تخوف ديمقراطي من «انتقام» ترمب في حال تبرئته لدى مجلس الشيوخ

ترمب لدى مخاطبته القوات الأميركية المنتشرة في الخارج من فلوريدا عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)
ترمب لدى مخاطبته القوات الأميركية المنتشرة في الخارج من فلوريدا عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)
TT

تخوف ديمقراطي من «انتقام» ترمب في حال تبرئته لدى مجلس الشيوخ

ترمب لدى مخاطبته القوات الأميركية المنتشرة في الخارج من فلوريدا عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)
ترمب لدى مخاطبته القوات الأميركية المنتشرة في الخارج من فلوريدا عشية عيد الميلاد (أ.ف.ب)

تابع الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجومه المركز على رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي. وقال ترمب، في سلسلة من التغريدات: «نانسي بيلوسي المجنونة يجب أن تمضي وقتاً أطول في مدينتها المتدهورة، ووقتاً أقل في إجراءات العزل المزيفة».
ومع استمرار بيلوسي في تجميد إجراءات العزل، يتخوف الديمقراطيون من أن تنعكس تبرئة مجلس الشيوخ المتوقعة لترمب إيجاباً على حظوظه في الفوز بالانتخابات المقبلة. ويجمع الديمقراطيون على نقطة واحدة: إن تبرئة مجلس الشيوخ ستعزز من ثقة ترمب بنفسه، وسيسعى إلى الانتقام من هؤلاء الذين سعوا إلى عزله بعد تبرئته.
وبما أن إدانة الرئيس تحتاج إلى أغلبية 67 صوتاً من أصل مائة في مجلس الشيوخ، لن يتمكن الديمقراطيون من الحصول على الأصوات اللازمة لإدانة الرئيس، مهما حاولوا. فهم يتمتعون بـ47 صوتاً فقط، مقابل 53 للجمهوريين، لهذا فقد أعرب عدد منهم عن قلقهم من تزايد النزعات الانتقامية للرئيس بعد تبرئته.
وتقول النائبة الديمقراطية براميلا جايبال: «بالطبع، نحن قلقون من رد فعله، فهو يستغل منصبه، ويعرقل عملنا بشكل مستمر؛ إنه يشعر أنه يستطيع أن يقوم بما يشاء. وفي حال برأه مجلس الشيوخ، فهو سيشعر بأنه فوق القانون».
تصريح يوافق عليه السيناتور الديمقراطي ديك دربن: «نحن نعرف الرئيس جيداً؛ إن لم نتمكن من الحصول على 67 صوتاً لإدانته في المجلس، فسوف يدعي أن إجراءات عزله هي حملة مطاردة ساحرات، وأن المجلس برأه».
أما السيناتور الديمقراطي تيم كاين، فقال: «أنا قلق من تداعيات التبرئة، لكني أعتقد أن هذا الرئيس يشعر بأنه فوق القانون مسبقاً».
وقد عكست هذه التصريحات شعور الديمقراطيين بالغلبة على أمرهم. ويبدو أن تجميد بيلوسي لإجراءات العزل هو الورقة الأخيرة التي يملكونها لفرض كلمتهم قبل الاستسلام لمشيئة الجمهوريين في مجلس الشيوخ. وترجح بعض المصادر في الكونغرس أن تكون خطوة بيلوسي محاولة أخيرة يائسة لتأجيل ما هو مؤكد، أي تبرئة الرئيس من الاتهامات التي وجّهها إليه مجلس النواب. كما تعكس الخطوة تخوفاً ديمقراطياً من احتمال استغلال الجمهوريين لمحاكمة مجلس الشيوخ في حملاتهم الانتخابية، من خلال التركيز على ضعف قضية الديمقراطيين في إجراءات عزل الرئيس.
ويختصر السيناتور كريس كونز المخاوف الديمقراطية، إذ أعرب عن قلقه الشديد من تصرفات ترمب المحتملة بعد تبرئة مجلس الشيوخ له قبل الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتحدث كونز، في مقابلة مع شبكة «إن بي سي» الأميركية، قائلاً: «إذا برأه مجلس الشيوخ، ورفض الجمهوريون في المجلس توبيخه من خلال إجراءات العزل، فسوف يطلق الرئيس العنان لتصرفاته، ولن تكون هناك أي قيود عليها».
وعلى ما يبدو، فإن ترمب اقتنع بدعوات زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل لإجراء محاكمة سريعة في المجلس. وغرد في أكثر من مناسبة، قائلاً: «لا يجب هدر مزيد من الوقت على إجراءات العزل المزيفة، يجب إنهاء مطاردة الساحرات فوراً من خلال محاكمة مجلس الشيوخ». ويسعى مكونيل إلى حشد الدعم الجمهوري لعقد محاكمة يستمع فيها المجلس لممثلين عن مجلس النواب، وفريق الدفاع عن البيت الأبيض من دون أي شهود، وسوف يسمح مكونيل لأعضاء المجلس بطرح أسئلة مكتوبة، من خلال كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس الذي سيترأس جلسات المحاكمة. بعد ذلك، ينتقل المجلس للتصويت على بندي الاتهامات بحق الرئيس.
وسيحاول مكونيل عقد جلسات المحاكمة في شهر يناير (كانون الثاني)، إلا أن بيلوسي لم تفصح حتى الساعة عن نيتها الإفراج عن ملف العزل قبل تحقيق المطالب الديمقراطية باستدعاء شهود. ويراهن الجمهوريون على أن ترضخ بيلوسي للأمر الواقع، وتسلمهم الملف، خاصة أن الرئيس الأميركي دعا إلى استدعاء نائب الرئيس الأميركي جو بايدن للاستماع لإفادته، وهو أمر سيحاول الديمقراطيون تجنبه خلال السباق الانتخابي للرئاسة الأميركية.
وكان بايدن قد انتقد هذه الدعوات، وقال إن إجراءات العزل تتعلق بتصرفات ترمب، وإنه لا يريد تشتيت الانتباه عن هذه التصرفات من خلال الإدلاء بإفادته. وأضاف بايدن أنه سيمثل أمام مجلس الشيوخ في حال استدعائه، لكنه استبعد هذا الموضوع.
هذا ولا يزال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر مصراً على موقفه الداعي باستدعاء كل من مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، وكبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني، للإدلاء بإفادتيهما خلال جلسات المحاكمة. وقال شومر للصحافيين: «إن لم نحصل على كل الوقائع ونعرضها على الأميركيين، فسوف تكون أميركا في خطر لأن المحاكمة لن تكون حقيقية، وسوف يؤدي هذا إلى تشجيع الرئيس على الاستمرار بتصرفاته».
ورغم أن التصريحات الديمقراطية تظهر اعتراف الديمقراطيين المبطن بتبرئة ترمب في نهاية المطاف، فإنهم يعولون على أن تؤثر الأدلة التي طرحوها خلال إجراءات العزل على رأي الناخب الأميركي، وأن يؤدي ذلك بالتالي إلى خسارة ترمب في صناديق الاقتراع. ويقول السيناتور الديمقراطي كريس مورفي: «أعتقد أنه من المهم أن نظهر للأميركيين والعالم أن هناك معايير أخلاقية في بلادنا. قد لا يلتزم الرئيس والجمهوريون بهذه المعايير، لكن هذه الإجراءات تظهر أن هناك نوعاً من المحاسبة الأخلاقية».
هذا ولن تتضح صورة المراحل المقبلة للعزل قبل السابع من شهر يناير (كانون الثاني)، عندما يعود المشرعون من عطلة الأعياد، مع توقعات البعض أن تتزامن جلسات المحاكمة مع إدلاء الرئيس الأميركي لخطاب حال الاتحاد أمام الكونغرس في الرابع من فبراير (شباط) المقبل.


