«داعش» يهاجم البيشمركة في 7 محاور ويحاصر مجددا آلاف الإيزيديين في جبل سنجار

الهجمات امتدت من ربيعة على الحدود السورية إلى قرتبة غربا

«داعش» يهاجم البيشمركة في 7 محاور ويحاصر مجددا آلاف الإيزيديين في جبل سنجار
TT

«داعش» يهاجم البيشمركة في 7 محاور ويحاصر مجددا آلاف الإيزيديين في جبل سنجار

«داعش» يهاجم البيشمركة في 7 محاور ويحاصر مجددا آلاف الإيزيديين في جبل سنجار

شهدت جبهات القتال بين قوات البيشمركة ومسلحي «داعش» أمس معارك ضارية، وذكرت مصادر عسكرية كردية أن التنظيم المتشدد شن منذ الساعات الأولى من فجر أمس هجوما موسعا على قوات البيشمركة في 7 محاور لكنه أرغم على الانسحاب.
وقال العميد سيد هزار نائب، آمر لواء الزيرفاني التابع لقوات البيشمركة في منطقة الخازر (50 كيلومترا غرب أربيل)، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأ مسلحو (داعش) فجرا بالهجوم على مواقع قوات البيشمركة في محور خازر وجبل زرتك المطل على ناحية بعشيقة، وقصفوا مواقعنا بالدوشكا وقذائف الهاون، ثم بدأوا بالهجوم من خلال عرباتهم المدرعة من نوع همفي، واندلعت اشتباكات عنيفة بيننا استمرت حتى منتصف الظهيرة، واستطاعت قواتنا ردهم وحرق الكثير من آلياتهم، وقتل العشرات من عناصر التنظيم، أما الباقون فلاذوا بالفرار إلى برطلة والقرى المحيطة بها».
أما في سنجار التي تستعد قوات البيشمركة لاستعادتها، فقد شن مسلحو «داعش» هجوما موسعا باتجاه المجمعات والمناطق التي تتواجد فيها قوات البيشمركة والمتطوعون الإيزيديون، من أجل السيطرة عليها. وقال محما خليل، النائب السابق في مجلس النواب العراقي، الذي يقود محور قوات البيشمركة في سنجار، لـ«الشرق الأوسط» إن «الظروف الجوية السيئة خلال الأيام الماضية حالت دون وصول التعزيزات العسكرية إلينا، كذلك طائرات التحالف الدولي لم تستطع شن غارات جوية بسبب حالة الطقس، لذا استغل تنظيم (داعش) هذه الأوضاع ليبدأ هجوما موسعا على مواقع قوات البيشمركة والمتطوعين الإيزيديين في جبل سنجار وجنوبه»، مضيفا أن التنظيم يحاصر الآن 10 آلاف إيزيدي في جبل سنجار وحوله وهناك خطر يحدق بآلاف الإيزيديين المحاصرين فهم معرضون لإبادة جماعية من قبل التنظيم مثلما حدث في أغسطس (آب) بقضاء سنجار. وتابع خليل: «نحن نقاتل التنظيم في عدد من المواقع في جبل سنجار، ونفد عتادنا والأغذية التي كانت بحوزتنا، ولا توجد أي عملية إغاثة لنا بسبب الطقس».
وفي معبر ربيعة الذي أعلنت قوات البيشمركة خلال الأسابيع الماضية السيطرة عليه، شن مسلحو التنظيم هجوما على مواقع القوات الكردية. وقال العميد هاشم سيتيي، آمر اللواء الثامن في قوات البيشمركة، إنه «من الساعة الثالثة فجرا بدأ تنظيم داعش بقصف مواقعنا بقذائف الهاون، ومن ثم تقدم انتحاريو التنظيم المشاة باتجاه سواترنا لتفجير أنفسهم واقتحام مواقعنا ومن ثم السيطرة على مفرق طريق ربيعة - سنجار الاستراتيجي، إلا أن قوات البيشمركة تصدت لهم بقوة، واستطاعت أن تقتل العشرات منهم، وما زالت جثثهم ملقاة على الأرض».
وفي ناحية قرتبة القريبة من قضاء كفري التابع لادار كرميان، في إقليم كردستان، شن مسلحو «داعش» هجوما صباح أمس للسيطرة على الناحية، وفي هذا الشأن قال مصدر في قوات البيشمركة في «هاجم تنظيم (داعش) أمس قرية تاتران التي تبعد نحو كيلومتر واحد من مركز الناحية، واستطاعوا السيطرة على القرية وإحدى نقاط التفتيش القريبة منها، وبدأوا بقصف الناحية بالمدفعية، الأمر الذي أدى إلى فرار أهالي الناحية»، مضيفا أن المعارك مستمرة بين قوات البيشمركة ومسلحي التنظيم.
وردا على سؤال حول توقيت الهجوم الموسع لتنظيم «داعش»، قال العميد هلكورد حكمت، الناطق الرسمي باسم وزارة البيشمركة في حكومة الإقليم، لـ«الشرق الأوسط» إن «ما نفذه (داعش) اليوم، (أمس) الهدف منه تحويل الأنظار إلى تحركه باتجاه الإقليم لكي يستطيع دخول بغداد»، مضيفا: «كذلك يريد التنظيم أن يحافظ على توازنه مع قوات البيشمركة، خاصة أن البيشمركة تعد لحسم الوضع والعودة إلى كافة المناطق التي سيطر عليها التنظيم قبل أشهر، وداعش يريد أن يبعدنا عن العمليات العسكرية التي أعددنا لها لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها بانشغالنا بهذه المعارك الصغيرة».
ويرى حكمت «أن اقتراب فصل الشتاء له تأثير على جبهات القتال، فالخطط التي يمكن تطبيقها في الأجواء الصحوة من الصعوبة أن تنفذ في أجواء ممطرة، فالأمطار تؤثر على الحركة إلى حد ما وكذلك على تحليق الطائرات أيضا، وخلال الأيام الماضية حالت الظروف الجوية دون تنفيذ الطائرات الدولية لهجماتها بالشكل المطلوب، لكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن هجماتنا لاستعادة كافة المناطق التي يسيطر عليها (داعش)». وتابع أن «الظروف الجوية لا تؤثر على قوات البيشمركة فقط بل تؤثر على مسلحي داعش أيضا».
بدوره قال اللواء صلاح فيلي الخبير العسكري في وزارة البيشمركة، بأن المعارك «قد تؤجل في بعض المناطق، كالطينية إلى ما بعد فصل الأمطار، لكن هناك برنامج لقوات البيشمركة للهجوم على (داعش) في عدة مناطق خلال الشتاء». ووصف هجمات «داعش» أمس بأنها «لم تكن قوية بل أراد فقط استعراض قوته، لكنه شن هجوما قويا في أطراف سنجار وتم صده».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.