احتجاجات لبنان تنهي الجمود السياسي وتعيد إنتاج معارضة فعلية

الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي رئيس الوزراء سعد الحريري بقصر بعبدا في 19 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي رئيس الوزراء سعد الحريري بقصر بعبدا في 19 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات لبنان تنهي الجمود السياسي وتعيد إنتاج معارضة فعلية

الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي رئيس الوزراء سعد الحريري بقصر بعبدا في 19 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي رئيس الوزراء سعد الحريري بقصر بعبدا في 19 الشهر الحالي (أ.ف.ب)

هشّمت الاحتجاجات التي اندلعت في لبنان في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حال الجمود السياسي الذي كان قائماً منذ العام 2014 مع دخول عاملين أساسيين، أولهما الأزمة الاقتصادية التي فتحت على مصراعيها، ولا أفق لإعادة تثبيتها، وثانيهما تثبيت المحتجين لمعادلة جديدة قوامها تشكيل معارضة من خارج النظام، ستلزم السلطة بإعادة إنتاج معارضة من داخل المؤسسات بعد تدجينها بفعل التسويات السياسية.
وتعد النتيجة الثانية أبرز ما أنتجته التحركات الاحتجاجية التي كشفت عن ثغرة أساسية في النظام السياسي القائم. فمنذ العام 2014، ثبتت التسويات بين الأفرقاء مبدأ الشراكة في داخل النظام، وتكرست في الانتخابات الرئاسية في 2016 وبلغت ذروتها في حكومة ما بعد الانتخابات النيابية 2018، حيث باتت الحكومة نسخة مصغرة عن البرلمان لجهة تمثيل القوى السياسية فيها بحسب حجمها في المجلس النيابي، وهو ما ألغى المبدأ الذي تقوم عليه الأنظمة البرلمانية الديمقراطية، لجهة وجود أكثرية تحكم، وأقلية تعارض. وعليه، لعب الشارع دور المعارضة الملغاة في داخل النظام، وفرض نفسه مراقباً وضاغطاً، ما أسفر عن إسقاط الحكومة في الشارع، وانسحاب قوى سياسية من المشهد في الحكومة التي يجري التحضير لتأليفها لتتحول فعلياً إلى صفوف المعارضة.
وفيما كرر «حزب القوات اللبنانية» رفضه للمشاركة في أي حكومة، دافعاً باتجاه تأليف حكومة من الاختصاصيين تلبي مطالب المنتفضين، وتنهض بالبلاد من أزماتها الاقتصادية والمالية، بقي الرئيس سعد الحريري على موقفه لجهة تأليف حكومة من الاختصاصيين، مدفوعاً بدعم من «تيار المستقبل»، بحيث يتعزز دور البرلمان في مراقبة الحكومة. وإثر فشل المشاورات لتشكيل حكومة من الوزن السياسي الثقيل، على غرار الحكومات السابقة، أعلن «التيار الوطني الحر» عن توجهه لعدم المشاركة في الحكومة، والانحياز إلى صفوف المعارضة، رغم أن رئيس الجمهورية ميشال عون، المؤسس لـ«التيار الوطني الحر» سيحتفظ بحصة له في الحكومة.
في المقابل، تنازلت كل القوى السياسية عن مطالبها بتشكيل حكومات تشبه النماذج السابقة، تحت ضغط الشارع وضغط الأزمات الاقتصادية، وهو تغيير أساسي تحقق في الأزمة الأخيرة، رغم أن حكومات لا تتضمن تمثيلاً سياسياً بالحد الأدنى ستواجه تحديات كثيرة في ظل التركيبة السياسية اللبنانية وتوزع القوى في البرلمان. فأي حكومة تؤلف على قاعدة الخصومة الكاملة مع القوى السياسية، من الصعب أن تحظى بثقة البرلمان، ومن الصعب أيضاً أن يوافق البرلمان على مشاريع قوانين تقترحها، ومن ضمنها مشروع موازنة المالية العامة، وهو واقع يعرفه المحتجون الذي يراهنون على تغيير في نتائج الانتخابات عبر المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة.
وبينما يكافح الشارع للحفاظ على زخمه في الضغط لتحقيق مطالبه، يرزح السكان تحت ضغط اقتصادي كبير، يتمثل في إقفال الكثير من المؤسسات التي بلغ عددها في الشهر الأخير نحو 70 مؤسسة أبلغت وزارة العمل بالاستغناء عما يزيد على 1500 موظف، لترتفع نسبة البطالة، بحسب التقديرات، إلى 50 في المائة من القوى العاملة في البلاد.
وترافقت تلك التطورات مع تدني القدرة الشرائية وإجراءات مصرفية تواكب التحديات المستجدة، وأبرزها تراجع تدفق التحويلات الأجنبية والودائع الأجنبية المالية. وشهدت البلاد ندرة في توافر الدولار إثر إجراءات اتخذتها المصارف لتقليص التداول بالعملة الصعبة، وهو ما رفع سعر الدولار في السوق الموازية 25 في المائة من قيمته الفعلية، ما انعكس على أسعار السلع. وتفاوت ارتفاع الأسعار بين سلعة وأخرى، وبين تاجر وآخر. وبالمجمل ارتفعت أسعار بعض السلع بنسبة 40 - 60 في المائة، وأسعار أخرى بنسبة 100 في المائة. واستغل التجار الوضع الراهن في لبنان، حيث أقدم بعضهم على تبديل أسعار السلع مرات كثيرة خلال فترة الـ15 يوماً الأخيرة، ولم يعد يلتزم بعضهم بهوامش الأرباح، ما أسهم في تفلت الأسعار في السوق.
