«استنفار درزي» لتحسين تمثيل الطائفة في الحكومة اللبنانية الجديدة

TT

«استنفار درزي» لتحسين تمثيل الطائفة في الحكومة اللبنانية الجديدة

استنفرت المرجعيات السياسية والدينية الدرزية في لبنان، أمس (الثلاثاء)، لتحسين تمثيل الطائفة في الحكومة الجديدة، بعد أنباء ترددت عن حصر هذا التمثيل بوزارة البيئة.
وحذّر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، من «احتقار الدروز، وحصرهم بموقع وزارة البيئة، بأمر من صهر السلطان»، في إشارة إلى الوزير جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون. وكتب جنبلاط في تغريدة على حسابه على موقع «تويتر»: «بالأساس، فإن الأقنعة ساقطة واللعبة مكشوفة. إن تفاهم البوارج التركية والاتصالات بين البرتقالي والأزرق، الذي خرّب البلاد، يبدو أنه يتجدد بصيغة أخرى مع لاعبين جدد في حكومة التكنوقراط الشكلية وهيمنة اللون الواحد». وكان جنبلاط يشير بذلك إلى تفاهمات سابقة بين «التيار الوطني الحر» (البرتقالي) و«تيار المستقبل» (الأزرق). واستدعت تغريدة جنبلاط رداً من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري (تيار المستقبل)، الذي قال: «فعلاً الأقنعة سقطت واللعبة انكشفت. هناك أناس لديهم عمى ألوان بالسياسة، ونظرهم يتركز حصراً على اللون الأزرق». وأضاف: «هم يرفضون دخول الحكومة من الباب، ويركضون ليدخلوا من الشباك». وتوجّه الحريري إلى جنبلاط، من دون أن يسيمه صراحة، قائلاً: «مشكلاتكم لا تعالجوها على حسابنا. انتهينا».
وقالت مصادر مطلعة على عملية التكليف لتشكيل حكومة جديدة، إن جزءاً من الاعتراض الدرزي ناتج عن إصرار وزير الخارجية جبران باسيل على أن يسمي حليفه النائب طلال أرسلان، الوزير الدرزي، في الحكومة، وعدم تسمية وزير مستقل تماماً، لضمان عدم استقالته لاحقاً من الحكومة تأثراً بجنبلاط أو بالجو الدرزي العام الرافض للمشاركة في الحكومة، ذلك أنه في حال استقال الوزير الدرزي تفقد الحكومة ميثاقيتها. أما الجزء الثاني من الاعتراض فناتج عن أن الوزارة المقترحة (البيئة) أقل حجماً من التمثيل الدرزي في الحكومات السابقة. وعطفاً على السجال بين جنبلاط والحريري، أكدت مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي»، أن ما صدر عن جنبلاط لم يكن الهدف منه افتعال سجال مع «المستقبل»، أو غيره، بقدر ما كان الهدف «التذكير بالوقائع التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه». واعتبرت أنه «من غير المنطقي في نظام طائفي كالذي نعيش في ظله اليوم أن يتم تمثيل مكوّن طائفي، هو المكوّن الدرزي، بوزارة ثانوية كوزارة البيئة». وشددت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «قيادة الحزب الاشتراكي لا تزال عند موقفها لجهة رفض المشاركة في الحكومة، لكن هذا لا يعني التخلي عن المطالبة بحق الشريحة التي فوضتنا في الانتخابات النيابية الأخيرة أن نمثلها. وللتذكير، نحن نمثّل 8 من أصل 9 نواب دروز في البرلمان الحالي». وأضافت المصادر: «صحيح أننا لسنا جزءاً من المفاوضات الجارية للتأليف، باعتبارنا سبق أن أعلنا عدم مشاركتنا في الحكومة، لكن هذا لا يلغي حقنا بالمطالبة بوزارة وازنة ومقبولة وقادرة على أن تعطي هذا المكوّن حقه بالتمثيل الوزاري». اللافت أن المرجعيات السياسية الدرزية ما لبثت أن توحدت خلف تحذير جنبلاط، فأكد رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، أنه لن يوافق على «أي تمثيل ينتقص من حضور الدروز وكرامتهم، من منطلق أنهم مؤسسو هذا الوطن وحماة استقلاله». وأضاف: «هذا موقفنا الدائم منذ سنين ولن يتبدل، وقد أبلغناه للرئيس المكلف (حسان دياب)، المعني الأول بتأليف الحكومة، علماً بأنه لم يتدخل أحد بهذا الموضوع إلا الدروز، على رأسهم وليد جنبلاط ونحن». وضم رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، صوته لصوت جنبلاط، فقال إنه يشاركه التحذير في خصوص الحصة الدرزية. وتابع: «كنا أبلغنا الجميع بأن أي حصة غير وازنة مرفوضة، ولن نقبل بمشاركة أحد في حقيبة ثانوية، كما نصر على رفع عدد وزراء الحكومة إلى 20 أو إنقاصه إلى 16». ولم يقتصر رفع الصوت الدرزي على القيادات السياسية، إذ لم يتأخر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، في التنبيه من «ضرب التمثيل الطبيعي لمكوّن أساسي تأسيسي للبلاد». وقال حسن في بيان: «إن ما يتناهى إلينا من مقاربات في الوضع الحكومي يدعونا إلى التحذير من الإجحاف المتمادي من قبل القيمين على إدارة ملف تأليف الحكومة بحق طائفة الموحدين الدروز. وطالما أن لكل طائفة حقوقها التي تتمسكون بها بكل قواكم وتسعون إلى تحصيلها باسمها ظاهراً وارتباطاً بالمصالح الشخصية، فليكن معلوماً لدى الجميع أننا لن نرضى إلا بحقوق طائفة الموحدين الدروز التمثيلية عدداً ونوعاً على أتم وجه في هذا النظام السياسي القائم على التمثيل الطائفي حتى الساعة وفقاً لمضامين الدستور اللبناني».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.