خطة مصرية للقضاء على العشوائيات خلال 10 سنوات

تبدأ بتطوير 7 مناطق في الإسكندرية وتمتد لباقي المحافظات

مصر تخطو خطوات ناجحة في نقل سكان المناطق العشوائية شديدة الخطورة إلى مناطق جديدة (مجلس الوزراء المصري)
مصر تخطو خطوات ناجحة في نقل سكان المناطق العشوائية شديدة الخطورة إلى مناطق جديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

خطة مصرية للقضاء على العشوائيات خلال 10 سنوات

مصر تخطو خطوات ناجحة في نقل سكان المناطق العشوائية شديدة الخطورة إلى مناطق جديدة (مجلس الوزراء المصري)
مصر تخطو خطوات ناجحة في نقل سكان المناطق العشوائية شديدة الخطورة إلى مناطق جديدة (مجلس الوزراء المصري)

تعد العشوائيات إحدى أهم مشكلات العمران والبناء في مصر، حيث تنتشر في جميع المحافظات وتشكل وفقاً للتقديرات الرسمية نحو 40% من مساحة العمران في البلاد، وتعاني من نقص حاد في المرافق والخدمات، إضافة إلى ارتفاع الكثافة السكانية، وانتشار القمامة، والقبح في شكل المباني والطرق، وفي محاولة لوضع حد لهذه المشكلة وضعت الحكومة المصرية مخططاً لتجميل وتطوير المناطق العشوائية غير المخططة، وتحسين نمط الحياة بها، من المقرر الانتهاء منه بحلول عام 2030.
إيهاب الحنفي، المنسق العام لصندوق تطوير العشوائيات بمجلس الوزراء المصري، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة المصرية ممثلة في صندوق تطوير العشوائيات ستبدأ خلال العام الجاري 2020 العمل على تطوير ورفع كفاءة المرافق في المناطق العشوائية غير المخططة التي تشكل نحو 40% من مساحة العمران في مصر»، مشيراً إلى أنه «تم تخصيص ميزانية للمشروع المقرر استمراره على مدار 10 سنوات تقدر بنحو 350 مليار جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 16 جنيهاً مصرياً)، موضحاً أن «المشروع تتم دراسته بشكل كامل بعد صنع نماذج لكيفية التطوير قبل بدء التنفيذ الفعلي، إذ تم تطوير 57 منطقة كنموذج لتطوير المناطق غير المخططة في كل من محافظات القاهرة والجيزة والمنيا والبحر الأحمر».
وانتشرت هذه العشوائيات على مدار العقود الماضية في غيبة من الدولة، وزادت بها الكثافات السكانية بشكل كبير بحيث لم تعد المرافق والبنية التحتية قادرة على استيعاب هذه الكثافات، مما يتسبب في حوادث غرق الشوارع بسبب مياه الأمطار، وفق الحنفي.
ووصف الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، مشروع تطوير المناطق العشوائية بأنه «مشروع مهم وضروري رغم تكلفته الكبيرة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا المشروع يأتي في إطار سياسة الأمر الواقع، أو ترميم الثغرة التي حدثت على مدى عشرات السنين، لكنه ليس الحل».
وأوضح الدمرداش أن «(أريفة) الحضر هي الحقيقة المؤلمة التي تعيشها مصر، فعلى مدار 60 عاماً أو أكثر، تم فتح باب الهجرة الداخلية دون أن تكون هناك استعدادات لمواجهة هذه الهجرة، ونزحت أعداد كبيرة من الريف إلى المدينة دون تخطيط، فسمحت الحكومة بتجاوزات في العمران، مما أدى إلى تحويل المدن إلى قرى ريفية»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر يتطلب علاجاً على المدى القصير، وهو ما يمكن توفيره من خلال مشروع تطوير وترميم هذه المناطق».
