بدأت بوادر التشدد الأوروبي ضد البث الكربوني من السيارات الرباعية الرياضية (SUV)، التي تمثل ما بين ربع وثلث السيارات المبيعة في الدول الأوروبية، بمشروع قانون فرنسي لرفع الضرائب على هذا النوع من السيارات، ورفع غرامة من يتخطى نسب التلوث المحددة لسيارات الركاب إلى 20 ألف يورو (22.2 ألف دولار) في عام 2020. وقد تلحق دول أوروبية أخرى بهذا القرار خلال العام، خصوصاً أن نسب التلوث الهوائي المقرر خفضها سنوياً ارتفعت في عام 2019 الماضي بسبب ارتفاع استخدام المزيد من السيارات الرباعية الرياضية، واستمرار زيادة الطلب عليها.
وتعترض شركات السيارات على القرار الفرنسي لأنه سوف يؤثر سلبياً على الطلب على هذه السيارات، ويضرب أسعارها في الصميم. وتعد السيارات الرباعية الرياضية هي الأكثر ربحاً للشركات في الوقت الحاضر والأكثر نمواً بين قطاعات السيارات.
ومن ناحية أخرى، لا يزيد الإقبال على السيارات الكهربائية بالنسب التي تأملها الحكومات الأوروبية. وعلى الرغم من نمو هذا القطاع، وتوقعات الصناعة الإيجابية له، فإنه ما زال يمثل نسباً هامشية من الأسواق، كما أنه يحتاج إلى دعم مباشر من الحكومات.
ولا تعوض الضرائب الإضافية والغرامات على السيارات الرباعية الرياضية في فرنسا، وحجمها المتوقع 50 مليون يورو، ما تدفعه الحكومة الفرنسية كدعم مباشر للسيارات الكهربائية، الذي يصل إلى 550 مليون يورو، أي 11 ضعفاً. وفي ألمانيا، سوف يصل حجم الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية إلى 2.6 مليار يورو في عام 2025.
ويقترح وزير المالية الفرنسي برونو لومير أن تتضمن إعلانات السيارات الرباعية بأنواعها تحذيراً للمستهلك بآثارها السيئة على البيئة. كما يشير لومير إلى أن الدعم على السيارات الكهربائية الذي يصل إلى 6 آلاف يورو لكل سيارة هذا العام سوف يتراجع في عامي 2021 و2022.
- حيرة بريطانية
وفي بريطانيا، تشير الإحصاءات إلى بيع 1.8 مليون سيارة رباعية رياضية في السنوات الأربع الأخيرة. وخلال الفترة نفسها، لم تتخطَ مبيعات السيارات الكهربائية رقم 47 ألف سيارة، أي بمعدل سيارة واحدة لكل 37 سيارة رباعية رياضية. وتدرس الحكومة البريطانية الخيارات المتاحة لها لمواجهة هذا الموقف الذي نتج عنه زيادة الإفراز الكربوني خلال عام 2019، مقارنة بالعام الأسبق، في مخالفة واضحة لتوجهات الحكومة التي تأمل في خفض البث الكربوني سنوياً للوصول إلى حد الصفر في منتصف القرن الحالي.
ولهذا، قد تلجأ الحكومة البريطانية إلى إجراء مماثل لما تدرسه فرنسا حالياً، وترفع الضرائب على السيارات الرباعية الرياضية، أو على الأقل تفرض عليها قيوداً جديدة، بمنعها من دخول المدن.
ويقول مركز أبحاث الطاقة البريطاني إن السيارات الرباعية الرياضية تبث نسبة من عوادم الكربون تزيد بنحو الربع عن السيارات الصالون المتوسطة. ويضيف المركز أن جهود الحكومة لخفض نسب البث الكربوني من السيارات يحبطها انتشار وشعبية السيارات الرباعية الرياضية التي تعتمد على البنزين والديزل وقوداً.
