تأخير إتمام الاستشارات النيابية. وفي بيان أصدره أخيراً رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة، تحدثوا عن «اعتداء سافر على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلف من خلال الاستشارات النيابية المُلزمة لرئيس الجمهورية بإجرائها وبنتائجها، ومن ثم الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة عندما يتمّ تكليفه تشكيل الحكومة بعد إجراء الاستشارات اللازمة، وذلك من خلال استباق هذه الاستشارات وابتداع ما يسمى رئيساً محتملاً للحكومة، وهو ما قام به فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل كما أعلنه الوزير باسيل بذاته». وذهبوا إلى حد اعتبار «الاعتداء غير المسبوق، لا قبل الطائف ولا بعده، على موقع رئاسة الحكومة، جريمة خطيرة بحق وحدة الشعب اللبناني وبحق أحكام الدستور».
وكانت رئاسة الجمهورية ردت على رؤساء الحكومات السابقين، معتبرة أنهم «لو أدركوا ما كان سيترتّب على الإسراع في إجراء الاستشارات النيابية المُلزمة من انعكاسات سلبية على الوضع العام في البلاد وعلى الوحدة الوطنية والشرعية الميثاقية، لما أصدروا هذا البيان وما تضمنه من مغالطات ولكانوا أدركوا صوابية القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية».
لكن خلدون الشريف، المستشار السياسي للرئيس نجيب ميقاتي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانطباع العام السائد هو أن الموقع السنّي الأول في البلد، أي رئاسة الحكومة، لم يعد يوازن المواقع المارونية والشيعية. إذ لدينا رئيس جمهورية سُمّي (القوي) ورئيس مجلس نواب هناك توافق عام على اعتباره أعتى الأقوياء. وفي المقابل، هناك رئيس حكومة مكلف، صحيح أنه أتى بغطاء دستوري، لكنه يفتقد للتمثيل الشعبي، كما السياسي، اللذين يحظى بهما عون وبرّي. وهذا ما أدى لشعور الطائفة السنّية أنها همّشت من المعادلة السياسية في لبنان». ويضيف الشريف: «لكن الطائفة السنّية تبقى في نهاية المطاف طائفة مؤسسة للوطن ولا يمكن لأي كان تجاوزها، وإن كانت تمرّ كما كل الطوائف في مرحلة من المراحل بظروف صعبة... وهي اليوم في أضعف أحوالها».
ويصوّب الشريف باتجاه المشكلة التي يعدّها أساسية ألا وهي «الإحجام عن تطبيق اتفاق الطائف». ويشدد على أن أي حل ينطلق من العودة إلى بنود هذا الاتفاق الذي أمكن التوصل إليه بعد حرب طويلة، قائلاً: «أين ما اتفق عليه بوقتها لجهة انتخاب النواب خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس شيوخ وهيئة عليا لإلغاء الطائفية السياسية بالإضافة للامركزية الإدارية؟».
ولا يخفي الشريف وجود انطباع عام بأن عون وباسيل يتعمدان مصادرة صلاحيات رئيس الحكومة، وآخر هذه المحاولات حصلت في الاستشارات النيابية الملزمة حين روّجت مصادرهما بأن «الاستشارات مُلزمة لكن نتائجها غير مُلزمة. وهذا أمر لا يستدعي حتى التفكير به باعتباره من خارج كل ما تم الاتفاق عليه بالطائف، الذي يجعل من رئيس الجمهورية صندوق بريد تقتصر مهمته على عد الأصوات، أما الترويج لما هو خلاف ذلك، فيندرج في إطار المحاولات المتواصلة لاستعادة الوضع الذي كان قائماً قبل الطائف».
بالمقابل، تنفي مصادر «الوطني الحر» (تيار عون) تهمة محاولة للانقضاض على صلاحيات رئاسة الحكومة، وتقول: «على أن ما يحصل هو ممارسة رئيس الجمهورية دوره وصلاحياته المنصوص عليها في الدستور»، مضيفة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كانوا لم يعتادوا ذلك في العهود السابقة، فهذا لا يعني خرق الدستور والطائف بل تطبيقهما فعلياً. فليعودوا إلى النصوص ويدققوا بها وبعدها فليتهمونا بتجاوزها، في حال صح ذلك».


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».