السودان: إصلاحات لتحسين المعيشة ومعالجة أخطاء نظام البشير

السودان: إصلاحات لتحسين المعيشة  ومعالجة أخطاء نظام البشير
TT

السودان: إصلاحات لتحسين المعيشة ومعالجة أخطاء نظام البشير

السودان: إصلاحات لتحسين المعيشة  ومعالجة أخطاء نظام البشير

أعلن السودان، أمس، عن إصلاحات لتحسين أحوال المعيشة وخفض التضخم.
وأعلن البنك المركزي، أمس، السياسات المالية والنقدية لعام 2020 بتغيير كلي من حيث المضمون والمحتوى عن السياسات السابقة، وتهدف لخفض معدل التضخم إلى 30 في المائة، وتحقيق الاستقرار المالي، ومعالجة أخطاء سياسات العهد البائد بما يتماشى مع الأنظمة المصرفية العالمية.
وقال محافظ بنك السودان المركزي، بدر الدين عبد الرحيم، في مؤتمر صحافي أمس، إن السياسة النقدية الجديدة، ركزت على الاستقرار النقدي والمالي والشمول المالي.
وأوضح، أن السياسة المالية تعمل على معالجة أخطاء السياسات السابقة للعهد البائد وتتماشى مع المنهج السائد للبنوك على مستوى العالم، وتقوم على موجهات تعكس البعد المحلي والدولي وتواكب كل التطورات.
وقطع عبد الرحيم بعدم وجود أي اتجاه في الدولة لتغيير العملة السودانية، وأضاف: «السياسية الجديدة مرنة، ومنحت الحرية للبنوك مع التشدد في الرقابة وضمان تنفيذها بقياس الأداء». وقال عبد الرحيم، إن النهج العام للسياسة الجديدة يقوم على تقليص تحكم البنك المركزي في الأمور المتعلقة بالمصارف، ويعطي مرونة أكبر للمصارف في فتح الحسابات وصيغ التمويل.
وأوضح أن السياسة اهتمت بمجالات الحوكمة في المصارف ومؤسسات التمويل الأصغر، وقال: «البنك المركزي سيكون حريصاً على أن تكون استدانة الحكومة من النظام المصرفي لتغطية العجز في الحدود المعقولة، وألا تتجاوز نسبة 15 في المائة، كما تستهدف ضبط الكتلة النقدية لخفض معدلات التضخم لمتوسط 30 في المائة خلال عام 2020». وبحسب عبد الرحيم، فإن سياسات البنك المركزي السوداني يجري تعديلها بما يعزز من استقلاليته في العمل المالي والنقدي، وتابع: «السياسة الجديدة لا توجد بها أي استثناءات في العمل المالي والمصرفي، وأوقفت كل الاستثناءات في السياسة النقدية والمالية السابقة».
وأوضح أن السياسة الجيدة استهدت بموجهات الموازنة العامة للدولة، والمتمثلة في استقرار سعر الصرف والتحكم في الكتلة النقدية لتقليل التضخم، والمرونة في استرداد واستخدام حصائل الصادر، وخروج بنك السودان من عمليات شراء الذهب، وضبط الأولويات في الاستيراد وإصدار ضوابط لصادرات الخدمات لأول مرة.
وفي محور السياسات المالية، قال عبد الرحيم، إن السياسة استخدمت الإجراءات الاحترازية، وركزت على السلامة المالية، وتعزيز شيكات الضمان المالي والشمول المالي.
وكشف تقرير صادر عن اتحاد المصارف السوداني، عن تعطل التعامل في أرصدة البنوك في حساباتها بالعملات الأجنبية لدى بنك السودان المركزي لعدم توفر أرصدة يمكن السحب عليها منذ عام 2012 - 2018.
وذكر التقرير، أن كل الأرصدة المودعة لدى البنك المركزي من قبل البنوك التجارية ودائع عملاء لديها؛ ما يعد مخالفة لكل القوانين والنظم المصرفية، وقدر حجم ودائع عملاء البنوك التجارية لدى البنك المركزي بنحو 1.7 مليار دولار خلال تلك الفترة.
وقال محافظ البنك المركزي، إن موجهات وضعت لمؤسسات التمويل الأصغر للمرة الأولى، تتضمن تقييماً شاملاً لها، وإغلاق أي مؤسسة فاشلة في مجال التمويل الأصغر، وإن بنكه سيعمل على توسيع قاعدة «التمويل الأصغر» وتشجيع المحافظ التمويلية لتمويل القطاعات الإنتاجية، وتقوية المراكز المالية للمصارف داخلياً وخارجياً، إضافة إلى اعتماد هيكلة الجهاز المصرفي ومراعاة التخصصية في الأنشطة.
وتبنى بنك السودان المركزي مشروع التمويل الأصغر، الذي تساهم البنوك في تنفيذه لتحقيق العدالة الاقتصادية؛ بهدف خلق فرص عمل للشباب وخفض حدة الفقر.
وحددت سياسة بنك السودان لعام 2018 نسبة 15 في المائة من محفظة التمويل لكل مصرف للتمويل الأصغر، لكن تقرير رسمي أشار إلى أن تلك النسبة لم تحقق، وأن المنفذ منها يتراوح ما بين 4 و6 في المائة، طوال الفترة 2012 – 2018، إضافة إلى عدم أهلية المستهدفين في التعامل المصرفي، رغم أن نسبة التعثر في التمويل الأصغر لم تتجاوز 5 في المائة بكل المصارف.
وتعهد محافظ بنك السودان تشديد الرقابة المصرفية وتفعيل الجزاءات كافة ضد البنوك لضبط الأداء، وقال: «تم توجيه كل البنوك ببناء خطط استراتيجية للعمل»، وكشف عن وضع مؤشرات أداء رئيسية لقياس أداء البنوك، مشدداً على الالتزام بتقوية مراكز المال للبنوك ورفع رأس المال أو الاندماج، وتشجيع المحافظ التمويلية لتمويل القطاعات الإنتاجية، واستعادة وتقوية المراسلات الخارجية لجذب مدخرات المغتربين السودانيين.
وبحسب تقرير رسمي كشف توقف معظم البنوك المراسلة عن التعامل مع السودان في الفترة من عام 2012 – 2018، وانخفض عدد البنوك المراسلة من 485 مراسلاً إلى 97 مراسلاً، وانخفضت مبالغ خطوط التمويل الآجل للبنوك السودانية من مبلغ 2.3 مليار دولار إلى 151 مليون دولار، وزادت التكلفة على الخدمات المصرفية الخارجية وأصبحت البنوك المراسلة تطلب هوامش نقدية تعادل 100 في المائة.
وأشار محافظ بنك السودان المركزي إلى تحديات كثيرة تواجهه، تتمثل في دعم الحكومة السلع الذي يؤثر على الاحتياطات من النقد الأجنبي، وعدم استقرار سعر الصرف، بالإضافة إلى تغطية عجز الموازنة العامة للدولة، وعقبات التعاون مع المصارف العالمية بسبب وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.