وتشير أبحاث المركز إلى أن مبيعات السيارات الرباعية الرياضية بلغت نسبتها من إجمالي المبيعات في العام الماضي أكثر من 25 في المائة في بريطانيا، بعد أن كانت لا تزيد على 13.5 في المائة في عام 2015. وتحققت هذه الزيادة رغم دعم السيارات الكهربائية مالياً، والاستثمار في نقاط الشحن. وتوضح الأبحاث أن الجيل الذي يزيد عمره على 55 عاماً لا يهتم مطلقاً بالتحول إلى سيارات كهربائية.
وإذا استمرت السيارات الرباعية تجوب الشوارع البريطانية لمدة عشر سنوات مقبلة، فإن حجم البث الكربوني الإضافي منها سوف يصل خلال فترة تشغيلها إلى ما يعادل 8.2 مليون طن. ولا يزيد حجم السيارات الكهربائية الجديدة التي تم تسجيل بيعها في بريطانيا في العام الماضي عن 1.5 في المائة من حجم السوق الإجمالي.
- كشف مثير
من الاستنتاجات المثيرة التي توصل إليها معهد الطاقة البريطاني في أبحاثه عن سوق سيارات الركاب في العام الماضي أن السيارات الهايبرد ليست لها المواصفات البيئية النظيفة التي تشتهر بها، فهي تبث نسب عوادم كربون قريبة من السيارات البترولية. كما أن أصحاب السيارات التي تعمل بتقنية الهايبرد بشحن خارجي لا يهتمون بشحن البطاريات دورياً، ويعتمد معظمهم بصفة دائمة على المحرك البترولي وحده.
ولأن بعض السيارات الهايبرد هي أيضاً سيارات رباعية رياضية، فإن البث الكربوني منها يكون أعلى من السيارات البترولية الصغيرة، على الرغم من شهرتها البيئية. ونظراً لعدم اهتمام كبار السن بالسيارات الكهربائية، فإن الإقبال عليها يكون في الغالب من الشباب. وفي هذا الوضع الديموغرافي مشكلة أخرى لشركات السيارات لأن أسعار السيارات الكهربائية المرتفعة لا تتناسب مع ميزانيات الشباب، ولا تحقق هوامش أرباح جيدة للشركات.
ولا يقتصر هذا الوضع على بريطانيا، حيث أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن السيارات الرباعية الرياضية تمثل الآن 60 في المائة من زيادة مبيعات السيارات حول العالم منذ عام 2010. واستنتجت الوكالة أن هذا القطاع من السيارات هو ثاني القطاعات الملوثة للبيئة بالعوادم الكربونية في العالم بعد قطاع الطاقة، وأعلى من قطاع الصناعات الثقيلة التي تشمل الحديد والصلب والإسمنت والألومنيوم، بالإضافة إلى قطاع الشاحنات وصناعة الطيران.
ويرد خبراء الصناعة بأن قطاع السيارات الكهربائية حديث النشأة، وأن هناك أيضاً بعض السيارات الكهربائية الرباعية الرياضية مثل هيونداي «كونا» وجاغوار «إي بيس» ومرسيدس «إي كيو سي»، وهم يأملون في مستقبل أنظف في البث الكربوني.
- معهد الطاقة البريطاني: يجب إنهاء البث الكربوني في عام 2030
نصح مركز الطاقة البريطاني بتقديم موعد إنهاء البث الكربوني من قطاع السيارات البريطاني بحلول عام 2030، مع اتخاذ «إجراءات فورية» مضادة للانتشار السريع للسيارات الرباعية الرياضية. وطالب المركز بالاهتمام والاستثمار من جميع القطاعات الحكومية في التحول إلى درجة «الصفر الكربوني».
وطالب المركز بالتعاون مع الدول الأوروبية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في دعم سياسات خفض البث الكربوني، وأضاف أن الطلب على السيارات الكهربائية تعرقله عوامل ارتفاع الثمن ومدى البطاريات المحدود والبنية التحتية غير المكتملة والاختيارات المحدودة في الأسواق للسيارات الكهربائية.
بداية النهاية للطلب على السيارات الرباعية
فرنسا ترفع الضرائب عليها في عام 2020
بداية النهاية للطلب على السيارات الرباعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة