«متحف حائل» يحكي تاريخ الجزيرة العربية لزوار عروس الشمال في السعوديةhttps://aawsat.com/home/article/2065356/%C2%AB%D9%85%D8%AA%D8%AD%D9%81-%D8%AD%D8%A7%D8%A6%D9%84%C2%BB-%D9%8A%D8%AD%D9%83%D9%8A-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9
«متحف حائل» يحكي تاريخ الجزيرة العربية لزوار عروس الشمال في السعودية
متحف حائل صُمم بشكل فريد مستوحى من عمارة المنطقة (محمد الخمسان)
يتخذ متحف حائل مكانا مميزا ضمن محطات «موسم حائل» الذي انطلق مؤخرا، فالمتحف يروي لزواره تاريخ حقبة زمنية مرت بها الجزيرة العربية بشكل عام و«عروس الشمال» على وجه الخصوص منذ ما قبل التاريخ، مروراً ببدايات الإسلام وصولاً إلى المرحلة الحالية، وهو ما جعله واحداً من أهم المشاريع الثقافية على مستوى المنطقة.
وتبلغ مساحة متحف حائل الإقليمي الذي أنشأته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مؤخراً نحو 20 ألف متر مربع، وصُمم بشكل فريد مستوحى من عمارة حائل، ويضم 9 قاعات للعروض وبيئة المنطقة، وعصور ما قبل الإسلام وفترة ما قبل التاريخ، والفترة الإسلامية، والتراث، وعرض «توحيد المملكة» وقاعة «عيش السعودية» إلى جانب قاعات مخصصات للأطفال.
وأكد مدير موسم حائل ماجد الغامدي أن المتحف الإقليمي يشكل إضافة بالغة الأهمية للمشهد الثقافي والفني في المنطقة بما يحتويه من كنوز أثرية ومقتنيات تراثية ومخطوطات قديمة تتيح لجميع زوارها فرصة حقيقية للتجول بين الأزمنة والتعرف على التراث الحضاري للمملكة.
إلى ذلك، أوضح صالح العنزي مدير المركز الإعلامي لموسم حائل لـ«الشرق الأوسط» أن المتحف يحتوي على قاعة التاريخ الطبيعي والجيولوجي لمنطقة حائل وتعرض فيها عينات من صخور المنطقة مع التركيز على مواقع التعدين والمناجم والتراث البيئي والنباتي والحيواني بالمنطقة.
وأضاف أن قاعة عصور ما قبل الإسلام بمنطقة حائل تبدأ من العصور الحجرية حتى العصر الجاهلي، إذ يعرض مجموعة من الأدوات الحجرية والقطع الفخارية ولوحات من النقوش والكتابات الصخرية، إضافة إلى صور تحكي عن كل فترة من فترات ما قبل الإسلام.
ولفت إلى أن قاعة حائل عبر التاريخ الإسلامي تعرض مراحل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وعهد الخلفاء الراشدين والفترات المتتالية، إضافة إلى عرض لوحات تتضمن نصوصاً وصوراً ومخططات تعود إلى تلك الفترة.
وأشار إلى أن قاعة تراث حائل تعرض الجانب التراثي للمنطقة من خلال الصناعات التقليدية وبعض الملابس والحلي التراثية وأواني الطهي وأدوات الزراعة وغيرها من مكونات التراث المحلي.
وتطرق العنزي إلى أن قاعة حائل في العهد السعودي تحكي مسيرة انضمام حائل إلى الحكم السعودي ومشاركة أبناء المنطقة في توحيد أجزاء المملكة والأمراء الذين تعاقبوا على إمارة منطقة حائل، فيما تروي قاعة التعليم في منطقة حائل بدايات التعليم النظامي وأوائل المدارس في المنطقة، إضافة إلى عرض مجموعة من الكتب والأفلام والرسائل القديمة.
قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثريةhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5077462-%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%B2%D9%8A-%D8%A3%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8F%D9%84%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D9%8A%D8%A9
قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثرية
إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)
أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية الرياض، اكتشافاً فريداً من نوعه لقرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر، شمال غربي السعودية، ضمن بحثٍ أثري جديد نُشر في مجلة «بلوس ون» العلمية المتخصصة.
