«نتفليكس» تتطلع لأن تكون لاعباً رئيسياً في صناعة الترفيه بمنطقة الشرق الأوسط

تسعى إلى تحقيق نجاحات عالمية عبر المساهمة في دعم صناعة السينما

ممثلون في مسلسل «لا كاس دي بيبل» الإسباني (الشرق الأوسط)
ممثلون في مسلسل «لا كاس دي بيبل» الإسباني (الشرق الأوسط)
TT

«نتفليكس» تتطلع لأن تكون لاعباً رئيسياً في صناعة الترفيه بمنطقة الشرق الأوسط

ممثلون في مسلسل «لا كاس دي بيبل» الإسباني (الشرق الأوسط)
ممثلون في مسلسل «لا كاس دي بيبل» الإسباني (الشرق الأوسط)

كشفت شبكة نتفليكس للبث الرقمي عن مساعيها لأن تصبح لاعباً رئيسياً في صناعة الترفيه في منطقة الشرق الأوسط، وذلك باتخاذ بعض الخطوات الاستراتيجية الكفيلة بتعزيز مكانتها كشركة بث عالمية، مشيرة إلى أن العالم العربي يتمتع بتراث غني في مجال السرد القصصي وصناعة الأفلام والمسلسلات الدرامية.
وقالت الشركة العالمية إن المنطقة استطاعت جذب اهتمام صناع السينما وشركات الترفيه من جميع أنحاء العالم في ظل موجة نمو وتطور صناعة الترفيه الإقليمية.
ومن المتوقع أن يشهد قطاع البثّ عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نمواً كبيراً على مدار السنوات الثلاث المقبلة، ونتيجة وجود قاعدة كبيرة من المستهلكين المتصلين رقمياً، فمن المتوقع أن يزداد عدد الاشتراكات في خدمات البث عبر الإنترنت بنسبة 77.3 في المائة بحلول عام 2023، وفقاً لتقرير توقعات البث عبر الإنترنت والتلفزيون في الشرق الأوسط وأفريقيا الصادر عن شركة «أو في يو أم» المتخصصة في تحليلات البيانات والاستشارات، وانطلاقاً من هنا، أوضحت «نتفليكس» مراراً أنها لا تتبنى مقاربة واحدة لجميع أعضاء قاعدتها المتنامية في العالم العربي.
وبحسب متحدث رسمي لشبكة نتفليكس العالمية فإن الأذواق في العالم العربي قد تختلف عن الأذواق الغربية، كما أنها تختلف بين الدول والمناطق، الأمر الذي أدركت فيه «نتفليكس» طبيعة هذا التفرد في العالم العربي وطورت استراتيجية استثمارية إقليمية تعكس الفروق الدقيقة في هذه المنطقة، مشيراً إلى أن الشبكة العالمية قامت خلالها بتوسيع مكتبتها من المحتوى العربي، والاستثمار في المزيد من الإنتاجات العربية الأصلية، والتعاون مع شركات وجهات إنتاجية أخرى، وبناء فريق من داخل المنطقة لقيادة نمو «نتفليكس» في العالم العربي.
وقالت «نتفليكس» إنها تقوم باستمرار بالبحث في جميع أنحاء العالم للعثور على أفضل القصص، والتعاون مع أفضل المخرجين والمنتجين، وقد بدأت بالقيام بهذا الأمر في العالم العربي، موضحة أن تنوع استثمارات الشبكة العالمية في المحتوى الأصلي العربي يلبي مختلف الأذواق وتفضيلات المشاهدين في المنطقة، حيث تم الإعلان مؤخراً عن الكثير من البرامج الأصلية العربية، مثل المسلسل المصري «ما وراء الطبيعة»، والأردني «مدرسة الروابي للبنات»، بالإضافة إلى مسلسل «دولار» اللبناني الذي يلعب بطولته الفنان عادل كرم.
وأكدت أن هذه البرامج ليست مخصصة فقط للجماهير العربية، حيث تقوم «نتفليكس» عبر خدمتها العالمية بتقديم هذه القصص العربية إلى أعضائها المشتركين في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي تسهم فيه الشبكة بتوفير محتوى قد لا يُتاح لمشتركيها فرصة رؤيته من خلال القنوات الأخرى.
واكتسب مسلسل «البروفسور» «لا كاس دي بيبل» الإسباني الذي سجل نجاحاً كبيراً، انتشاراً وشعبية واسعة بين الجماهير السعودية، ليصبح أحد أكثر مسلسلات نتفليكس نجاحاً في البلاد خارج موطنه الأساسي، إسبانيا، وتأمل الشبكة العالمية في أن يكون لإنتاجاتها الأصلية العربية تأثيراً مشابهاً في الأسواق الأخرى خارج الشرق الأوسط، مع استمرارها بالتوجه نحو الجماهير العربية.
وتطرقت الشركة إلى أنها تؤمن بأن القصص الرائعة موجودة في كل مكان، موضحة أنها تعمل من خلال إنتاجاتها الأصلية ليس لسرد قصص عابرة للحدود فحسب، بل أيضاً تسعى لترك أثر اقتصادي يعود بالفائدة على صناعة الأفلام على مستويات متعددة، مشيرة إلى أن تلك السلسلة لا تتضمن المنتجين والمخرجين السينمائيين فقط، بل تشمل أيضاً جميع الشركات ورواد الأعمال المرتبطين بعملية الإنتاج، بدءاً بالموردين وصولاً إلى مصممي أزياء الممثلين وغيرهم.
ولفتت إلى أنها، عند العمل مع صانعي أفلام في المنطقة، تتعاون أيضاً مع منتجين ومخرجين عرب، حيث توفر لهم الموارد والخبرات اللازمة لإنتاج أعمال بمعايير عالمية، كما تتيح لهم أيضاً إمكانية الوصول إلى جمهور عالمي يزيد على 158 مليون أسرة في جميع أنحاء العالم.
وضربت الشركة المثال بالأردنية تيما الشوملي: «قبل عملها مع نتفليكس كانت الممثلة والكاتبة والمنتجة الأردنية تيما الشوملي ناشطة في مجال إنشاء المحتوى على (اليوتيوب)، واستطاعت إثبات نفسها ووصلت إلى التلفزيون الأردني المحلي. ومع الدعم والاستثمار الذي قدمته شبكة نتفليكس، تعمل تيما اليوم على إنتاج وإخراج مسلسل (مدرسة الروابي للبنات)، وهو مسلسل يضاهي إنتاجات درامية عالمية، علماً بأنه يُعد عملا نسائيا عربيا متكاملا وذا بطولة نسائية أمام وخلف الكاميرات وسيبدأ تصويره في مطلع عام 2020».
وكانت الشركة قد تعاونت أيضاً مع المخرجة وصانعة الأفلام السعودية هيفاء المنصور، التي أخرجت الفيلمين «وجدة» و«نساء بلا ظل»، حيث وفرت الشبكة منصة عالمية لفيلمها الذي تم إنتاجه باللغة الإنجليزية «نبالي ايفر أفتر».



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».