وكيل الإعلام السوداني: 500 بلاغ فتحت ضد مسؤولين في النظام السابق

رشيد يعقوب قال لـ«الشرق الأوسط» إن وزارته تخطط لاستعادة صلاحيات سلبتها الأجهزة الأمنية

رشيد يعقوب
رشيد يعقوب
TT

وكيل الإعلام السوداني: 500 بلاغ فتحت ضد مسؤولين في النظام السابق

رشيد يعقوب
رشيد يعقوب

تمر الذكرى الأولى للثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، في ظل تحديات كثيرة تواجه حكومة الثورة في قضايا السلام والاقتصاد، ومن ضمن الملفات التي يعتقد أنها مهمة بالنسبة للسودانيين، هو «ملف الإعلام».
ويرى كثيرون أن أداء وزارة الثقافة والإعلام دون الطموح، وهو ما يعترف به وكيل أول الوزارة رشيد سعيد يعقوب، بأن هناك مآخذ كثيرة على وزارته، بيد أنه يكشف أن فريق وزارته يعمل وفق خطة استعادة صلاحيات وزارة الإعلام التي كانت قد سلبتها الأجهزة الأمنية في النظام السابق و«عملت على تفكيكها». ويقول في حواره مع «الشرق الأوسط» إنهم يعملون على تفكيك المؤسسات التابعة لجهاز الأمن عبر مناقشات واتصالات مباشرة مع قيادة الجهاز، ويتابع الدبلوماسي الذي عزل من منصبه سفيراً في الخارجية بموجب قوانين الفصل للصالح العام 1989: «الوزارة أعدت هيكلاً جديداً، سيتم إيداعه وزارة العمل والمالية ومجلس الوزراء، ليبدأ العمل به في 2020».
ويتابع: «الهيكلة الجديدة تشمل توحيد إدارات الوزارة التي كانت موزعة على 3 وزارات، هي الإعلام، والثقافة، والسياحة والآثار، وإجراء تغييرات في قيادة أجهزة الوزارة»، ويستطرد: «أدخلنا تغييرات في أجهزة الوزارة، (المجلس الأعلى للثقافة والفنون، المصنفات، صندوق دعم رعاية المبدعين)، وتعديلات في الأجهزة التابعة للوزارة الأخرى (المكتبة الوطنية، الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون)، لتفكيك التمكين وتنفيذ خطة الإصلاح والتغيير».
ويشير إلى أن الحكومة الانتقالية تسلمت مهامها قبل 3 أشهر، وبالطبع لم يكن لديها الوقت الكافي للتعامل مع كل الملفات، ويضيف: «هناك تعقيدات كثيرة في الأجهزة الإدارية والسياسية والأطر القانونية وهياكل الحكومة»، ويتابع: «استطاعت الحكومة تحقيق شعارات الثورة في الحرية، ويتمتع بها السودانيون بمختلف مشاربهم وأديانهم وأعراقهم وأقاليمهم، بما فيها الحريات الشخصية والعامة»، ويواصل: «لتحقيق شعار السلام، شرعت الحكومة في الاتصال بحركات الكفاح المسلح، وتجري محادثات في عاصمة جنوب السودان مع الجزء الأكبر من هذه الحركات، للوصول لاتفاقيات سلام»، ويتابع: «منظور الحكومة هو تحويل الحراك من أجل السلام إلى حراك شعبي مجتمعي، لا أن يظل حبيساً في غرف التفاوض المغلقة».
ويشير يعقوب أن تشكيل لجان التحقيق في قضية مدبري انقلاب يونيو (حزيران) 1989، ومحاكمة الرئيس المخلوع عمر البشير بقضية الأموال الشهيرة، فضلاً عن 500 بلاغ قدمتها النيابة العامة ضد مسؤولين في النظام السابق، يجري التحري حولها، وبانتظار بدء المحاكمات قريباً، وذلك ضمن ملف محاسبة المسؤولين ورموز النظام المعزول، إضافة إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول فض الاعتصام، وإحلال قيادات بديلة لقيادات النظام السابق في قمة الخدمة المدنية ومؤسسات الدولة المختلفة.
