السودان يجيز أول ميزانية للحكومة الانتقالية غداً

وسط جدل حول رفع الدعم عن المحروقات

لا يزال أصحاب الأعمال غير قادرين على الاستثمار في مرافقهم لأن الدولة ليست جزءاً من النظام المصرفي العالمي ولا يمكنهم إجراء تحويلات مالية (أ.ف.ب)
لا يزال أصحاب الأعمال غير قادرين على الاستثمار في مرافقهم لأن الدولة ليست جزءاً من النظام المصرفي العالمي ولا يمكنهم إجراء تحويلات مالية (أ.ف.ب)
TT

السودان يجيز أول ميزانية للحكومة الانتقالية غداً

لا يزال أصحاب الأعمال غير قادرين على الاستثمار في مرافقهم لأن الدولة ليست جزءاً من النظام المصرفي العالمي ولا يمكنهم إجراء تحويلات مالية (أ.ف.ب)
لا يزال أصحاب الأعمال غير قادرين على الاستثمار في مرافقهم لأن الدولة ليست جزءاً من النظام المصرفي العالمي ولا يمكنهم إجراء تحويلات مالية (أ.ف.ب)

ناقش مجلس الوزراء السوداني، تقرير اللجنة المصغرة الخاصة بدراسة رفع الدعم التدريجي عن الوقود في موازنة 2020، قبل إجازتها غدا الخميس. وقال المتحدث باسم الحكومة، فيصل محمد صالح في تصريحات صحافية، إن مجلس الوزراء، عقد اجتماعين بمشاركة 6 وزراء وخبراء من وزارة المالية بغرض تقييم الموازنة الموضوعة قبل إصدار القرارات النهائية بشأن الموازنة.
وأضاف صالح أن «الوزراء قدموا ملاحظات عديدة حول التقرير»، وأشار إلى أن المجلس سيعقد اجتماعا نهائيا لإجازة الشكل النهائي للموازنة غدا الخميس، ومن ثم عرضها على الإعلام والمواطنين.
وكانت قوى إعلان الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، أكدت عدم وجود أي اتجاه لرفع الدعم عن المحروقات والخبز في الموازنة. وفي هذا الصدد، قال صالح إن المجلس سيأخذ بعين الاعتبار رؤية قوى إعلان الحرية والتغيير.
وشكل مجلس الوزراء يوم الأحد الماضي لجنة مصغرة، لمناقشة خيارات رفع الدعم الذي تقدمه الدولة للمحروقات.
واقترحت الموازنة رفع الدعم عن البنزين والجازولين بصورة متدرجة، واستثناء دقيق القمح، على أن يقابله رفع أجور العاملين بالدولة، وزيادة الدعم الاجتماعي للفئات الهشة، إضافة إلى زيادة الإنفاق على التعليم والصحة في الموازنة.
وشهد السودان في عام 2013 احتجاجات واسعة إبان النظام المعزول بسبب رفع الدعم عن المحروقات، أوقعت نحو مائتي قتيل.
وتعهد مجلس الوزراء، بإجراء حوارات مع كل فئات المجتمع والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة حول خطوة رفع الدعم التدريجي.
وأوصى تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، الحكومة الانتقالية، بتحرير سعر الصرف والإلغاء التدريجي لدعم الوقود، وزيادة الدعم الاجتماعي.
وأشار التقرير الذي أعده خبراء الصندوق عقب زيارة للسودان في الفترة من 4 إلى 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي إلى أن الأوضاع الاقتصادية في السودان لا تزال صعبة، في ظل استمرار العجز في الموازنة وارتفاع التضخم، في مقابل ضعف فرص الحصول على التمويل الخارجي.
ولم يخف التقرير التحديات الجسيمة التي تواجه الحكومة الانتقالية في السودان المتمثلة في الانكماش الاقتصادي، واختلالات كبيرة في المالية العامة والحسابات الخارجية، وارتفاع التضخم وتدني قيمة العملة، وضعف القدرة التنافسية.
بيد أن فريق الخبراء أشار إلى أن التغيير الذي حدث في السودان يتيح فرصة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تعالج الاختلالات الاقتصادية الكلية الكبيرة وتخلق الظروف الملائمة لتحقيق نمو اقتصادي مستمر.
وقال التقرير إن الحكومة الانتقالية في السودان حققت تقدماً ملموساً في وضع حزمة من الإصلاحات الشاملة وشرعت في إقامة حوار جماهيري، كما أجرت مناقشات صريحة ومثمرة مع فريق الصندوق حول أهم التحديات في الفترة المقبلة.
ومن ناحية ثانية، رحب صندوق النقد بتفاعل السلطة الانتقالية مع الشركاء الدوليين لتأمين الدعم الشامل لعملية تخفيف الديون وشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقال إن التقدم في هذه المسارات سيمهد الطريق لجذب الاستثمار الأجنبي والحصول على التمويل اللازم للنمو والحد من الفقر.
وأشار بيان الصندوق إلى أهمية «توسيع شبكة الأمان الاجتماعي وتركيز مساعداتها في البداية، سيكونان عاملين أساسيين للمساعدة على تخفيف وطأة الإصلاحات التي قد تكون صعبة على شرائح المجتمع الضعيفة». موضحا أن فرص التمويل الخارجي المحدودة لا تزال تشكل قيدا على الاقتصاد، «فالمتأخرات الكبيرة تمنع الحصول على التمويل من المانحين الدوليين، بينما تظل آفاق الحصول على تمويل خارجي كبير من المانحين الثنائيين محاطة بعدم اليقين».
والسودان في حالة مديونية حرجة، وهو مؤهل لتخفيف الديون في ظل المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون («هيبيك»). وقد ألغيت العقوبات الأميركية على التجارة والتدفقات المالية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، لكن السودان لا يزال مدرجا في قائمة الدول الراعية للإرهاب (SSTL)، مما يعوق التقدم نحو تخفيف ديونه في ظل مبادرة «هيبيك» وسداد متأخرات الديون المستحقة عليه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ضخامة الدين الخارجي والمتأخرات تعوقان الحصول على تمويل خارجي وتفرضان عبئا ثقيلا على التنمية، بحسب الصندوق.



الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.