رئيس الأركان الإسرائيلي: إيران تعمل ضد العالم العربي أكثر مما تعمل ضد إسرائيل

TT

رئيس الأركان الإسرائيلي: إيران تعمل ضد العالم العربي أكثر مما تعمل ضد إسرائيل

أطلق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، تصريحات حول الأوضاع الإقليمية والتهديدات الحربية، فقال خلال مؤتمر في المركز الأكاديمي المتعدد المجالات في مدينة هرتسيليا، أمس (الأربعاء)، إنه توجد «فرصة» للتوصل إلى تهدئة مع «حماس» في قطاع غزة، رغم أن احتمالات نشوب حرب, مرتفعة.
وقال كوخافي، إن إيران اليوم هي العدو، لكنها تعمل ضد دول الخليج العربي وغيرها من الدول العربية، أكثر مما تعمل ضد إسرائيل. وأضاف: «(فيلق القدس) في الحرس الثوري الإيراني، ينقل أسلحة متطورة إلى العراق شهرياً، ولا يمكننا أن نسمح بحدوث هذا الأمر». وتابع: «نقل الأسلحة للعراق يتم فيما تدور حرب أهلية في العراق. ونشاط هذا الفيلق هناك، يجعل من العراق منطقة تخلو من القدرة على الحكم». ووصف الوضع الإقليمي قائلاً: «إن جميع الجبهات ضد إسرائيل نشطة اليوم. وفي الأشهر الأخيرة لم تخلُ جبهة واحدة من إنذارات آنية، تعيّن علينا التعامل معها. بعضها بصورة مكشوفة لكم ولمن يتعامل أو متيقظ تجاه الشؤون الأمنية، وبعضها الآخر سري. وقد أضيفت جبهات أخرى جديدة علينا. ومن جهتنا، نبذل جهداً كبيراً، مكشوفاً وسرياً، من أجل عدم السماح لأعدائنا بحيازة سلاح دقيق، حتى بثمن مواجهة. وإيران تواصل، إلى جانب القيود على البرنامج النووي، في إنتاج صواريخ تصل إلى أراضينا وضاعفت كمية اليورانيوم المخصب بحوزتها».
وتحدث كوخافي عن نشوب حرب في المستقبل، وقال إنه «في الشمال أو مع (حماس)، الحرب هي الملجأ الأخير. وفي الحرب القادمة ستكون قوة النيران على الجبهة الداخلية (الإسرائيلية) كبيرة. ويتعين على السلطات المدنية الاستعداد لذلك، وينبغي الاستعداد لذلك نفسياً أيضاً. فهنالك عدد كبير من الصواريخ والقذائف التي بمعظمها ما زالت غير دقيقة. وهي لن تصيب بدقة الموقع الذي يريد العدو استهدافه، لكن لأنهم يخططون لإطلاقها على مناطق مكشوفة والمدن المركزية، فإن لديها مفعولاً وتحدِث أضراراً. وإسرائيل تتعامل مع مخاطر إطلاقها بأساليب كثيرة جداً. وأقول من الآن، في الحرب القادمة سنهاجم المدن بقوة شديدة. فالعدو اختار التموضع هناك لإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل منها. وخلافاً للعدو، الذي يوجه نحو المدنيين، فإننا سنهاجم بالاستناد إلى المعلومات الاستخبارية. وسنحذرهم، ونسمح لهم بالجلاء وبعد ذلك مباشرة سنهاجم بشدة. وعلى الدولة التي تستضيف منظمة إرهابية أن تعلم أنها تتحمل مسؤولية. والمسؤولية تقع على حكومة لبنان و(حماس) وسوريا».
لكن كوخافي اعتبر الوضع مع «حماس» فرصة. فقال: «في الوقت الذي أقف فيه هنا وأتحدث إليكم، توجد فرصة. فقد عادت (حماس) إلى إملاء الأجندة في القطاع. إسرائيل موجودة في مسار تهدئة، بمساعدة مصر، تقضي بتقديم تسهيلات غير قليلة للمدنيين مقابل تحسين الوضع الأمني في قطاع غزة، بشكل ملحوظ. هذه هي سياسة الحكومة الإسرائيلية ونحن في الجيش نؤيدها. لكن علينا الاعتراف في الوقت ذاته، بأنه بقدر ما توجد فرصة، فإنها هشة أيضاً. ويتعين على الجانبين أن يعرفا كيف يستغلان هذا الوقت الخاص جداً، إلى جانب عدم نسيان شاؤل أورون وهدار غولدين (وهما الجنديان المحتجزة جثتاهما في غزة)، فينبغي أن نهتم بهما وإعادتهما، وليس فقط اعتبارات الأمن لدولة إسرائيل».
وتطرق كوخافي إلى مجزرة عائلة السواركة التي ارتكبها جيشه في دير البلح خلال العدوان الأخير الذي شنه عقب اغتيال القيادي العسكري في الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا. وقال: «لقد حققنا لساعات طويلة لماذا قُتل مواطنون أبرياء. ووجدنا أن المشكلة تكمن في المواقع التي يقيمها (حماس) و(الجهاد)، وغيرهما في مناطق مأهولة. نحن نحاول الحذر ومهاجمتها بشكل جراحي دقيق بقنبلة زنتها نصف طن، هذا تحدٍ كبير جداً. ويمكن أن تحدث أخطاء، مثلما حدث لنا لأسفي خلال عملية حزام أسود، حيث قُتل مواطنون كثيرون في إحدى الهجمات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.