ويعتبر يعقوب صعوبة الأوضاع المعيشية وتحديات السلام، من القضايا التي تثير ردود الأفعال الشعبية، ويعترف: «الناس يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة، وترتفع أسعار السلع والخدمات باضطراد، إلى جانب ندرة في بعض السلع، برغم استقرار أسعارها، مثل الوقود والخبز، إلى جانب صعوبات في قطاعي الصحة والتعليم، الناتجة عن سياسات النظام السابق».
ويتوقع يعقوب أن تسهم الموازنة الجديدة في مواجهة هذه التحديات، بتخصيص أكثر من 50 في المائة من الإيرادات لقطاعي التعليم والصحة، وتخفيض الصرف على الأمن والدفاع من 70 في المائة إلى 20 في المائة، ويقول: «كل الأوضاع مرتبطة بتحقيق السلام»، ويشير إلى مؤشرات «تؤكد نجاح الموسم الزراعي، ما يؤدي لزيادة الصادرات»، ويضيف: «مشوار الميل يبدأ بخطوة».
وفي ملف الإعلام، يؤكد الوكيل الأول على عدم التدخل في الحريات الصحافية، بالرغم من أن معظم الصحف معادية للثورة ومملوكة لعناصر النظام السابق أو مرتبطة به، ويقول: «في تعاملنا مع هذه الصحف نستند إلى مبدأ الحرية، وهو في مقدمة شعارات الثورة، ولن نتدخل بإجراءات أمنية أو إدارية ضد هذه الصحف، ما لم تهدد مسيرة التغيير الديمقراطي»، ويتابع: «الفيصل بيننا وبين من يقولون إننا نهدد حرية الصحافة سيرتنا، وهي أن الحكومة لم تصادر صحيفة، أو تمنع صحافياً من الكتابة، ولم تلق القبض على صحافي، ولم تمنع نشر مادة، فإذا أرادوا محاكمتنا بالنوايا فهذا شأنهم».
ويعترف يعقوب بتقييد قوانين وسياسات النظام السابق للحريات الإعلامية، ويقول: «القوانين المقيدة للحريات ما زالت سارية، لأن الوثيقة الدستورية أبقت على هذه القوانين لحين استبدالها أو تعديلها»، ويتابع: «وزارتنا تعمل على تغيير القوانين الحاكمة للعمل الصحافي والإعلامي، وعقدت ورشاً مع اليونيسكو، وتلقت عدداً من المبادرات من مجموعات صحافية، ومبادرات من المجتمع المدني، لصياغة قانون شامل، يكفل الحريات، ويقلل من تدخل الدولة في الإعلام، وإيجاد مؤسسة واحدة تعمل على تنظيم العمل في الإعلام، وليس لفرض الرقابة عليه».
ونفى يعقوب ما يروج بأن وزارته ستستخدم الإعلان للسيطرة على الصحف، وقال: «الوزارة صفّت شركة (أقمار) التي كانت تسيطر على الإعلانات الحكومية في النظام السابق، باعتباره مصدر دخل ونفوذ مباشر من جهاز الأمن لتطويع الصحف»، ويستطرد: «ستنشئ الوزارة إدارة للإعلان الحكومي لتنظيمه، وتتفاوض مع الصحف على أسعار الإعلان الحكومي».