وارتفعت تكلفة الفوائد على الشركات من 7.5 إلى 12 في المائة، والرسوم على الدفع بالبطاقة الائتمانية، التي كانت تتراوح تكلفتها على المحال التجارية بين 0.85 و1.25 إلى 2 في المائة، ومن ثم فرض 3 في المائة كرسوم جمركية على مواد استهلاكية مستوردة، وفرض رسم جمركي تراوح بين 10 و20 في المائة على بعض المواد المستوردة الأخرى.
هذه الوقائع دفعت باتجاه شكل جديد من الحكم سيتمثل في الحكومة الجديدة التي ستتضمن اختصاصيين يتولون الحقائب الوزارية الأساسية ويساهمون في النهوض بالبلد، ويعزز وجودهم ثقة المجتمع الدولي بلبنان، تمهيداً لمرحلة أخرى في العام 2020 تحمل آمالاً كثيرة بالنسبة للبنانيين. لكن هذه الآمال ستكون مشروطة. فقد حدد المجتمع الدولي شكلها، إذ أكدت «مجموعة دعم لبنان» التي انعقدت في باريس في 11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن المحافظة على استقرار لبنان وأمنه واستقلاله السياسي تتطلب تشكيل حكومة فاعلة وذات صدقية وقادرة على الاستجابة لتطلعات جميع اللبنانيين، وتتوافر لها الإمكانيات لإطلاق حزمة الإصلاحات الاقتصادية، وأن تكون ملتزمة سياسة النأي بالنفس عن التوترات والأزمات الإقليمية. ودعت المجموعة إلى أن ترى هذه الحكومة النور في أسرع وقت.
وإلى جانب المساعدات العاجلة التي يمكن أن ترسل إلى حكومة موثوقة لتخفيف الأزمة الاقتصادية، ستدفع حكومة تطمئن المجتمع الدولي، إلى تنفيذ مقررات «سيدر» الذي سيضخ نحو 13 مليار دولار على شكل مشاريع متوسطة وبعيدة الأمد تعيد تشغيل العجلة الاقتصادية وتضخ أموالاً بالعملة الصعبة في البلاد.
الرهان الثاني في 2020 سيكون على الأرقام التي ستتمخض عن حفر أول بئر للغاز في البلوك رقم 4 في المياه الاقتصادية اللبنانية، حيث سيبدأ تحالف الشركات الثلاث (توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتيك الروسية) بحفرها مطلع العام، ومن المتوقع أن تصدر نتائجها بعد 60 يوماً. فوجود غاز أو نفط في المياه الاقتصادية اللبنانية، من شأنه أن يرفع قيمة السندات السيادية اللبنانية ويزيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وهو ما يراهن عليه لبنان، بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط».
أما أزمة وجود الدولار النقدي في الأسواق، فهي تحد آخر، لا يرتبط بالأزمات المحلية فقط، بل يتعداها إلى أزمات إقليمية. وتقول مصادر مصرفية إن العملة الصعبة الورقية «قليلة في الأسواق الآن»، وهناك «إجراءات استثنائية تتخذها المصارف، تتمثل في إعطاء الناس حاجاتها، وإتاحة المعاملات المصرفية عبر الشيكات والبطاقات الائتمانية»، لافتة إلى تحول الورقة النقدية بالعملة الصعبة (الدولار) إلى «سلعة يتم تداولها والاتجار بها عبر الصرافين بغياب رقابة قوانين حماية المستهلك». ولا تنفي المصادر أن تحول العملة الصعبة إلى سلعة، أدى إلى استفادة التجار السوريين منها عبر تهريبها إلى الداخل السوري الذي يعاني من أزمة الدولار إثر العقوبات عليه.
ورغم المخاوف من إجراءات مصرفية قاسية بحق المودعين، تنفي مصادر مصرفية ذلك، مؤكدة أن المصارف اللبنانية «تمتلك خارج لبنان 21 مليار دولار، بينها 9.5 مليار على شكل ودائع يمكن إحضارها كسيولة إلى البلاد، وقد طالبها حاكم مصرف لبنان بذلك لتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي وزيادة الملاءة بالعملة الصعبة وضخها بالأسواق».
ويراهن اللبنانيون على تغييرات سياسية تعزز ثقة المجتمع الدولي بلبنان، لتغيير إجراءات اعتمدتها المصارف عموما وهي تدابير أكثر تشددا تمثلت في تقييد التحويلات إلى الخارج المشروطة بتوفر السيولة لدى المصرف والتوقيت الذي يحدده لإمكانية التنفيذ. وتم خفض السقوف بحيث لا تتجاوز 500 دولار أسبوعيا كحد أقصى، كما أن أغلب المصارف يمنع تنفيذ أي سحوبات من الودائع المربوطة بأجل قبل الاستحقاق، بعدما كان متاحاً التصرف بنسبة 10 في المائة من إجمالي المبلغ.



