نتنياهو يتحدى «الجنايات الدولية» بإقرار خطة بناء استيطاني

مصادر تتحدث عن ضغط على دول غربية لتقليص دعمها المالي

TT

نتنياهو يتحدى «الجنايات الدولية» بإقرار خطة بناء استيطاني

بعد أيام قليلة من الارتياع الإسرائيلي من قرار المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وفي مقدمة ذلك اعتبار الاستيطان جناية تدخل في باب جرائم الحرب، عادت حكومة بنيامين نتنياهو إلى ممارساتها كما لو أن المحكمة الدولية غير موجودة، وقررت طرح خطة لتوسيع الاستيطان ببناء نحو 3 آلاف وحدة سكن جديدة.
وأوضحت مصادر سياسية أن نتنياهو لم ينزع حاجز الخوف من المحكمة بعد، لكنه لا يريد الرضوخ لإملاءاتها في معركته الانتخابية، وينوي، خلال الشهور القريبة «معالجة المحكمة من جانب آخر موجع لها». وكشفت أنه «بدأ بالاتصالات مع الإدارة الأميركية لبذل جهد مشترك لممارسة الضغوط على الدول التي توفر الدعم لميزانية المحكمة الدولية في لاهاي، خصوصاً بريطانيا وأستراليا وهولندا وغيرها، لكي تسحب هذا الدعم إذا واصلت إجراءاتها القضائية للتحقيق مع إسرائيل».
وأكدت هذه المصادر أن نتنياهو واثق من أن الإدارة الأميركية، بقيادة الرئيس دونالد ترمب، ستوافق على الاقتراح الإسرائيلي بهذا الخصوص، وتستغل نفوذها لمحاصرة المحكمة الدولية مالياً في حال استمرارها في الإجراءات. ولذلك قرر نتنياهو، إلى جانب النقاش حول صلاحيات المحكمة، مواصلة ممارساته في المناطق الفلسطينية المحتلة. وسيلتئم «المجلس الأعلى للتخطيط والبناء» التابع للإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي، خلال الأيام المقبلة للمصادقة على مشروعات استيطانية كثيرة.
ومن مسودة القرارات بهذا الشأن يتضح أن المجلس سيعطي شرعية حتى للبناء الاستيطاني الذي كان يُعتبر، حتى حسب القانون الإسرائيلي، غير شرعي وغير قانوني، كالبناء على أرض فلسطينية خاصة. وسيمنح الشرعية لبيوت بناها المستوطنون من دون تراخيص. وقد أعلنت حركة «سلام الآن» الإسرائيلية، التي تراقب البناء الاستيطاني في المناطق الفلسطينية المحتلة، أن «نتنياهو يقدم على خطوة سياسية هدفها تحسين مكانته ومكانة وزير الدفاع في حكومته لأغراض انتخابية، وهما بذلك يعملان بشكل واعٍ لفرض أمر واقع يجعل إمكانية قيام دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً».
وقالت إن الحكومة الإسرائيلية المقبلة ستكون ملزمة بإبطال كل مشروعات الاستيطان هذه، في مواجهة المحكمة الدولية والغضب الدولي ضد إسرائيل.
ويتضح من الخطة أن الحكومة الإسرائيلية تنوي منح الشرعية لبؤرة «طلمون» الواقعة شمال غربي رام الله، وبناء 258 وحدة سكنية فيها. وتنوي المصادقة على 147 وحدة سكنية في مستوطنة «متسبيه يريحو»، على مشارف مدينة أريحا في منطقة الأغوار الجنوبية من الضفة الغربية، حيث باتت هذه الوحدات السكنية في مرحلة متقدمة. وسيناقش المجلس أيضاً مرحلة التخطيط المتقدمة لـ100 وحدة سكنية في مستوطنة «نفيه تسوف» قرب عين بوبين، شمال شرقي رام الله، بالإضافة إلى 72 وحدة سكنية في مستوطنة «أرئيل» القائمة على أراضي نابلس و107 وحدات في مستوطنة «إلون موريه»، الواقعة قرب نابلس. كما ستُعقد جلسة مناقشات أولية في المجلس الأعلى للتخطيط، حول خطة لإنشاء 534 وحدة سكنية و12 وحدة تجارية أخرى في مستوطنة «شيلو»، الواقعة شمال قرية ترمسعيا، ما بين رام الله ونابلس.
بالإضافة إلى ذلك، ستتم مناقشة الخطط لتوسيع المشروع الاستيطاني أيضا في مستوطنات «جفعات زئيف» (شمال القدس) و«معاليه أدوميم» (جنوب القدس) و«معاليه ميخميش» (شرقي رام الله) و«علمون» (شرق للقدس) و«كوخاف يعقوب» (قرب البيرة) والمنطقة صناعية في مستوطنة «إيمانويل» (جنوب غربي نابلس).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.