وقال محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، إن الاكتشاف الأثري «يبرز أهمية السعودية في مجال الآثار على الصعيد الدولي، وما تكتنزه أرضها من عمق حضاري، يعزّز من جهودها في حماية التراث الثقافي والتاريخي»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أهمية تبادل المعرفة والخبرات مع العالم لتعزيز الوعي بالتراث الإنساني المشترك.
وعدّ أن هذا الاكتشاف يؤكد التزام بلاده بـ«الحفاظ على التراث العالمي وتعزيز التراث الثقافي، وفقاً لما نصت عليه رؤية السعودية 2030، مع أهمية تعزيز الشراكات الدولية لتقديم هذا الإرث الغني إلى الأجيال القادمة والعالم».
من جانبه تحدّث نائب الرئيس للثقافة في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، الدكتور عبد الرحمن السحيباني، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن هذه القرية «تُعيد طرح التساؤل فيما يخص الاستقرار في شمال غربي الجزيرة العربية، والاستقرار في الجزيرة العربية إلى فترات أقدم بكثير مما كنا نعتقد سابقاً، وأيضاً السور الذي أحاط بهذه القرية، والممرات الجنائزية التي وصل عددها إلى الآلاف في خيبر، وتتصل بالواحات الأخرى المسورة في العلا أو في تيماء».
إعادة كتابة تاريخ الجزيرة العربية
وسلّط السحيباني الضوء على أهمية هذه الاكتشافات بأنها «تكمن في ضرورة أن نعيد النظر مرة أخرى في تاريخ الجزيرة العربية، وأنها لم تكن صحراء خالية، ولم تنشأ ولم تزدهر إلا بعد مرور الطرق التجارية في الألف الأول قبل الميلاد»، موضحاً أن «الجزيرة العربية كانت مركزاً حضارياً مهماً جداً، ولعبت دوراً مهماً في نشأة الحضارة والاستقرار الإنساني».
وطالب السحيباني بإعادة كتابة تاريخ الجزيرة العربية، معللاً: «يجب أن ننظر إلى هذا الاكتشاف مع غيره من الاكتشافات الأخرى في الجزيرة العربية بأكملها مع ما يُكتشف خارج الجزيرة العربية من تواصل حضاري لإعادة كتاب تاريخ الجزيرة الذي حان وقته الآن بعد هذا العمل الذي نقوم به في الهيئة مع الشركاء المحليين والدوليين كافّة».
«خيبر عبر العصور»
وأظهر الاكتشاف الذي جرى في إطار مشروع «خيبر عبر العصور» -وضم فريق البحث، بالإضافة إلى الدكتور غيوم شارلو، مديرة المسوحات الأثرية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا الدكتورة منيرة المشوح، والمؤرخ صيفي الشلالي من أهالي خيبر- الانتقال من حياة الرعي المتنقلة إلى الحياة الحضرية المستقرة في المنطقة خلال النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد، مما يُغيّر من المفاهيم السابقة بأن المجتمع الرعوي والبدوي كان النموذج الاجتماعي والاقتصادي السائد في شمال غربي الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي المبكر والمتوسط.
خيبر وتيماء
وتشير الدراسة إلى أن مناطق مثل خيبر كانت مراكز حضرية مهمة تدعم استقرار مجتمعاتها بشكل دائم، خصوصاً مع ظهور الزراعة فيها، فضلاً عن كونها مراكز للتجارة والتعاملات مع المجتمعات المتنقلة، وكان لظهور هذا النمط الحضري أثر كبير في النموذج الاقتصادي الاجتماعي في المنطقة.
وتُظهر الأدلة أنه على الرغم من وجود عدد كبير من المجتمعات الرعوية المتنقلة في شمال غربي الجزيرة العربية في العصر البرونزي، فإن المنطقة كانت تضم عدداً من الواحات المسورة المتصلة مع بعضها، والمنتشرة حول المدن المحصّنة مثل تيماء.
ووفقاً لمسؤولين في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، تُعد تيماء واحة في شمال غربي الجزيرة العربية، وتتميّز بتاريخ حافل بالاكتشافات من العصر البرونزي، وُيعتقد أنها أرض آخر ملوك بابل.