جون ماهاما... «العائد» إلى الحكم في غانا يراوغ التحديات

خلال فترة رئاسة ماهاما الأولى بين 2012 و2017 شهدت غانا تحوّلات مهمة كان أهمها بناء ديمقراطية أكثر حيوية ونشاطاً
خلال فترة رئاسة ماهاما الأولى بين 2012 و2017 شهدت غانا تحوّلات مهمة كان أهمها بناء ديمقراطية أكثر حيوية ونشاطاً
TT

جون ماهاما... «العائد» إلى الحكم في غانا يراوغ التحديات

خلال فترة رئاسة ماهاما الأولى بين 2012 و2017 شهدت غانا تحوّلات مهمة كان أهمها بناء ديمقراطية أكثر حيوية ونشاطاً
خلال فترة رئاسة ماهاما الأولى بين 2012 و2017 شهدت غانا تحوّلات مهمة كان أهمها بناء ديمقراطية أكثر حيوية ونشاطاً

في أسرة سياسية بغرب أفريقيا، تفتحت عيناه للمرة الأولى، وخبر السياسة منذ نعومة أظافره، وتعلّمها إبّان دراسته وعمله أستاذاً للتاريخ، لكن مسيرته تعرّضت لهزة في منتصف عمره، حينما سلك المنفى طريقاً للنجاة. إنه جون ماهاما، الذي لم يجد في المنفى عنوانه، فعاد إلى بلده غانا بعد سنوات من التعليم، وصعد إلى السلطة خلال 28 سنة، من برلماني لوزير، فنائب رئيس ثم رئيس، وبعد مغادرته المنصب، عاد تحت ضغوط اقتصادية رئيساً لفترة ثانية. ماهاما رئيس حزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي» (يسار الوسط) المعارض، فاز بانتخابات الرئاسة في 7 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على مرشح الحزب الحاكم محمودو باووميا، ليعود إلى قصر الحكم في ولاية ثانية على رأس البلد الأفريقي الغني بالذهب والكاكاو، والذي كان تحت قيادة كوامي نكروما «رائد» الحركة الاستقلالية في «أفريقيا السمراء» عن الاستعمار الأوروبي.

وُلد جون دراماني ماهاما يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1958 في بلدة دامونغو بمنطقة بولي في النصف الشمالي من غانا، آنذاك، وهو ينتمي إلى شعب الغونجا. أما والده، إيمانويل أداما ماهاما، فكان مزارعاً ميسوراً وعضواً في البرلمان عن دائرة غرب غونجا، وشخصية مقربة من الزعيم التاريخي الاستقلالي كوامي نكروما.

