حول العالم

-- أوكيغاهارا - اليابان:
غابة وارفة الأشجار اكتسبت اسم «بحر الأشجار» لكثافتها. تمتد على مساحة 30 كيلومتراً مربعاً على الطرف الشمالي الغربي لجبل فيجي، أشهر جبال اليابان. إلا أن أشجارها وطبيعتها التي تجعل منها وجهة مثالية لعاشقي التنزه سيراً على الأقدام ليست السبب الحقيقي لشهرتها. السبب الحقيقي والمأساوي أنها أحد أشهر المقاصد للراغبين في الانتحار على مستوى العالم!
منذ خمسينات القرن الماضي، شهدت حالات الانتحار المسجلة بالغابة زيادة مطردة تراوحت ما بين 10 في المائة و30 في المائة سنوياً؛ ما دفع الحكومة اليابانية منذ سبعينات القرن الماضي إلى تسيير دوريات لانتشال جثث المنتحرين ونشر لافتات عبر أرجاء الغابة تذكر من تراوده فكرة الانتحار بأسرته وأحبائه. كما توقفت الحكومة عن نشر أعداد المنتحرين بالغابة لتجنب تشجيع المزيد على اللجوء إليها سعياً للتخلص من حياتهم.
بطبيعة الحال، نسجت هذه الأجواء الكثير من الأساطير والشائعات حول الغابة تدور حول وجود أشباح هائمة يملأها الغضب وأصوات صرخات بالليل.
الملاحظ أن عوامل متنوعة تجمعت لتجعل من هذه الغابة مكاناً تغلفه هالة من الغموض والرهبة، فالاتساع الشديد للغابة يجعل من غير المحتمل أن يواجه الشخص اليائس الذي تراوده فكرة الانتحار أي شخص في طريقه، علاوة على أن التربة البركانية للمنطقة والغنية بمخزونات الحديد المغناطيسي تعطل عمل البوصلات وتجعل فقدان الطريق أمراً محتملاً. ولذلك؛ يلجأ زوار الغابة ممن ينظمون جولات للسير عبر أرجائها إلى استخدام شرائط بلاستيكية لاصقة للتعرف على الطريق. كما تتداخل أغصان الأشجار وتمتد جذورها على الأرض غير الممهدة والصخرية والمليئة بمئات الكهوف، بجانب حالة السكون المخيف التي تسود الغابة بسبب الكثافة الشديدة للأشجار التي تحول دون مرور الهواء عبرها بحرية.
بوجه عام، تجتذب أوكيغاهارا إليها ثلاث فئات من الزائرين: سائحين يرغبون في التجول عبر أشجارها سيراً على الأقدام، وآخرين يكاد يقتلهم الفضول لمعاينة هذا المكان الغامض الذي يدفع البعض للانتحار، وأخيراً فئة من الزائرين تأتي الغابة وليس لديها نية لمغادرتها.
إذا كنت من النوع الأول أو الثاني، يمكنك الانتقال إلى أوكيغاهارا من طوكيو بالسيارة في رحلة تستغرق ساعتين تقريباً، أو يمكنك ركوب القطار حتى كاواغوشيكو ومنها تستقل حافلة حتى الغابة.
-- جزيرة كلوة – تنزانيا
تعرف حالياً باسم كلوة كيسيواني، ويعني اسمها «جزيرة السمك»، وهي جزيرة تقع قبالة سواحل تنزانيا، وكانت في وقت مضى مركز واحدة من أعظم الإمبراطوريات التي ظهرت في شرق أفريقيا والتي عرفت باسم سلطنة كلوة.
بدأت هجرة العرب إلى الجزيرة منذ العصر الأموي؛ ما ساهم في انتشار الإسلام واللغة العربية بين السكان. منذ القرن الـ9 حتى القرن الـ19، كانت كلوة ميناءً ثرياً وبلغت أوج ازدهارها أواخر العصور الوسطى. ونشطت بشكل خاص في تجارة العاج والذهب والأحجار الكريمة والحديد والبهارات، وذلك بفضل وقوع الجزيرة على طرق التجارة بين أفريقيا والصين والهند وشبه الجزيرة العربية.
واليوم، تعج الجزيرة بأطلال وبقايا البنايات العظيمة التي جرى تشييدها خلال تلك الحقبة الغابرة، وأبرزها المسجد الكبير الذي يعتبر أقدم مسجد قائم على الساحل الشرقي لأفريقيا، ويتميز بـ16 قبة مدعومة بالكثير من الأعمدة والأقواس، وكذلك قصر حسوني كبوة المطل على الجزيرة من فوق مرتفع، وكان في وقت مضى البناء الأضخم على مستوى منطقة الصحراء الكبرى. ومن المزارات المهمة أيضاً قصر مكتوني.
يمكن الوصول إلى الجزيرة من العاصمة دار السلام عبر حافلات، ثم الانتقال إليها في قوارب صغيرة، لكن يتعين الحصول على إذن مسبق من السلطات التنزانية قبل الزيارة.