قرية النطاة
وتقدّم القرية المكتشفة التي تُدعى النطاة، دليلاً على وجود تقسيم واضح ضمن الحصون والمدن لمناطق مخصصة للسكن وأخرى جنائزية، ويعود تاريخ القرية إلى نحو 2400 - 2000 قبل الميلاد وحتى 1500 - 1300 قبل الميلاد، وبلغ عدد سكانها 500 شخص ضمن مساحة 2.6 هكتار، مع وجود سور حجري بطول 15 كيلومتراً يحيط بواحة خيبر لحمايتها.
وتمت الدراسة بوساطة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بالتعاون مع «الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا»، و«المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية»، ووفقاً للمسؤولين في الهيئة، يتولّى قسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة الملكية لمحافظة العلا إدارة واحد من أكبر برامج البحث الأثري في العالم، في إطار جهوده لتعزيز الوعي العالمي حول العلا، بوصفها وجهة عالمية للتراث الثقافي.
وتقع واحة خيبر على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، وتشكّلت عند التقاء ثلاثة أودية في منطقة جافة، ووجدت قرية النطاة في الأطراف الشمالية للواحة تحت أكوام من صخور البازلت حيث كانت مدفونة لآلاف السنين.
وتمكّن فريق البحث من تحديد الموقع الأثري في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، إلا أنه كان من الصعب تمييز هياكل القرية وتخطيطها، وفي فبراير (شباط) 2024، استعان الفريق بعمليات مسح ميداني وأعمال بحث مخصصة وتصوير عالي الدقة؛ لفهم ما يكمن تحت السطح، ومن المتوقع أن تُسهم عمليات التنقيب الأكثر شمولاً في المستقبل في تقديم صورة أوضح عن الموقع.
ملامح من حياة سكان «النطاة»
وترسم الدراسة صورة أولية لملامح حياة سكان قرية النطاة؛ حيث كانوا يقيمون في مساكن تقليدية من عدة أدوار، وكانوا يخصصون الدور الأرضي للتخزين في الغالب، في حين كانت معيشتهم في الطابقين الأول أو الثاني، وكانت الطرقات بين المساكن التي تقود إلى مركز القرية ضيقة، وكانوا يدفنون موتاهم في مدافن ومذيلات برجية متدرجة؛ مما يشير إلى علو مكانة المدفون من خلال وضع قطعٍ ثمينة في بعض المدافن مثل الفخار، أو الأسلحة المعدنية مثل الفؤوس والخناجر، وكان سكان القرية يستخدمون الخرز في ملابسهم، ويصنعون الفخار ويتاجرون به، وكانوا يعملون بالمعادن، ويزرعون الحبوب ويربون الكائنات الحية؛ حيث كان النظام الغذائي المحلي يعتمد بشكل كبير على الأغنام والماعز، ويظهر تعاون السكان لتعزيز أسوارهم بالحجارة الجافة والطين.
سلسلة من الاكتشافات
وتُضاف الاكتشافات الجديدة إلى سلسلة من الدراسات التي بدأت منذ عام 2018 باستكشاف معالم وخبايا العلا وخيبر القديمة، بما في ذلك المنشآت الحجرية الضخمة المعروفة باسم «المستطيلات»، و«المصائد الحجرية»، و«الطرق الجنائزية» الطويلة التي ربطت بين المستوطنات والمراعي عبر ممرات محاطة بالمدافن، بالإضافة إلى المساكن المعروفة باسم «الدوائر الحجرية المنصوبة».
وتشير هذه الدراسات في مجملها إلى أن المجتمعات في العصر البرونزي في شمال غربي شبه الجزيرة العربية كانت أكثر تعقيداً وارتباطاً بالمنطقة الأوسع مما كان يُعتقد سابقاً.
وتشرف الهيئة الملكية لمحافظة العلا على 10 مشروعات أثرية، بمشاركة 100 عالم آثار ومختص في العلا وخيبر؛ ليُسهم الاكتشاف في ترسيخ مكانة العلا والمملكة بوصفها مركزاً عالمياً للأبحاث الأثرية والحوار الثقافي، ويأتي الإعلان بعد انعقاد «ندوة العلا العالمية للآثار 2024» التي أُقيمت خلال الأسبوع الماضي، وشهدت مشاركة مجموعة متعددة التخصصات من علماء الآثار وخبراء التراث الثقافي من جميع أنحاء العالم.