مشروع إصلاح قانون الصحافة والنشر في المغرب يخلو من العقوبات السالبة للحرية

جرى أمس في مدينة طنجة المغربية تقديم مشروع إصلاح قانون الصحافة والنشر في المغرب للتشاور بشأنه عن طريق فتح نقاش عمومي يمتد شهرا، وينتهي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام.
ويتميز مشروع القانون الذي قدمه مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، بكونه يخلو لأول مرة من العقوبات السالبة للحرية. وقال الخلفي إن مشروع إصلاح مدونة (قانون) الصحافة والنشر هو جزء من مسار إصلاحات متعددة، وتنزيل لأحكام الدستور المتعلقة بتعزيز وإرساء ضمانات حرية الصحافة، وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة، وجعل القضاء فاعلا أساسيا لضمان الممارسة الصحافية الحرة.
وأوضح الخلفي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن مشروع القانون الجديد يهدف أيضا إلى الاعتراف القانوني بحرية الصحافة الإلكترونية، وإرساء ضمانات احترام استقلالية المؤسسات الصحافية، وإقرار آليات عملية لاحترام أخلاقيات المهنة عبر مجلس وطني منتخب، وأيضا تشجيع الاستثمار والمبادرة في قطاع الإعلام من أجل استيعاب التحولات التكنولوجية، وحماية حقوق الأفراد والمجتمع. وأشار الخلفي إلى أن هذا الإصلاح في منظومة الصحافة والنشر يوازيه اعتماد عقد برنامج لدعم تحديث واستقلالية المقاولة الصحافية، وإطلاق برنامج لدعم القدرات الصحافية واللغوية مع النقابة الوطنية للصحافة وهيئة الناشرين بموازنة قدرها 65 مليون درهم (الدولار يساوي 8.4 درهم) بالنسبة لعقد البرنامج، وثلاثة ملايين درهم لبرنامج دعم القدرات والتكوين.
وكشف الخلفي أنه موازاة مع ذلك جرى إرساء آلية ليقظة وتلقي الشكاوى بخصوص حالات الاعتداء التي يتعرض لها الصحافيون وحمايتهم منها، وتكليف المفتش العام لوزارة الإعلام بذلك، والتنسيق مع وزارة العدل والحريات.
وركز مشروع إصلاح مدونة الصحافة والنشر بالمغرب على سبعة محاور تهم «تعزيز ضمانات الحرية في ممارسة الصحافة»، و«حماية حقوق وحريات المجتمع والأفراد»، و«جعل القضاء سلطة حصرية في قضايا الصحافة وتقوية دوره في حماية حرية الصحافة»، و«تعزيز حرية الصحافة الإلكترونية»، و«تشجيع الاستثمار وتطوير مقتضيات الشفافية»، و«تحديد الحقوق والحريات بالنسبة للصحافي»، و«تعزيز استقلالية الصحافي والمؤسسة الصحافية».