مقالات ذات صلة

ترمب يعين كاري ليك مديرة «فويس أوف أميركا»... ماذا نعرف عنها؟

الولايات المتحدة​ كاري ليك إلى جانب دونالد ترامب خلال تجمع انتخابي في فيندلاي تويوتا أرينا في بريسكوت فالي، أريزونا، في 13 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يعين كاري ليك مديرة «فويس أوف أميركا»... ماذا نعرف عنها؟

عيَّن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الأربعاء كاري ليك التي رفضت نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 حين فاز جو بايدن مديرة جديدة لمؤسسة «فويس أوف أميركا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الملياردير الأميركي إيلون ماسك يظهر إلى جانب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

الأول بالتاريخ... فوز ترمب يساعد ماسك على تحقيق ثروة تتخطى 400 مليار دولار

أصبح إيلون ماسك أول شخص في التاريخ تبلغ ثروته 400 مليار دولار (314 مليار جنيه إسترليني) بعد زيادة ثروته منذ فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ريتشارد غرينيل مسؤول المخابرات السابق الذي يفكر ترمب في تعيينه مبعوثا خاصا لإيران (أرشيفية)

ترمب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا خاصا لإيران

قال مصدران مطلعان على خطط انتقال السلطة في الولايات المتحدة إن الرئيس المنتخب دونالد ترمب يدرس الآن اختيار ريتشارد غرينيل ليكون مبعوثا خاصا لإيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مدير «إف بي آي» كريستوفر راي (أ.ب)

مدير «إف بي آي» سيستقيل قبل تنصيب ترمب

 قالت شبكة «فوكس نيوز»، الأربعاء، إن مدير مكتب التحقيقات الاتحادي كريستوفر راي سيستقيل من منصبه في وقت ما قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

تقرير: «تايم» ستختار ترمب «شخصية العام»

قال موقع «بوليتيكو» على الإنترنت، اليوم (الأربعاء)، نقلاً عن 3 مصادر مطلعة، إنه من المتوقع أن تختار مجلة «تايم» دونالد ترمب «شخصية العام».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.