جون أمضى السنوات الأولى من حياته مع والدته، أبيبا نابا، في دامونغو، قبل أن ينتقل إلى العاصمة أكرا؛ ليعيش مع والده، الذي غرس فيه شغفاً قوياً بالتعليم. وفي أكرا تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة أشيموتا الأساسية، وانتقل لاحقاً إلى مدرسة غانا الثانوية في مدينة تامالي بشمال البلاد. ثم حصل من جامعة غانا، كبرى جامعات البلاد، على درجة بكالوريوس الآداب في التاريخ عام 1981، وبعد ذلك درّس التاريخ في مدرسة غانا الثانوية. إلا أن الوضعَين السياسي والاقتصادي في غانا أجبراه على الفرار إلى نيجيريا، حيث عاد إلى والده الذي كان يعيش في المنفى.

لاحقاً، عام 1983 عاد جون إلى غانا؛ حيث التحق ببرنامج الدراسات العليا في قسم دراسات الاتصال بجامعة غانا، وتخرج عام 1986، ثم توجه إلى الاتحاد السوفياتي السابق، حيث أكمل دراساته العليا في علم النفس الاجتماعي بمعهد العلوم الاجتماعية المرموق في موسكو عام 1988. وبعد التخرج عاد إلى الوطن، حيث دخل معترك السياسة عام 1996، وانضم إلى حزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي» (NDC) - حزب اليسار الرئيس في البلاد - ولاحقاً انتُخب لعضوية البرلمان الغاني نائباً عن دائرة بولي - بامبوي لمدة 4 سنوات، وأُعيد انتخابه في انتخابات عامَي 2000 و2004.

الطريق نحو الحكم

خلال هذه الفترة البرلمانية، تولّى جون ماهاما منصب نائب وزير الاتصالات في عام 1997، وشغل منصب وزير الاتصالات بين عامي 1998 و2001. وخلال مرحلة تولّيه وزارة الاتصالات، لعب ماهاما دوراً رئيساً في استقرار وتطوير قطاع الاتصالات في غانا. وصار ناطقاً باسم المعارضة البرلمانية من عام 2001 حتى 2005 قبل أن يترشح نائباً للمرشح الرئاسي جون إيفانز أتا ميلز عام 2008، ويصبح نائباً للرئيس بالفعل في عام 2009.

بعدها، في يوليو (تموز) 2012، خلف ماهاما الرئيسَ أتا ميلز، الذي توفي قبل انتخابه في ديسمبر 2012 رئيساً لولاية ثانية، وبذا دخل التاريخ بصفته أول رئيس يولد بعد إعلان استقلال غانا في 6 مارس (آذار) 1957.

إنجازات

خلال فترة رئاسة ماهاما الأولى بين 2012 و2017 شهدت غانا تحوّلات مهمة، كان أهمها بناء ديمقراطية أكثر حيوية ونشاطاً. ووفق سيرته الذاتية، عام 2012، كان رصيد غانا في «مؤشر الديمقراطية» 6.02، محتلةً المرتبة الـ78 في العالم. ولكن عام 2016 عندما ترك منصبه كان رصيد غانا 6.75، ما وضعها في المرتبة الـ54 على مستوى العالم، ما صنّفها خامس أكثر الدول ديمقراطيةً في أفريقيا.

أيضاً، كان ترتيب غانا بالنسبة للمساواة بين الرجال والنساء في المرتبة الـ71 على مستوى العالم عام 2012، إلا أنها تقدمت تحت رئاسته إلى المرتبة الـ59 عام 2016. وفي السياق ذاته، إبان رئاسة ماهاما، وصل ترتيب غانا على صعيد حرية الصحافة إلى المرتبة الـ26 عام 2016، بعدما سجل ترتيبها في 2021 المرتبة الـ41، وانخفضت معدلات البطالة من 3.6 في المائة عام 2012 إلى 2.3 في المائة عام 2016. وكذلك انخفض مؤشر التفاوت بين البشر من 31.9 في المائة عام 2012 إلى 28.8 في المائة عام 2016، كما انخفض التفاوت في التعليم من 40.9 في المائة عام 2012 إلى 34.9 في المائة عام 2016.