ونفى يعقوب نية وزارته اللجوء للحلول الأمنية بمواجهة الصحافيين، بقوله: «لم نهدد باللجوء للحلول الأمنية، بل تحدثنا بأننا لن نسمح بتكرار تجربة هدم الديمقراطية التي مارستها بعض الصحف في النظام الديمقراطي خلال الفترة 1986 – 1989»، ويؤكد: «لم نتحدث عن حلول أمنية أو إجراءات إدارية ضد الصحافة، بل قلنا سنتخذ إجراءات تتناسب وحماية الحريات الصحافية واستقلالية الصحافيين»، ويتابع: «القول إن الحكومة الانتقالية ستتحول إلى ديكتاتورية، وتتبنى سياسات تمكين بديلة تحت ذريعة تفكيك تمكين النظام السابق، مردود على من يطلقونه، أما إذا كان المقصود بالتمكين هو إبعاد عناصر النظام السابق فهذه سياسة منطقية، لأن سقوط النظام ورئيسه يستلزم ذهاب المسؤولين، ومجيء من ينفذون برامج الثورة»، ويضيف: «من تم تعيينهم أشخاص أكفاء، رشحتهم قوى الحرية والتغيير، باعتباره أكبر تحالف سياسي في تاريخ السودان، وهو ليس تمكيناً، لأنهم ليسوا من حزب واحد».
ويستنكر ما يشيعه موالون للنظام السابق بوجود خلافات بينه وبين وزيره، مؤكداً: «لا توجد أي خلافات بيننا، ونعمل في تناسق وتعاون، مع وجود وجهات نظر مختلفة في بعض القضايا، وهو أمر طبيعي، لأننا شخصان مختلفان، وهذا أمر طبيعي، فنحن نعمل بسياسة واحدة لتحقيق أهداف الثورة».
بيد أن يعقوب يقر بـ«التشدد في تطبيق شعارات الثورة وأهدافها»، وهو ما يتهمه به موالون للنظام المباد، ويقول: «أما إذا كان المقصود بالتشدد هو اتباع نفس ممارسات النظام السابق، فهذا اتهام مردود على مطلقه».
ويتابع: «سنطبق سياسات الثورة في الإعلام، بفتح الباب أمام الجميع، وتسهيل الإجراءات والشروط المالية المطلوبة لإنشاء القنوات والصحف والإذاعات وفتح المجال أمام التنافس»، ويتابع: «إعلام الفترة المقبلة سيكون إعلاماً مهنياً حراً ومستقلاً، يستفيد من مناخ الديمقراطية وينقل نبض وقضايا المواطن، إعلاماً قادراً على عرض المشكلات وتقديم الحلول»، ويستطرد: «نتطلع لإعلام يعكس تنوع المجتمع، ويواكب متطلبات المرحلة، ويدعم الحرية والسلام والعدالة».
وبصفته أحد متحدثي «تجمع المهنيين السودانيين»، يقول يعقوب عما يثار عن خلافات بين «قوى إعلان الحرية والتغيير»: «الخلافات داخل التحالفات أمور عادية، فقوى الحرية والتغيير تعد أكبر تحالف سياسي في تاريخ السودان، أنشئ لإسقاط النظام السابق وإيجاد بديل له، وحقق ذلك عبر الثورة الشعبية»، ويضيف: «لدى هذا التحالف المتنوع رؤى ووجهات نظر وتحليلات مختلفة، لكنه مع ذلك حافظ على وحدته وتماسكه، وتوافق على حلول لكل القضايا التي عرضت عليه».
في شقها الثقافي، يوضح يعقوب أن وزارته تعمل على خطة ثقافية استراتيجية شاملة، تلبي متطلبات المرحلة الحالية وتعزز السلام، ويقول: «فشل الدولة السودانية يرجع إلى الفشل في إدارة التنوع الثقافي»، ويتابع: «ستتيح الخطة المجال واسعاً أمام الثقافات السودانية المتنوعة، لتعبر عن نفسها في كل أجهزة إعلام الدولة، بما يجعل الثقافة جسراً يعبر به السودانيون من الحروب والمجاعات إلى فضاءات السلام والتعايش السلمي والبناء الوطني».
وتعهد يعقوب أن تستوعب وزارته الشباب، لأنهم الوقود الذي أسهم في انتصار الثورة، ويقول: «سنعمل على استيعاب 250 من الشباب ضمن الميزانية الجديدة للوزارة، ونفتح الباب لتمويل المبادرات الشبابية في الفنون والسينما والمسرح والموسيقى».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).