وكانت محافظة الإسكندرية هي أولى محافظات تطبيق المشروع، حيث وقّع اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، والمهندس خالد صديق، المدير التنفيذي لصندوق تطوير المناطق العشوائية، أخيراً، بروتوكول تعاون لتطوير 7 مناطق غير مخططة بالمحافظة، خلال عام 2020 بتكلفة تتجاوز 811 مليون جنيه مصري.
وقال الحنفي إن «المشروع يتضمن تطوير مناطق (عزبة محسن - الدخيلة - العصافرة قبلي - الحضرة - نادي الصيد - سيدي بشر - دنا والمحروسة)، في خمسة أحياء رئيسية في المحافظة الساحلية. مشيراً إلى أن «اختيار هذه المناطق جاء بناءً على الخطة التي وضعها صندوق تطوير العشوائيات، والتي رسمت مخططاً للمناطق غير المخططة، ليبدأ تطوير المناطق الموجودة في عواصم المحافظات ضمن المرحلة الأولى من المشروع، مع الأخذ في الاعتبار أولويات كل محافظة». و«يخدم المشروع 500 ألف أسرة، أي نحو مليوني نسمة» حسب الحنفي، الذي أشار إلى أن «المشروع يشمل أعمال رصف وإنارة الطرق، وإنشاء وتطوير وإحلال وتجديد شبكات مياه الشرب والصرف الصحي، ومن المقرر أن ينتهي بنهاية عام 2020». وزاد قائلاً: «من المقرر توقيع عقود مماثلة مع محافظات الوادي الجديد، ومرسى مطروح والجيزة ودمياط والبحر الأحمر والغربية والدقهلية ضمن المرحلة الأولى للمشروع»، لافتاً إلى أن «صندوق تطوير العشوائيات يفرض على المحافظة توقيع إقرار بعدم حفر الشوارع مرة أخرى خلال السنوات الثلاث التالية لتنفيذ المشروع، ويحاول وضع قواعد ونظام مراقبة لمنع تكرار التجاوزات والمخالفات، والحفاظ على ما تم تطويره بالتعاون مع الإدارة المحلية».
وتشهد محافظة الإسكندرية مشروعات متعددة لاستعادة وجهها الحضاري، حيث يرى المراقبون أنها واحدة من المحافظات التي عانت بشدة من هجرة سكان المحافظات الأخرى إليها.
ويقول الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإسكندرية تشهد مشروعات متنوعة تخدم القطاع العقاري وعلى رأسها مشروع محور المحمودية، الذي سيوفر فرصة لبناء تجمعات سكنية وإدارية جديدة ويقضي على العشوائية الموجودة بالمنطقة، كما يوفر مداخل جديدة للمدينة، إضافة إلى مشروع تطوير منطقة كينج مريوط السكنية، ومشروع تطوير المنتزه ببناء مجموعة من الفنادق الكبرى، وإعادة تطوير منطقة الداون تاون بتجمعات سكنية جديدة».
في سياق متصل، عملت الحكومة خلال السنوات الأربع الماضية على تطوير المناطق العشوائية التي تمثل خطورة داهمة، ففي القاهرة تم نقل سكان بعض هذه المناطق إلى حي الأسمرات الجديد، وإعادة تطوير منطقة تل العقارب وتحويلها إلى «روضة السيدة»، وشهدت الإسكندرية تطوير منطقة «غيط العنب»، من خلال مشروع «بشائر الخير».
وأشار الحنفي إلى أنه «من المقرر القضاء على المناطق العشوائية غير الآمنة، التي تشكل نحو 1% من مساحة العمران في مصر، مع نهاية عام 2020، حيث تم تطوير نحو 201 منطقة عشوائية، ويجري العمل في 156 منطقة أخرى».
لكن الدمرداش أكد «ضرورة التصدي للمشكلة الرئيسية وإعادة توزيع السكان في المدن الجديدة على أسس اقتصادية سليمة لتخفيف الأعباء على المدن الكبرى التي انهارت مرافقها، والأهم من ذلك هو وضع حد للزيادة السكانية التي تلتهم أي معدلات نمو».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».