ويتضمن محور تعزيز ضمانات الحرية في ممارسة الصحافة «إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بغرامات معتدلة»، وبينما وردت في قانون الصحافة والنشر الحالي عبارتا «سجن» أو «الحبس» 24 مرة، وفي 21 فصلا، فإنه جرى إلغاء العقوبات الحبسية من المشروع الجديد، في حالات مؤثرة على حرية الصحافة من قبيل «ما يتعلق بالقذف والسب، وحالة العود، ونشر أو إذاعة أو نقل بحسن نية لنبأ زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة للغير»، و«التنصيص على الأخذ بحسن النية في تقدير التعويض على الضرر»، حيث جرى «اعتماد المعايير الدولية في قضايا القذف»، والتنصيص على «مساطر تعطي ضمانات للصحافي، ولا تقيده بتقديم أدلة لصحة واقعة القذف بأجل زمني، مع التنصيص على أن المحكمة تأخذ بحسن النية عند تقدير التعويض على الضرر، واعتماد معايير لتقدير التعويض المترتب في حالة المس بالحياة الخاصة للأفراد في واقعة القذف»، و«تمكين الصحافي من تقديم أدلة الإثبات طيلة مراحل الدعوى». بالمقابل فإن القانون الحالي يجعل أمر تمكين المتهم بالقذف بالإدلاء بما يثبت صحة الواقعة محصورا فقط خلال 15 يوما الموالية لاستدعائه للحضور إلى المحكمة»، و«ضمانات الحق في الحصول على المعلومة وإقرار الجزاء في حالة الرفض غير الموضوعي». وينص محور حماية حقوق وحريات المجتمع والأفراد، على «منع التحريض على الكراهية والتمييز والعنف»، بـ«التنصيص على منع التحريض المباشر على الكراهية أو التمييز العنصري أو الجنسي أو التحريض على الإضرار بالقاصرين، وكذا محاربة الصور النمطية السلبية للمرأة، أو الإشادة بالإرهاب والتحريض عليه»، و«حماية الحياة الخاصة والحق في الصورة»، و«وضع مقتضيات تخص الإشهار (الإعلان) لحماية الفرد والمجتمع»، عبر «منع كل إشهار يسيء لصورة المرأة والنشء وللأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والإشهار المحرض على التمييز بسبب اللون أو الدين أو الجنس، والإشهار المروج لمنتوجات تضر بالسلامة الجسدية والعقلية للقاصرين خاصة»؛ و«احترام قرينة البراءة وضمان الولوج إلى المعلومة القضائية»، و«وضع آليات عملية لإقرار احترام أخلاقيات المهنة»، و«وضع شروط لإعمال مبدأ حسن النية في القذف والسب»، و«إرساء آلية للوساطة في نزاعات الصحافة عبر المجلس الوطني للصحافة»، و«ضمان تمثيلية المجتمع المدني في تركيبة المجلس الوطني للصحافة»؛ و«تمكين المشتكي من تقديم أدلة الإثبات طيلة مراحل الدعوى».
ويتضمن محور جعل القضاء سلطة حصرية في قضايا الصحافة وتقوية دوره في حماية حرية الصحافة، أن يكون «القضاء الجهة الوحيدة والحصرية المختصة بتلقي تصريحات إصدار الصحف»؛ وجعل «الإيقاف والحجب والحجز حصريا بيد القضاء»، حيث إن «إيقاف مطبوع دوري أو حجب موقع صحيفة إلكترونية يجري بمقرر من القضاء، كما أن حجز مطبوع دوري يصدر بقرار قضائي استعجالي»؛ و«نشر أحكام إدانة الصحافيين مرتبط بطلب المشتكي وبمقرر قضائي»، و«العمل بالقضاء الجماعي في قضايا الصحافة»، حيث جرت «الاستجابة إلى المطلب القاضي بالنص على إجراء المحاكمات المتعلقة بقضايا الصحافة في إطار القضاء الجماعي من دون القضاء الفردي كما يجري في بعض الحالات، وذلك تعزيزا لمبدأ النزاهة وتوسيعا للضمانات المكفولة للصحافيين في هذا الجانب».
ويسعى محور تعزيز حرية الصحافة الإلكترونية إلى «الاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية وتمكينها من شروط الممارسة الصحافية الحرة»؛ و«النص على أن حرية خدمات الصحافة الإلكترونية مكفولة للجميع»، و«تمكين الصحف الإلكترونية من رخص التصوير». ويسعى محور تشجيع الاستثمار وتطوير مقتضيات الشفافية إلى «إرساء ضمانات حرية المبادرة وتشجيع الاستثمار في قطاع الإعلام والصحافة»؛ و«تطوير مقتضيات الشفافية في تدبير المقاولات الصحافية»؛ و«إقرار إلزامية الدعم العمومي للصحف وفق مبادئ تكافؤ الفرص والحياد ودعم التعددية وتشجيع القراءة».