وحقاً، تؤكد السيرة الذاتية لجون ماهاما أن رئاسته الأولى بين من عام 2012 وعام 2016، حملت لغانا «تحوّلاً حقيقياً». إلا أنه مع ذلك خسر الانتخابات الرئاسية أمام منافسه اليميني نانا أكوفو أدو، الذي استمر في الحكم ولايتين متتاليتين، مدة كلٍ منهما 4 سنوات.

ولكن، بما أن الدستور الغاني يمنع منح الرئيس أكثر من ولايتين، قرّر الرئيس المنتهية ولايته مضطراً التنحّي جانباً وترشيح ودعم نائبه محمودو باووميا، لخوض السباق مع 11 مرشحاً آخر. غير أن ماهاما استطاع هذه المرة - من باب زعامته للمعارضة على مدار سنوات - استغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ومنها ارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، ليهزم مرشح الحزب الحاكم وينتصر... بعد محاولتين سابقتين باءتا بالفشل.

وهكذا، يوم 9 ديسمبر الماضي، أعلنت مفوضية الانتخابات في غانا، فوز جون ماهاما في الانتخابات الرئاسية، إذ حصل على 56 في المائة من الأصوات، مقارنة بمرشح الحزب الحاكم ونائب الرئيس محمودو باووميا، الذي حصل على 41 في المائة. وأظهرت النتائج أن نسبة المشارَكة في الانتخابات بلغت 60.9 في المائة، انخفاضاً من 79 في المائة في انتخابات 2020.

دور الاضطراب الاقتصادي

لقد أنهت العودة الساحقة لجون ماهاما 8 سنوات في السلطة للحزب الوطني الجديد تمثلت بعهد الرئيس السابق نانا أكوفو أدو، الذي اتسمت ولايته الأخيرة بأسوأ اضطراب اقتصادي عرفته غانا منذ سنوات، وبخطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي وسط تخلفها عن سداد ديونها. وبالفعل، أقرَّ باووميا بالهزيمة في الانتخابات - الرئاسية والتشريعية - وأعلن خلال مؤتمر صحافي، قبل الإعلان الرسمي للنتيجة، أن شعب غانا صوَّت من أجل التغيير، وهو يحترم قراره.

تعهدات غانية

هنا تجدر الإشارة إلى أن الرئيس ماهاما كان قد تعهد في أثناء حملته الانتخابية، «بإعادة ضبط» أوضاع البلاد على مختلف الأصعدة. وقال في خطاب له إن النتائج تحمل «لحظة أمل ووحدة»، لافتاً إلى أن الانتقال من إدارة إلى أخرى يخلق انطباعاً بوجود فراغ في السلطة. ثم ذكر أنه تلقى تقارير عن وقوع هجمات على مكاتب ومنشآت حكومية. وأردف: «مع أنه ليس من الواضح مَن يقف وراء هذه الهجمات، فإنني أدينها بكل وضوح. ولا بد أن تتوقف هذه الأعمال على الفور». وتابع: «بما أن السلطة في الدولة لا تزال في أيدي الإدارة الحالية، فإنني أدعو الرئيس الحالي والأجهزة الأمنية إلى التحرك بشكل حاسم للحد من أعمال الفوضى المستمرة».

ومن ثم، كشف الرئيس المنتخب، في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، عن أنه زار الرئيس السابق بناءً على دعوته لبدء عملية الانتقال للسلطة.

تحديات جمة

أخيراً، مع عودة جون ماهاما للرئاسة، تُسلط الأضواء على تحديات ولايته التي كانت تحاط بأزمات أبرزها في قطاع الكهرباء والانقطاعات المتكررة للتيار حينذاك. وفعلاً يتوقع كثيرون أن تنتظره معارك سياسية مع تمسكه بتشريع يحمل قيوداً بشأن التنقيب الأهلي عن الذهب بطريقة غير قانونية، والتوقّف الفوري عن منح أي تراخيص جديدة للمنقّبين، في بلد يصنف أكبر منتج للذهب في أفريقيا، ما يثير مخاوف إثر اعتماد قطاعات واسعة من السكان على ذلك النشاط.واقتصادياً، وعد «بإعادة ضبط» غانا، وإطلاق انتعاش اقتصادي، وإعادة التفاوض على أجزاء من اتفاق صندوق النقد الدولي الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار. وللعلم، ضم خطاب الفوز، وعداً من ماهاما بإجراء تعديلات وإجراءات «صارمة» لإعادة غانا إلى المسار الصحيح.