«العدالة والتنمية» المغربي يدعو إلى تقوية الأحزاب السياسية

في مذكرته حول النموذج التنموي الجديد

TT

«العدالة والتنمية» المغربي يدعو إلى تقوية الأحزاب السياسية

شدد حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي في المغرب، على ضرورة احترام قيم المجتمع، وتكريس الاختيار الديمقراطي بشكل «حاسم ودون تردد»، فضلا عن تقوية دور الأحزاب السياسية، ومواصلة إرساء نظام الحكامة لمحاربة الفساد من أجل نجاح النموذج التنموي الجديد، الذي سيعتمده المغرب في السنوات المقبلة.
جاء ذلك خلال أول جلسة استماع عقدتها اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، أمس بالرباط مع ممثلي الحزب، الذي مثله كل من سليمان العمراني، ومحمد الطويل، ومحمد الناجي، وإدريس الصقلي.
وقال سليمان العمراني، نائب الأمين العام للحزب، بعد لقاء أعضاء اللجنة أمس، إن حزب العدالة والتنمية انخرط في ورش إعداد تصوره للنموذج التنموي الجديد من خلال ندوات، شارك فيها خبراء الحزب؛ حيث أعدت في البداية مسودة أحيلت على الأمانة العامة للحزب، التي ناقشتها في لقاءات متعددة، ثم جرى إعداد مذكرة أحالها الحزب على الديوان الملكي في 12 مارس (آذار) الماضي لتعرض أمس أمام اللجنة الخاصة.
وأشار العمراني إلى وجود قواسم مشتركة بين مذكرة حزبه وأحزاب سياسية أخرى، إلا أن ما يميز مذكرة «العدالة والتنمية» هو تركيزها على ثلاثة محاور أساسية كمداخل، وهي أن الحزب «لا يتصور نموذجا تنمويا مستجيبا لانتظارات المواطنين، كفيلا بوضع حد لاختلالات النموذج الحالي، دون انطلاقه من منظومة القيم المجتمعية الأصيلة»، مستدلا بتجارب بلدان أخرى «نجت وسارت بعيدا عندما انطلقت من قيمها المجتمعية».
أما بخصوص المحور الثاني، الذي يرتكز عليه تصور الحزب للنموذج التنموي الجديد، فهو تكريس الخيار الديمقراطي وتقوية دور الأحزاب السياسية. وقال العمراني في هذا الصدد: «ينبغي أن تستمر بلادنا فيما سارت عليه منذ 2011 في تكريس الاختيار الديمقراطي بطريقة غير مترددة وحاسمة، وضرورة احترام الإرادة التي يعبر عنها المواطن المغربي في الانتخابات. إلى جانب الحرص على تقوية دور الأحزاب في النهوض بالحياة السياسية لأن في قوتها قوة للمؤسسات، وضعفها ضعف للمؤسسات».
أما المحور الثالث فيتمثل حسب العمراني، في مواصلة «إرساء نظام الحكامة الجيدة باعتبارها قاعدة دستورية، ومواصلة محاربة الفساد لأن هذه القاعدة كفيلة بأن تساهم في تعزيز الإصلاح في البلاد».
وتمنى المسؤول الحزبي المغربي من اللجنة أن «تثمن كل مذكرات الجهات والفعاليات، والقوى الحية في المجتمع، وأن نجد في النهاية صدى لهذه المذكرات في التقرير النهائي. وهذا كفيل بتعزيز الثقة داخل المجتمع، والاستجابة لانتظارات المواطنين».
ومن المقرر أن يعقد ممثلو الحزب لقاءات أخرى مع أعضاء اللجنة «لتدقيق بعض التصورات»، وأعرب العمراني عن استعداد حزبه لتقديم أجوبة كتابية لبعض القضايا، التي شغلت انتباه أعضاء اللجنة خلال اللقاء الذي عقد أمس.
من جهته، قال النائب إدريس الصقلي إن اللقاء مع أعضاء اللجنة جرى في «أجواء إيجابية من الحوار وتبادل الآراء والمواقف»، مشيرا إلى أن الحزب أنجز مذكرته بشأن النموذج التنموي الجديد بمجهوده الخاص، ومن خلال عمل جماعي، ومن دون استشارات خارجية، أو الاعتماد على مكاتب دراسات. ومضيفا أن مذكرة الحزب جاءت تفاعلا مع خطاب الملك في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 أمام البرلمان عندما أعلن أن النموذج التنموي الحالي وصل مداه فيما يتعلق بإنتاج الثروة، وخلق فرص الشغل، وتوزيع نتائج هذه الثروة، بالإضافة إلى الخطاب الثاني، الذي ألقاه العاهل المغربي في أكتوبر 2018 عندما طلب من جميع الفاعلين إعداد مذكراتهم بشأن هذا الورش.
ومن المقرر أن تتواصل عملية الاستماع لممثلي الأحزاب والنقابات إلى غاية الأربعاء المقبل.
وقررت اللجنة المغربية، المكلفة إعداد النموذج التنموي الجديد، الشروع بعقد جلسات استماع، بدءا من يوم أمس، بهدف تلقي مقترحات وتصورات المؤسسات والأحزاب السياسية، والنقابات والقطاع الخاص والجمعيات حول نموذج تنموي بديل، يعتمده المغرب خلال السنوات المقبلة، وذلك بعد إقرار رسمي بفشل النموذج الحالي في الحد من الاختلالات الاجتماعية، والتفاوتات الصارخة، ومظاهر الريع، وتقليص البطالة.
كما ستوفر اللجنة منصة رقمية لتلقي وتجميع مختلف المساهمات والأفكار، التي يتقدم بها المغاربة من أجل إغناء النقاش والتصورات لهذا المشروع. كما تعتزم اللجنة أيضاً تنظيم مجموعة من اللقاءات الميدانية للاستماع للمواطنين، ولمختلف مكونات المجتمع المغربي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.