تفجير مقديشو الدامي... أسر مكلومة وقصص مروعة

اعتبر الأسوأ منذ ما يزيد على عامين

ممرضة صومالية تحمل طفلا أصيب في تفجير العاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ف.ب)
ممرضة صومالية تحمل طفلا أصيب في تفجير العاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تفجير مقديشو الدامي... أسر مكلومة وقصص مروعة

ممرضة صومالية تحمل طفلا أصيب في تفجير العاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ف.ب)
ممرضة صومالية تحمل طفلا أصيب في تفجير العاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ف.ب)

رتبت الأسر الصومالية المكلومة لإقامة جنازات ودفن ذويهم الذين سقطوا في انفجار دام، وقع أول من أمس، عند نقطة تفتيش مزدحمة بالعاصمة الصومالية مقديشو في ساعة ذروة، مخلفاً أكثر من مائتي قتيل وجريح، واعتبر الأسوأ في البلاد منذ ما يزيد على عامين.
وتحملت هذه الأسر مأساة التعرف عليهم من بين الجثث المتفحمة والأشلاء في موقع الانفجار وفي مستشفيات في أنحاء المدينة، بينما قالت السلطات إن «من بين القتلى العديد من الطلاب في جامعة بالمدينة».
وتفقد رئيس الحكومة حسن علي خيري، مركز الطوارئ حيث يجري تنسيق عمليات الإسعاف بالنسبة لضحايا التفجير، كما اجتمع مع أعضاء اللجنة الوطنية لتنسيق عمليات الإسعاف، والشبان الذين يعلمون مع اللجنة في الجوانب الفنية، حيث استمع إلى تقرير مفصل حول عملهم، وحثهم على بذل كل جهودهم في رعاية الجرحى في أقرب وقت ممكن.
وذكر معهد هيرال، وهو مؤسسة بحثية تركز على القضايا الأمنية مقرها مقديشو، أن «هجوم السبت هو العشرين الذي يُنفذ باستخدام عربة ملغومة في الصومال هذا العام وأن عدد القتلى بسبب مثل هذه الهجمات في 2019 يزيد عن عددهم العام الماضي».
وبينما كان دوي الانفجار قرب منزلها في مقديشو يصم آذانها، واصلت قالي إبراهيم، البالغة من العمر 18 عاما الاتصال بهاتف زوجها المحمول الذي كان غادر المنزل قبل دقائق من الانفجار وبيده أدوات يستخدمها في أعمال البناء، لكن استمر الرد الآلي من الهاتف «هذا الرقم غير متاح حاليا».
وتتذكر قالي ساعات الكرب وهي تهرول بين مستشفى وآخر بحثا عن مختار أبوكار (35 عاما) عامل البناء الذي تزوجته قبل أربعة أشهر فقط لكن دون جدوى».
ولدى وصولها إلى مستشفى المدينة بصحبة شقيقة زوجها طلب منها المسؤولون تفقد صف من الجثث مجهولة الهوية بسبب الانفجار الضخم للشاحنة الملغومة، حيث روت قالي لـ«رويترز» أنها عادت خطوات إلى الوراء بعد مشاهدة أول جثة متفحمة إذ أدركت أنها لزوجها الذي تعرفت عليه من أثر ندبة عميقة على أحد أصابعه».
وقالت الأرملة الحبلى منذ ثلاثة أشهر، بينما كانت تنتحب جالسة في مكانها وهي تحرك جسدها للأمام والخلف وتدس رأسها المغطاة بين ركبتيها «كنا معا الليلة الماضية». وقالت لشقيقة زوجها التي كانت تضغط على كتفيها «هذا العالم مؤلم للغاية».
وقُتل ما لا يقل عن 90 شخصا في الانفجار الذي أودى بحياة زوجها، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه لكن رئيس بلدية مقديشو اتهم «حركة الشباب» المتطرفة التي تربطها صلات بتنظيم «القاعدة» بالمسؤولية عنه».
وقال وزير الإعلام الصومالي محمد عبدي حير ماريي لوسائل إعلام رسمية إن عشرة من الصوماليين المصابين بجروح خطيرة سيُنقلون لتركيا. وأضاف أن تركيا أرسلت 24 طبيبا لعلاج مصابين لن يتم إجلاؤهم».
وكان مقرراً، حتى مساء أمس، أن تقلع طائرة طبية تركية من مطار العاصمة الصومالية لنقل الجرحى لتلقي العلاج في أنقرة، وعلى متنها 12 جريحاً من الحالات الخطيرة التي تعسر علاجها في مستشفيات العاصمة، بالإضافة إلى جثتي اثنين من الأتراك الذين كانوا من بين القتلى في الانفجار.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.