تسريحات الشعر في ساحة التحرير تعبير آخر عن «الرغبة في التحرر»

ناشطون: الثورة غيرت كل شيء... ونحن أحرار

متظاهرون في ساحة التحرير ببغداد يتباهون بتسريحاتهم (أ.ف.ب)
متظاهرون في ساحة التحرير ببغداد يتباهون بتسريحاتهم (أ.ف.ب)
TT

تسريحات الشعر في ساحة التحرير تعبير آخر عن «الرغبة في التحرر»

متظاهرون في ساحة التحرير ببغداد يتباهون بتسريحاتهم (أ.ف.ب)
متظاهرون في ساحة التحرير ببغداد يتباهون بتسريحاتهم (أ.ف.ب)

في ساحة التحرير في وسط بغداد، باتت تسريحة النجم إلفيس بريسلي المشهورة شائعة اليوم بين المتظاهرين الشبان الذين يريدون بتصفيف شعرهم على شكل «عرف الديك»، إعطاء دليل إضافي على رغبتهم بالتحرر من الماضي.
ويقول المتظاهر قاسم وهو يسعى للحصول على شاي وبسكويت يقدم مجاناً للمتظاهرين داخل إحدى خيم الاعتصام، «الثورة غيرت كلّ شيء. كلّ شيء مختلف الآن، نحن أحرار».
ويتابع وهو يحرك يده ويدخل أصابعه في شعره «نستطيع أن نترك العنان لأنفسنا»، و«بالتالي ابتكرت أسلوباً جديداً لنفسي». وقد جمع شعره في وسط رأسه من أعلى على شكل موزة يغطيها لون أصفر براق.
ويحتشد الآلاف بينهم طلبة وشباب عاطلون عن العمل في ساحة التحرير الرمزية يوميا، مطالبين بإصلاح شامل للنظام القائم على المحاصصة الطائفية، وإنهاء احتكار السياسيين أنفسهم للسلطة منذ 16 عاماً. ويصفون الأحزاب المهيمنة بـ«لصوص» و«فاسدين».
الشعارات الحماسية هي ذاتها منذ انطلاق الاحتجاجات مطلع أكتوبر (تشرين الأول). وواجهت السلطات الاحتجاجات بالقمع. رغم ذلك، يتواصل التحرك. وتلفت تسريحات الشعر المميزة التي اختارها العديد من الشبان المحتجين، الأنظار.
وتبدو ظاهرة قصة الشعر الجديدة مستوحاة من عالم نجوم كرة القدم. ويقول صحافي محلي «نطلق عليها هنا اسم عرف الديك». ويقول الناشط عمر دبور (23 عاما) المعروف في ساحة التحرير: «الموديلات بدأت بالتدرج منذ عامين، لكنها تفجرت مع ثورة ساحة التحرير، لأن الناس يشعرون بحرية أكثر» للتفلّت حتى من العادات الاجتماعية الموروثة.
واختار هذا الشاب أن يترك شعره ينمو إلى الأعلى كما يفعل أعضاء فرقة «جاكسون - 5». ويقول «شباب ساحة التحرير جريئون. أصبح هذا الأمر طبيعيا»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «الأمر يختلف في باقي مناطق المدينة، هناك تحفظ أكثر». ويتابع «هناك الجيش والميليشيا، يمكن أن يزعجوك عند حواجز التفتيش»، مضيفا «أنا لا يهمني (...) شعري كان قصيراً جداً وتركته يطول، لماذا أحس بالخوف؟».
في الساحة أيضا، يقف كرار رياض (20 عاما) وقد وضع نظارات شمسية بعدسات صفراء وحزاماً جلدياً أسود، وهو يسرّح خصل شعره الطويل بأصابعه على طريقة النجم الأميركي جوني ديب، قائلاً «اليوم كل شيء ممكن. نفعل ما نريد هنا».
لكن قد يكون ذلك صعباً. إذ يسكن هذا الشاب في منطقة الكاظمية ذات الغالبية الشيعية وحيث يقع مرقد الإمام موسى الكاظم الذي يستقبل مئات آلاف الزوار. ويقرّ كرار بأن عليه التصرف بحكمة هناك.
وكثيرون مثل كرار ضحايا ضغوط اجتماعية تجبرهم على عدم المجاهرة بمواقفهم في مناطقهم بضواحي العاصمة. ويؤكد مختصون أن تسريحة إلفيس برسلي هي التي تحظى بالشعبية الأكبر.
وتحدثت مواقع إلكترونية مهتمة بهذا المجال عن قصة «ألبومبادور» الشائعة بين الشباب، وقد سمّاها هكذا الملك لويس الخامس عشر. ويعتبر من يعتمدها أنها تظهره كـ«رجل مثير وعصري». ويقدم عدد من صالونات الحلاقة في العراق، وبأساليب مختلفة، هذه التسريحة الكلاسيكية بتدرجات مختلفة ترتفع وسط الرأس ويطلق عليها اسم «الماهوك». ويقول عمر «الفكرة هي أن نفعل ما نرغب فيه».
وتقول زهراء غندور، وهي شابة عراقية تعمل في مجال الإنتاج والسينما، إن «جذور هذه الظاهرة تعود إلى التسعينات، في صالونات ومحال حلاقة للرجال في الأحياء الشعبية لمدينة الصدر» في شمال شرقي بغداد. وتشير إلى أن تلك المنطقة كانت إبّان نظام صدام حسين «مستبعدة ومهمشة، والأهالي كانوا يريدون الظهور، وكانت هذه بالنسبة لهم وسيلة للتعبير عن أنفسهم، للاحتجاج». وتضيف أن باروكات الشعر «بدأت بالفعل قبل عامين وما زالت في مدينة الصدر».
ويعتبر مصور الفيديو زهير العطواني الذي يتحدر من مدينة الصدر والمشهور في العراق، من أكثر المروجين لموديلات الشعر المبتكرة من خلال حفلات الزواج التي يصورها ويشارك فيها شباب بتسريحات شعر مختلفة. وصارت أغنيته الشهيرة «صوّرني يا عطواني» تتردد على كل لسان من بغداد إلى بيروت. وتقول غندور: «يتردد العديد من شباب مدينة الصدر إلى ساحة التحرير. هذه طريقة للتمرد والتحرر»، واصفة إياهم بـ«المبدعين».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.