رئيس اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب: تنسيق بين مؤسسات الدولة لوقاية الشباب من التطرف

رشاد بالطيب
رشاد بالطيب
TT

رئيس اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب: تنسيق بين مؤسسات الدولة لوقاية الشباب من التطرف

رشاد بالطيب
رشاد بالطيب

أورد رشاد بالطيب، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب والمدير العام السابق للأمن الوطني في تونس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزارات الداخلية والعدل والدفاع والمالية، وكل الوزارات المعنية بملفات التربية والتعليم والطفولة والشباب، تشارك بمسؤولين بارزين في مخططات الوقاية من التطرف والعنف السياسي ومكافحته، ومتابعة تطورات وضعية المتهمين بالإرهاب وسيناريوهات التحركات الإرهابية القادمة».
وكشف بالطيب الذي عين مؤخراً على رأس هذه اللجنة الوطنية التابعة لرئاسة الحكومة خلفاً للجنرال المتقاعد المختار بالنصر أن السلطات المالية والسياسية والقضائية التونسية قررت مؤخراً إعادة تجميد أموال 43 شخصية تونسية مشهورة متهمة بالتشدد وتبييض الأموال، في انتظار انتهاء التحقيقات معها بالتنسيق بين البنك المركزي والسلطات القضائية والأمنية المختصة في مكافحة تبييض الأموال والإرهاب. واعتبر رشاد بالطيب أن الخبرة التي اكتسبها عندما كان مديراً عاماً للأمن الوطني في وزارة الداخلية، وقبل ذلك عند ترؤسه مؤسسات أمنية، ستمكنه من تفعيل دور «المؤسسة الوطنية لمكافحة الإرهاب» التابعة لرئاسة الحكومة». وحمل بالطيب وزارات الشؤون الدينية والتربية والتعليم والطفولة والأسرة والشباب ومنظمات المجتمع المدني مسؤولية المشاركة في جهود وقاية الشباب من الغلو والتشدد والتطرف، ومن الانخراط في الجماعات المتهمة بالضلوع في العنف والجريمة المنظمة والإرهاب. وسجل رئيس اللجنة الحكومية لمكافحة الإرهاب على تداخل الأبعاد الثقافية والدينية والسياسية والأمنية في استراتيجية المؤسسة التي أسند تاليه رئاستها، في زمن «تعقدت فيه عالمياً وجهوياً الثغرات الأمنية والسياسية ومشاعر الحقد والعنصرية والتوظيف السلبي لدور الأديان والمذاهب والخصوصيات الثقافية والعرقية والجنسية». وحذّر رشاد بالطيب خلال مداخلة، قدمها في ندوة نظمتها وزارة الشؤون الدينية التونسية تحت عنوان «شباب ضد الإرهاب»، بمشاركة وزراء التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية والطفولة والشباب، من التهاون في برامج الوقاية من التطرف والإرهاب بأبعادهما الدينية والفكرية والثقافية والإعلامية والسياسية.
وأعلن أن اللجنة الوطنية التي تقوم منذ تأسيسها قبل 5 أعوام، بالتنسيق بين مختلف الوزارات في مجالات التربية والتثقيف والوقاية من الإرهاب، ثم مكافحته ميدانياً، مرشحة للعب دور أكبر في المرحلة المقبلة، مع تنوع المخاطر ببروز أعمال إرهابية في كل دول المنطقة.
وكشف بالطيب أن المؤسسات الأمنية التونسية واللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب تنسق مع المصالح الحكومية التونسية والأطراف المعنية بمستجدات العنف السياسي والإرهاب إقليمياً ودولياً ضماناً لنجاعة تحركاتها وتحيينها... بما في ذلك عبر تنفيذ قرار استبعاد المتطرفين الذين انقلبوا سابقاً على الأئمة الخطباء في الجوامع. من جهة أخرى، أعلن وزير الشؤون الدينية التونسي أحمد عظوم أن الـ6 آلاف جامع تونسي والخطباء المعينين فيها أصبحوا جميعاً تحت رقابة الوزارة، خلافاً لما كان عليه الوضع قبل أعوام. وقد تسببت الفوضى الأمنية ما بين 2011 و2014 في تنصيب مئات من الأئمة الخطباء من قبل مجموعات سلفية متشددة تمردت على الدولة لمدة أعوام، ما تسبب في انقلاب بعض المتطرفين على الأئمة الخطباء، وانفجار أحداث عنف ومواجهات، وفي غلق عدد من المساجد والجوامع. لكن أحمد عظوم حذّر في نفس الوقت من كل أشكال الغلو والتطرف التي تهدد الترويج للتأويل للفكر الإسلامي المعتدل، بما في ذلك «الفكر المتطرف المعادي لكل الأديان، ويخلط بين خطاب الأقليات المتطرفة دينياً، ومقاصد التشريع الإسلامي ومرجعياته المستنيرة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.