«ممشى أهل مصر» لاستعادة رونق كورنيش النيل بالقاهرة

المشروع الجديد يتيح الاستمتاع بالنهر ويمنع التعديات

ماكيت لمشروع تطوير الكورنيش
ماكيت لمشروع تطوير الكورنيش
TT

«ممشى أهل مصر» لاستعادة رونق كورنيش النيل بالقاهرة

ماكيت لمشروع تطوير الكورنيش
ماكيت لمشروع تطوير الكورنيش

تواصل السلطات المصرية تطوير كورنيش النيل بالعاصمة القاهرة عبر مشروع «ممشى أهل مصر»، الذي بدأ العمل في تنفيذه في 17 أغسطس (آب) 2019، ويهدف إلى استعادة رونق كورنيش ومجرى نهر النيل في القاهرة كمرحلة أولى قبل تطبيق هذا النموذج في بقية المحافظات المطلة على نهر النيل من أسوان جنوباً حتى دمياط والبحيرة شمالاً.
وتفقد أمس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري مشروع تطوير كورنيش النيل بصحبة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين. وقال على هامش جولته إن «الحكومة وضعت مخططاً شاملاً للاستفادة من عمليات إزالة التعديات على مجرى النيل الرئيسي، يجري تنفيذه بالتعاون بين الوزارات والجهات المعنية، وذلك عبر إنشاء لسان مشاة على النهر ومسرح مكشوف للحفلات الغنائية، ضمن مشروع تطوير الواجهات النيلية من مدينة أسوان حتى القاهرة».
ويُعد تطوير كورنيش النيل ضمن أحد المشروعات الطموحة التي ستعيد الوجه الحضاري للقاهرة، بالإضافة إلى أنه سيسهم في زيادة نصيب الفرد من المسطحات الخضراء والأماكن المفتوحة في تلك المناطق، على غرار بعض المدن العالمية التي تطل على أنهار ومجارٍ مائية، وفق مدبولي.
فيما أوضح الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، في البيان الصحافي الذي أصدره مجلس الوزراء المصري، أمس، أن «معهد بحوث النيل قام بإعداد مخطط متكامل للاستفادة من عمليات إزالة التعديات على مجرى النهر الرئيسي، وفرعيه، واستخدامها في إنشاء متنزهات للمواطنين، وتطوير الواجهات النيلية، وتنفيذ أعمال تجميل للمساحات غير المستغلة من أراضي منافع الري واستخدامها كساحة انتظار للسيارات، طبقاً للضوابط واللوائح المنظمة لذلك؛ وهو ما يعمل على تحقيق عائد سنوي للدولة».
وتواصل السلطات المصرية حالياً بناء ممشى جديد بطول نحو كيلومترين بين جسري «15 مايو» و«إمبابة»، كنموذج تجريبي قبل تطبيقه في المناطق المطلة على نهر النيل بالمدن المصرية، ويتضمن المشروع إنشاء ممشى أفراد متدرج المناسيب على طول الكورنيش، بجانب إنشاء 19 مبنى تضم 5 مطاعم، و5 كافتيريات، و56 محلاً تجارياً، بالإضافة إلى3 جراجات بسعة إجمالية 180 سيارة، كما يشمل المشروع 3 مدرجات، ومسرحاً بمساحة 275 م2، إلى جانب أعمال تجميل الموقع.
ووفق اللواء إيهاب الفار، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فإنه تم تنفيذ أعمال الخوازيق الشاطئية والنيلية بالإضافة إلى الانتهاء من أعمال الهيكل الخرساني بنسبة 100% لعدد كبير من المباني.
بدوره، قال هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»، إنه من المقرر افتتاح المشروع عقب الانتهاء من تنفيذه بشكل تام بعد نحو 7 أشهر، مشيراً إلى أن «الهدف من إنشاء هذا المشروع هو إتاحة الفرصة لاستمتاع المصريين بكورنيش جيد ورائع عبر تخطيط محكم».
مشروع «ممشى أهل مصر» يعد جزءاً من المشروع الطموح الذي تنفذه الحكومة المصرية حالياً في مدينة القاهرة، من مدينة حلوان جنوباً، والقناطر الخيرية شمالاً، بطول 40 كيلومتراً، وقد تم تنفيذ كيلومتر و600 متر بالبر الشرقي لنهر النيل، ضمن هذا المشروع، من كوبري قصر النيل المعدني التاريخي حتى كوبري «15 مايو»، مروراً بكوبري «6 أكتوبر»، قبل بضع سنوات.
ويجتذب ممشى كورنيش النيل بمنطقة ماسبيرو بالقاهرة، والذي افتُتح منذ أكثر من 4 سنوات، عدداً كبيراً من المصريين على مدار السنة، ويتيح للزائرين الاستمتاع بمنظر النيل الخلاب وسط القاهرة، ورغم منع السلطات المصرية أصحاب المراكب النيلية السياحية من التوقف بجانب هذا الممشى للنداء والحصول على زبائن، فإنها تخالف تلك التعليمات في الفترة المسائية يومياً، وفق ما رصدته «الشرق الأوسط»، كما يبسط بعض الباعة سيطرتهم على الممشى مع غروب الشمس، إذ يضعون كراسي بلاستيكية بطول الممشى ويجبرون الزائرين على مغادرة المناطق الملاصقة للمياه، وهو ما ينتج عنه مشاجرات ومشادات عدة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».